واشنطن تسلم إدارة سجن قاعدة باغرام للسلطات الأفغانية

كيري يصل كابل في أول زيارة مفاجئة لأفغانستان منذ توليه منصبه

سجين أفغاني عقب الإفراج عنه عند بوابة سجن قاعدة باغرام الذي تسلمته السلطات الأفغانية من القوات الأميركية أمس (أ.ف.ب)
TT

وصل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى العاصمة الأفغانية كابل، بعد ظهر الاثنين، في زيارة مفاجئة لم يتم الإعلان عنها مسبقا، هي الأولى للدولة الآسيوية المضطربة، منذ توليه منصبه، خلفا لوزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، مطلع العام الحالي.

وقال مسؤول أميركي إن وزير الخارجية كيري قام بزيارة لم يعلن عنها مسبقا إلى أفغانستان أمس لإجراء محادثات مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.

وأضاف المسؤول للصحافيين المسافرين مع كيري أن وزير الخارجية سيناقش مع كرزاي مجموعة من القضايا بينها المصالحة الأفغانية ونقل المسؤولية الأمنية إلى القوات الأفغانية مع استعداد معظم القوات الأجنبية لمغادرة البلاد والانتخابات الأفغانية.

ووصل كيري إلى كابل قادما من العاصمة العراقية بغداد، حيث التقى عددا من مسؤولي الحكومة العراقية، من بينهم رئيس الوزراء نوري المالكي، لحثهم على وقف عبور طائرات إيرانية، يشتبه في أنها تحمل شحنات أسلحة إلى نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، عبر الأجواء العراقية.

على صعيد آخر، أعلنت القوات العسكرية الدولية أمس، أن القوات الأميركية في أفغانستان سلمت رسميا سجن باغرام لوزارة الدفاع الأفغانية أمس. وكان سجن باغرام بمثابة قضية شائكة بين الرئيس كرزاي والمؤسسة العسكرية الأميركية. فقد أرجأت الولايات المتحدة أكثر من مرة تسليم السجن في ظل مخاوف من إمكانية السماح لمسلحي طالبان بالعودة لميدان المعركة.

ونقل عن الجنرال جوزيف دونفورد قائد قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) التي يقودها حلف شمال الأطلسي (الناتو) القول في بيان أثناء مراسم تسليم السجن: «تسليم السجن يمثل جزءا مهما من عملية النقل الكامل للمسؤولية الأمنية لقوات الأمني الوطني الأفغانية». وقال: «هذه المراسم تؤكد أن أفغانستان تتمتع بثقة وقدرة وسيادة متزايدة». وجاء في البيان أن الحكومة الأفغانية أطلقت على السجن اسما جديدا هو منشأة الاحتجاز الوطنية الأفغانية في باروان. ويتعهد الاتفاق الذي وقعه كل من وزير الدفاع الأفغاني بسم الله محمدي ودونفورد أثناء مراسم التسلم بالالتزام المتبادل بالمعاملة القانونية والإنسانية للمحتجزين واعتزامهم الحماية شعب أفغانستان وقوات التحالف. وأوضح البيان أن أميركا تعهدت بتقديم مساعدات إضافية بقيمة 39 مليون دولار لدعم السجن. وكان الرئيس كرزاي قد جعل من مسألة مركز الاعتقال هذا شمال كابل، جزءا من حملته لاستعادة السيادة على مسائل رئيسية من الأميركيين، قبل انسحاب القوات الأجنبية المقاتلة في العام القادم. وطالما أبدت الولايات المتحدة قلقا من أن يؤدي التسليم الكامل لباغرام للقوات الأفغانية الضعيفة والعرضة للفساد، لخروج لعناصر مشتبه بهم معتقلين من طالبان والقاعدة إلى أرض المعركة مجددا. غير أن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل توصل في اتفاق هاتفي السبت لاتفاق مع كرزاي، بحسب البنتاغون، وجرت مراسم التسليم أمس.

ونقل السلطات الكاملة الذي كان مرتقبا في 9 مارس (آذار) أرجئ في اللحظة الأخيرة بعد تصريحات للرئيس الأفغاني قال فيها إن هناك أبرياء في صفوف المعتقلين في السجن الخاضع للسيطرة الأميركية وأنه قد يتم الإفراج عنهم.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي سلمت الولايات المتحدة السلطات الأفغانية مسؤولية ما يزيد على 3 آلاف معتقل في باغرام الذي كان يعرف باسم «غوانتانامو الأفغاني» لأن عددا من السجناء معتقلون دون محاكمة أو توجيه تهم.

غير أن الأميركيين ظلوا يتولون حراسة 50 أجنبيا لم يشملهم الاتفاق، إضافة إلى المئات من الأفغان الذين اعتقلوا منذ التوقيع على اتفاقية نقل المسؤولية في مارس (آذار) 2012. وأثار ذلك غضب كرزاي وتحذيرا من قبل أكبر هيئة إسلامية في أفغانستان بأن الجيش الأميركي بدأ ينظر إليه كأنه قوة احتلال في معركته ضد تمرد طالبان. وقالت كيت كلارك من شبكة محللي أفغانستان يبدو ذلك وكأنه نصر لكرزاي إذ حصل على ما يريده. باغرام كان عقبة كبرى أمام لائحة طويلة من المسائل الأخرى المطلوب معالجتها، والوقت مسألة جوهرية.

وكرزاي الذي يغادر منصبه العام المقبل، أعرب أكثر من مرة عن غضبه حيال أنشطة القوات الخاصة الأميركية والضحايا من المدنيين. ومؤخرا أثار غضبا باتهامه الولايات المتحدة بالتآمر مع طالبان لتبرير وجود القوات الأميركية.

والأسبوع الماضي تمكن من كسب اتفاقية محدودة تقضي بأن تتولى القوات الأفغانية مسؤولية إحدى المناطق بولاية وردك، تمثل جبهة رئيسية في إرسال المتمردين لقتال قوات الأطلسي في أفغانستان (إيساف) بقيادة أميركية.

ويتولى الجيش والشرطة الأفغانيان تدريجيا مسؤولية محاربة طالبان فيما تستعد غالبية القوات القتالية البالغ عددها 100 ألف لمغادرة أفغانستان قبل نهاية 2014.

ويعتزم كرزاي زيارة قطر في الأسابيع القادمة لمناقشة مسألة فتح مكتب تمثيلي لطالبان في الدولة الخليجية تمهيدا لمحادثات سلام محتملة، بحسب ما أكدته وزارة الخارجية الأفغانية أمس. وحتى وقت سابق هذا العام رفض كرزاي فكرة فتح مكتب لطالبان في قطر خشية استبعاد حكومته من أي اتفاق بين الولايات المتحدة والمتمردين. وطالما رفضت طالبان التفاوض مباشرة مع كرزاي وشددت وزارة الخارجية على أنها لن تبدأ المفاوضات إلا إذا قام المتمردون بقطع كل العلاقات بالقاعدة ونبذوا الإرهاب.