لبنان: خطف متبادل بين سنة البقاع وشيعته إثر اختطاف مهرب مازوت

مفتي بعلبك ينفي أن تكون الخلفيات سياسية أو طائفية

TT

شهدت منطقة البقاع شرق لبنان توترا أمنيا أمس على خلفية اختطاف شخص من عشيرة آل جعفر، تبين أنه يعمل في تهريب المازوت على الحدود السورية اللبنانية، الأمر الذي أدى إلى حدوث عمليات اختطاف متبادل بين سنة جرود عرسال وشيعة القرى المحيطة بها.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أنه فور شيوع نبأ اختطاف حسين كامل جعفر في عرسال ونقله إلى جهة مجهولة، سارع أفراد من عشيرته لخطف سبعة أشخاص من أبناء عرسال، أفرج عن اثنين منهم لاحقا، وسط انتشار مسلح كثيف في أكثر من منطقة في بعلبك والبقاع الشمالي، ما أدى إلى انتشار الجيش على الطريق الدولي، واستحداث مراكز جديدة خصوصا عند مدخل اللبوة المؤدي من وإلى عرسال.

وازداد الوضع تصعيدا مع قيام آل جعفر بإطلاق النار على سيارة إسعاف تابعة للهيئة الطبية الإسلامية كانت متجهة من عرسال إلى مستشفى بيان في بعلبك وبداخلها جرحى من الجيش الحر.

وأفضت وساطات الأمس لتسليم سائق سيارة الإسعاف عبد السلام الحجيري لمفتي بعلبك والهرمل الشيخ بكر الرفاعي الذي كان قد دخل على خط الوساطة منذ ليل أول من أمس. ووفقا لرواية ذوي جعفر فإن الأخير كان يجمع الخردة من جرود عرسال وتم خطفه من هناك، لكن رئيس بلدية عرسال محمد الحجيري أكد لـ«الشرق الأوسط» أن أهالي بلدته «لا علاقة لهم بحادثة الخطف»، نافيا في الوقت نفسه أن يكون الحادث «سياسيا أو مذهبيا، أو تم على خلفية الانقسام حول الأزمة السورية».

يشار إلى أن المنطقة تشهد انقسامات حادة بسبب الموقف من الثورة السورية بين مؤيد ومعارض لها. ولم ينف الحجيري رواية اختطاف جعفر من جرود عرسال، الذي أكد أنه «يعمل في تهريب المازوت عبر الحدود اللبنانية السورية»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن المتهمين باختطافه «على الأغلب سوريون وتجار آخرون يتعامل معهم».

من جانبه، أكد الوسيط الشيخ الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» أن الحادث «ليس سياسيا ولا ينطلق من خلفيات طائفية»، موضحا أن خمسة صهاريج محملة للمازوت كانت تعبر باتجاه الأراضي السورية، فاختطف أحدها الذي يقوده حسين جعفر، مرجحا أن يكون الأمر على خلفيات مالية.

وأضاف الرفاعي: «حين شاع الخبر، لم تتضح خلفيات الحادث بالنسبة لبعض أفراد آل جعفر، فشرعوا إلى اختطاف سبعة أشخاص عشوائيا، أفرج عن اثنين منهم». ولفت إلى أنه «حين اتضحت الصورة أن الخطف تم في منطقة وادي الخيل الحدودية، هدأ الوضع، وتيقن آل جعفر أن أهالي عرسال لا علاقة لهم بالحادث».

ونقل المفتي الرفاعي عن أهالي عرسال قولهم إنهم يعتبرون اختطاف حسين جعفر، بمثابة اختطاف فرد منهم، لافتا إلى أنهم «حريصون على عودته». وأشار إلى محاولات حثيثة للوصول إلى مكان وجوده. وأضاف: «بدأت الأمور كبيرة، وما لبثت أن بدأت تصغر»، مشددا على أن المنطقة تؤمن أن «العشيرة أكبر من الطائفة والمذهب والخيارات السياسية، ويجب مقاربة الموضوع من هذه الزاوية وليس من زاوية سياسية أو مذهبية».

وعما إذا كان هناك إشارات إيجابية على إطلاق سراح المختطفين، قال: «الحدود بين عرسال سوريا مفتوحة، ما يعني أن مجموعات كثيرة ومتنوعة تسيطر على المنطقة، ما يجعل إطلاق سراح حسين جعفر يحتاج إلى بعض الوقت»، لافتا إلى أن هناك «إشارات إيجابية لإطلاق سراحه، إلى جانب تعاون إيجابي من قبل عشيرة آل جعفر لإطلاق سراح أهالي عرسال».

وعلى صعيد ردود الفعل السياسية، حمل عضو كتلة المستقبل النائب معين المرعبي، رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي ووزيري الدفاع والداخلية مسؤولية ما حصل. وقال: «منذ سنتين، طالبنا الدولة ورئيسي الجمهورية والحكومة وقيادة الجيش بنشر قوات الجيش على الحدود اللبنانية السورية، ولكن من دون طائل، وكأنهم مشاركون بالمؤامرة، وحتى الآن لم يتم نشر الألوية الموعودة على الحدود»، لافتا إلى أنه «لو تم هذا الموضوع لما حصل خطف، والآتي أعظم». واعتبر المرعبي أن «ما حصل بالأمس سيأخذ البلاد إلى فتنة كبيرة وكبيرة جدا لا يعلم سوى الله متى تقف، ونحمل المسؤولية لرئيس الحكومة المستقيلة ولوزيري الدفاع والداخلية». وتُتهم عشيرة آل جعفر في لبنان بأن بعض أفرادها، دخلوا إلى قرى سورية في القصير يسكنها لبنانيون في قرى حوض العاصي للقتال إلى جانب القوات النظامية، فيما تتهم عرسال بأنها قرية موالية للثورة السورية، وتحتضن مقاتلين معارضين، ويعمل بعض أفرادها على تأمين مقاتلين سوريين وإجلاء الجرحى إلى مستشفيات لبنانية.