الدوحة تستضيف اليوم القمة العربية والمعارضة تشغل مقعد سوريا رسميا

وزير الخارجية المصري لـ «الشرق الأوسط»: الرئيس الأسد وحاشيته المقربة ليس لهم مكان في سوريا المستقبل

أعلام الدول العربية ترفرف أمس وسط الدوحة استعدادا لعقد القمة العربية اليوم (أ.ف.ب)
TT

تنطلق اليوم في العاصمة القطرية أعمال القمة العربية الرابعة والعشرين بحضور رؤساء وقادة الدول العربية، لبحث ملفات مهمة تمثل القضية الفلسطينية، ثم الوضع السوري الملتهب على الصعيدين الميداني والسياسي، إلى جانب تطوير الأداء على صعيد العمل الاقتصادي العربي المشترك، وتطوير الجامعة العربية، في الوقت الذي اعتبرت فيه المعارضة السورية ممثلة في حكومة الائتلاف الوطني السوري ممثلا رسميا عن الشعب السوري لدى جامعة الدول العربية في خطوة سابقة لنوعها. وجاءت موافقة جامعة الدول العربية لتمثيل الائتلاف الوطني عن الشعب السوري بعد موافقة أغلبية الدول العربية، لما تمر به سوريا من ظرف استثنائي، حيث سيجلس معاذ الخطيب رئيس الائتلاف المستقيل في كرسي رئيس الوفد السوري.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجلسة الافتتاحية للقمة سوف تبدأ في الساعة الحادية عشر صباحا بتوقيت قطر، حيث سيسلم نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي رئاسة القمة إلى أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان، الذي سيلقي بدوره كلمة افتتاحية يحدد خلالها أولويات الرئاسة الجديدة للقمة ومتطلبات دعم الشعب السوري، كما سيتطرق إلى القضية الفلسطينية وإصلاح الجامعة ودعم العمل العربي المشترك.

وقال محمد عمرو وزير الخارجية المصري الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عشية انطلاق القمة العربية أمس في الدوحة إن الرسالة التي توجه للمواطن العربي بأن القمة تنعقد في وقت وظروف استثنائية سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو السورية، إضافة إلى موضوع إعادة هيكلة أو إصلاح جامعة الدول العربية. وأضاف: «القضيتان الكبيرتان هما القضية السورية والفلسطينية، حيث إن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة حرجة جدا، وكان هناك شبه اتفاق في العالم أن الحل يجب أن يقوم في حل الدولتين، دولة فلسطينية تقوم على حدود ما قبل يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية». وتابع: «ما تقوم به إسرائيل من نشاط محموم في الاستيطان في الأراضي الفلسطينية يجعل هذا الحل يبتعد كل يوم، ومن هنا يجب أن نكون كعرب واضحين، من خلال وضع حد لما يحدث في موضوع الاستيطان، لأنه يلتهم الأراضي الفلسطينية في الحقيقة، ويجب أن تكون عملية السلام التي مضى عليها أكثر من 4 عقود أو أكثر نتحدث عنها، أصبحت عملية دون سلام، ويجب أن نفكر الآن في السلام ولا نفكر في مجرد عملية، وإنما السلام ويجب أن يكون سلاما قريبا وفي الأفق المنظور وليس في الأفق البعيد».

وأكد أن الوضع السوري وضع مأساوي واستثنائي، والغالبية الكبيرة من الدول العربية وافقت على منح مقعد سوريا للائتلاف السوري المشكل من المعارضة، نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها الشعب السوري ولأن هناك معارضة واضحة. وحول إذا ما كانت هناك ظروف مشابهة لما يحدث في سوريا في دولة أخرى ومنح المعارضة مقعد الدولة، تمنى وزير الخارجية المصري أن لا تتكرر الظروف التي يمر بها الشعب السوري مما يدفع الجامعة العربية لتكرر ما فعلته مع الملف السوري. وقال: «أعتقد أن ذلك يعطي درسا لكل العرب أنه لا يجب تكرار حدوث هذه المأساة». وأكد أن الرئيس الأسد وحاشيته المقربة ليس له مكان في سوريا المستقبل. وقال: «هذا الرئيس الذي استخدم كل أسلحته ضد شعبه لن يكون له دور في سوريا القادمة».

وحول إصلاح الجامعة العربية أشار عمرو إلى أن هذه الموضوع قديم ومتكرر، وأن الجامعة العربية كيان حي، خاصة إذا ما عرفنا أن الظروف التي أنشئت من أجلها جامعة الدول العربية والتي كانت مشكلة من 6 دول، والآن أصبحت 22 دولة، يعطي ذلك أهمية لمواكبة ما يحدث في الدول العربية من تطوير. ولفت إلى وجود لجنة في وقت سابق برئاسة الأخضر الإبراهيمي وضعت ما يقارب 40 توصية، وتم اتخاذ قرار وزاري في الاجتماع الوزاري في القاهرة في مارس (آذار) الحالي، بأن تحال هذه القرارات بلجنة مصغرة من الدول العربية.

ويأتي قرار إعادة هيكلة الجامعة العربية، بعد أن استطاعت أن تلعب دورا كبيرا في حل ملفات كثيرة خلال الفترة الماضية، وتوسطها في الملف السوري بشكل خاص، الأمر الذي قد يجعل منها لاعبا أكبر خلال السنوات المقبلة للمشاركة في مواجهة التحديات التي تواجه الدول العربية، في وقت أشارت مصادر إلى أن تدوير منصب الأمين العام مطروح للنقاش خلال الفترة الحالية.

