«الجيش الحر» يطلق معركة «زلزلة الحصون» ويقاتل على 6 جبهات في دمشق

مع استخدامه الصواريخ ينقل الحرب من المواجهة المباشرة إلى القصف بعيد المدى

مقاتلو الجيش الحر يطلقون الهاون من سيدي مقداد باتجاه قلب العاصمة دمشق (رويترز)
TT

تدخل المعارك الدائرة في دمشق ومحيطها فصلا جديدا مع إضافة الجيش الحر تكتيك «المواجهة غير المباشرة» عبر القصف الصاروخي لقلب العاصمة دمشق لاستراتيجيته في «المواجهة المباشرة» عبر خطوط التماس في شرق العاصمة وجنوبها.

وكانت المعارك حتى الأمس القريب تعتمد على الاشتباك المباشر بين القوات النظامية وكتائب الجيش الحر في خطوط التماس على الطريق الدائري الذي يفصل العاصمة عن ريفها، لكن قوات النظام كانت تتمتع بدعم صاروخي من الخلف، مما كان يكسبها مزيدا من القوة في مواجهة الأسلحة الفردية والمضادة للدروع التي يمتلكها الجيش الحر.

ومع إعلان الجيش الحر انطلاق معركة «زلزلة الحصون» يدخل الجيش الحر سلاحا آخر في معركته للسيطرة على دمشق، فالصواريخ تسقط الآن على ساحة الأمويين وقصر الضيافة ومنطقة البرامكة، وهي مناطق لا يستطيع الجيش الحر الوصول إليها في الحالات العادية؛ لأنها محكمة السيطرة عسكريا وأمنيا.

وحول خريطة المعارك في دمشق، أشار علاء الباشا، الناطق باسم لواء الشام، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحر» يقاتل على 6 جبهات بهدف استنزاف الجيش النظامي.

ويضيف أن الجبهة الأقوى والأبرز تتركز الآن في محيط ساحة العباسيين، حيث يوجد عناصر المعارضة في سوق الهال والمنطقة المحازية لمجمع 8 آذار. ولا تقل أهمية جبهة داريا - المعضمية عن العباسيين، فالفرقة الرابعة مدعمة بغطاء صاروخي من مطار المزة العسكري تحاول اقتحام داريا منذ أكثر من ستة أشهر.

وبالإضافة إلى هاتين الجبهتين، يشير الباشا إلى جبهات مخيم اليرموك بدمشق وعدرا، ممر الإمداد إلى حمص، والتل ورنكوس بريفها.

وبالعودة إلى الصواريخ المطلقة على دمشق أمس، أشار شهود عيان إلى أن رشقتين من قذائف الهاون سقطتا ظهرا في قلب العاصمة، وبينما سقطت الرشقة الأولى، وهي عبارة عن أربع قذائف، على مدرسة البرامكة المحدثة للإناث مقابل مدخل مدينة تشرين الرياضية وسط العاصمة، وحي البختيار الملاصق لحي البرامكة، والطريق الواصل بين البرامكة وساحة كفرسوسة، سقطت الرشقة الثانية، وكانت عبارة عن 6 قذائف، على قلب دمشق أيضا في منطقتي البرامكة والحلبوني اللتين تحتويان على مبنى وكالة الأنباء السورية (سانا)، والتجمع الإداري لجامعة دمشق وجامعة دمشق.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصواريخ المتساقطة على وسط العاصمة لليوم الثالث على التوالي سلاح ذو حدين؛ فهي من جهة ستودي بحياة مدنيين لا ناقة لهم ولا جمل بالمعركة، وربما سيؤدي هذا إلى استغلالها من قبل نظام الأسد. وفي هذا الصدد نقلت وكالة الأنباء السورية أمس عن مصدر مسؤول قوله إن قذائف هاون سقطت في محيط مشفى دمشق في منطقة المجتهد، وقرب جامع ضرار في منطقة باب شرقي، وفي حرم كلية الحقوق.. ما أدى إلى وقوع عدد من الشهداء والجرحى بين المواطنين، وإلحاق أضرار مادية في المكان.

لكن الجيش الحر كان واعيا لهذا الخطر، إذ نبه سكان وسط العاصمة إلى ضرورة الابتعاد عن المقار الأمنية والعسكرية والحساسة في قلب دمشق، وذلك في بيان وزع مطلع هذا الأسبوع. وفي هذا السياق، أكد الناطق الرسمي باسم «الجيش السوري الحر» لؤي المقداد أن «الحر» «لا يستهدف المدنيين، بل المقار العسكرية والأهداف الأمنية، لكن النظام السوري يعمد إلى قصف المناطق التي تتعرض لهجوم من (الحر)، بعده مباشرة، للإيحاء بأن الجيش الحر يستهدف المدنيين، بينما الواقع أنه يقتل المدنيين ويستهدفهم بدم بارد».

أما الجانب الإيجابي الذي يتطلع الجيش الحر لتحقيقه من استخدامه للصواريخ فهو جعل كل مناطق دمشق غير آمنة وإخلاء السكان منها، وتاليا تحويلها لساحة معركة من شأنها أن تزيد الخناق على نظام الأسد الذي بات يتحصن غرب دمشق في مثلث أمني رؤوسه القصر الجمهوري، ومقر الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، ومطار المزة العسكري.

في غضون ذلك واصلت قوات النظام قصفها المدفعي العنيف على بلدات ومدن ريف دمشق، وتركز القصف براجمات الصواريخ على الغوطة الشرقية، كما أطلق عدد من قذائف الهاون على حي برزة شمال دمشق، حيث ما تزال الاشتباكات تتواصل هناك. وفي شرق العاصمة شوهدت أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من منطقة خلف مشفى العباسيين ناجمة عن حريق شب إثر القصف على بلدة جوبر شرق دمشق، كما هز انفجار ضخم أحياء شمال شرقي العاصمة ناتج عن سيارة مفخخة انفجرت داخل هيئة الإمداد والتموين العسكرية في حي شرق ركن الدين، مساء أمس.. ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص حسب «سانا».

وغير بعيد عن دمشق، سيطر الجيش الحر على كتيبة المدفعية في بلدة عين التينة في القنيطرة أمس، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأفاد المصدر ذاتها بأن القوات النظام تمكنت من استعادة السيطرة على حي بابا عمرو في محافظة حمص بعد أقل من ثلاثة أسابيع من دخول الجيش الحر له.