إلى ذلك، قال أديب الشيشكلي، وهو ممثل الائتلاف الوطني السوري في دول الخليج إن خطوة تمثيل الائتلاف الوطني السوري في مقعد الجمهورية السورية في جامعة الدول العربية يعتبر خطوة مهمة جدا. وقال: «نحن لطالما طالبنا بها منذ يوم تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول، وطلبنا تسليم المقعد للمعارضة، والذي تحقق اليوم على الرغم من أنه تأخر كثيرا، ولكن تعتبر خطوة بالاتجاه الصحيح». وتمنى الشيشكلي أن يتم طرد جميع ممثلي النظام السوري في الدول العربية، داعيا لتسليم السفارات السورية للمعارضة، وقال: «إن معاذ الخطيب سيكون ممثل المعارضة غدا وسيجلس في مقعد الرئيس». وأكد أن الائتلاف ينتظر تحقيق مطالبه من القمة، والمتمثل بالدعم المباشر من الدول العربية، خاصة بما تمر بها سوريا من وضع إنساني مأساوي، إضافة إلى تسهيل أمور السوريين في الدول العربية، وخاصة في دول الخليج العربي، من خلال احتياجات لمواطني سوريا من معالجة أوراقهم الثبوتية، أو الأمور الإدارية لكل سوري في دول الخليج.

وعن موقف بعض الدول العربية في عدم الاعتراف بالائتلاف السوري قال الشيشكلي: «لم نستغرب موقف العراق، لأن موقفه كان صريحا ضد الثورة من بدايتها، وتجاوز ذلك خاصة بعد الاعتداء على الجيش السوري الحر من الطرف العراقي وضربه بالدبابات، وضرب معبر اليعربية على الحدود السورية». وزاد: «نقول لدولتي العراق والجزائر إن الثورة ستنتصر بسوريا جديدة والمنتخبين بشكل ديمقراطي».

وكان معاذ الخطيب المستقيل من رئاسة الائتلاف الوطني السوري المعارض أشار إلى أنه سيلقي كلمة باسم الشعب السوري في القمة العربية وذلك على حسابه في موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي: «قررت إلقاء كلمة باسم الشعب السوري في مؤتمر الدوحة.. وهذا أمر لا علاقة له بالاستقالة والتي ستناقش لاحقا». وفي الأسبوع الماضي اختار الائتلاف رجل الأعمال السابق غسان هيتو رئيسا للوزراء كي يشكل حكومة تشغل فراغ السلطة الناشئ عن الانتفاضة، التي تسعى للإطاحة بالأسد والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 70 ألف قتيل، وكان الخطيب اعترض على ذلك بأن الإعداد غير كاف لبدء تشكيل حكومة.

وسبقت قرارات نوقشت في اجتماع وزراء الخارجية أول من أمس قبيل افتتاح القمة، موضوع القضية الفلسطينية وتطورات الوضع في سوريا، كما ناقش الاجتماع مشاريع القرارات التي تمت الموافقة عليها في الدورة الـ139 لمجلس الجامعة والذي عقد في القاهرة مطلع مارس (آذار) الحالي، إضافة إلى تقرير الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومتابعة تنفيذ قرارات قمة بغداد وقرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التي تمت الموافقة عليها في اجتماع وزراء المالية.

وأكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أن الأوضاع الإنسانية المتردية في سوريا تفرض تحركا عاجلا لوقف الانتهاكات.

وأوضح أن هذه الدورة تكتسب أهمية خاصة لدراستها جدول الأعمال المعروض أمام القمة، الذي يمثل بداية حقيقية لتطوير الجامعة، بحيث يقتصر على عدد محدود من المواضيع المهمة.

وقال العربي أول من أمس في كلمة أمام وزراء الخارجية العرب: «إن سوريا يجب أن تظل دائما في مركز الاهتمام، فالمسؤولية العربية تحتم علينا إنقاذها من المنزلق الخطير الذي تنحدر نحوه وتنعكس آثاره الواضحة على المنطقة برمتها، خاصة على دول الجوار».

وأعرب الأمين العام عن أمله في التوصل إلى حل سياسي يمكن خلاله تجنيب الشعب السوري المزيد من الويلات، لافتا إلى أن «الحل لا يزال ممكنا متى كان هناك موقف عربي موحد ومتماسك يستطيع أن يصوغ موقفا إقليميا داعما، ويدفع، كما تقضي مسؤولياته، للمحافظة على السلم والأمن الدوليين». من ناحيته، قال مصدر دبلوماسي عربي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المعارضة ترى أن تشكيل الحكومة يستغرق نحو ثلاثة أسابيع حيث يجري هيتو مشاورات في الداخل والخارج وصولا إلى «حكومة توافقية تحظى بقبول الجميع»، مضيفا أن «الأمر الثاني المهم في هذه القمة هو الاتفاق على إصلاح الجامعة العربية وإعادة هيكلتها ونقل مقر الجامعة بشكل مؤقت من ميدان التحرير بالعاصمة المصرية إلى منطقة التجمع الخامس شرق القاهرة، وكذلك إرسال وفد عربي إلى واشنطن خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل لإحياء مباحثات السلام».