خادم الحرمين: النظام السوري مستمر في قمع شعبه مستغلا استمرار دعمه بالعتاد العسكري

طالب في كلمته أمام قمة الدوحة التي ألقاها الأمير سلمان المجتمع الدولي بوقف انقسامه تجاه القضية السورية

الأمير سلمان بن عبد العزيز مترئسا وفد بلاده في قمة الدوحة العربية(رويترز)
TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «ماض قدما في إفشال أي مبادرة عربية أو دولية لحل الأزمة سياسيا حتى لو أعلن قبولها، طالما أن لديه القناعة بإمكانية حل الموضوع بالوسائل الأمنية والعسكرية، خاصة مع استمرار تلقيه ما يحتاجه من العتاد العسكري من مصادر لا تخفى على أحد».

جاء ذلك في كلمة خادم الحرمين الشريفين أمام القادة العرب بقمة الدوحة العربية، التي ألقاها نيابة عنه الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مشددا على أن الأزمة السورية «تشهد تفاقما مستمرا مع ازدياد وتيرة القتل والتدمير التي يمارسها النظام السوري ضد الشعب السوري، مستخدما في ذلك شتى أنواع أسلحة الدمار وكل ما هو كفيل بإزهاق الأرواح وتدمير البلاد وتشريد المواطنين داخل وخارج سوريا»، محذرا من أن حالة التردي المستمر في الأوضاع الإنسانية من جراء تدفق النازحين واللاجئين «لا بد أن تحمل معها انعكاسات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة ما لم ينهِ المجتمع الدولي انقسامه حول هذه المسألة ويوفر للمعارضة السورية المشروعة ما تحتاجه من دعم سياسي ومادي، خاصة أن فئات المعارضة تنضوي جميعها تحت لواء الائتلاف الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي لشعب سوريا».

وتطرق الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى النزاع العربي - الإسرائيلي، ورأى عدم إمكانية حل هذا النزاع «ما لم يحدث تغير في سياسات الحكومة الإسرائيلية وطريقة تعاطيها مع الحلول والمبادرات المطروحة، التي سعت إلى إفشالها وتفريغها من مضامينها من خلال سياسات الاستيطان والقمع وقضم الأراضي والانتهاكات المستمرة لأبسط الحقوق الإنسانية والسياسية لشعب فلسطين».

وكان ولي العهد السعودي قبل إلقائه كلمة خادم الحرمين الشريفين، خاطب القادة العرب ورؤساء الوفود بقوله «اسمحوا لي في البداية أن أعرب لكم عن شكري وتقديري لأخي صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والشعب القطري الشقيق على استضافة هذه القمة، وإني على ثقة - إن شاء الله - بأن حكمة، ودراية أخي سمو الشيخ حمد، كفيلة بإنجاح مداولاتنا وسط ظروف عربية وإقليمية بالغة الدقة والحساسية.

أيها الإخوة: والآن، يشرفني أن أقرأ على مجلسكم الموقر كلمة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما كلفني بذلك»، وفي ما يلي نص الكلمة:

«أيها الإخوة قادة الدول العربية الشقيقة: ونحن نجتمع لتدارس شؤون أمتنا العربية كما هو الحال في كل عام، تظل القضية الفلسطينية على رأس اهتماماتنا وفي صدارة جدول أعمالنا، حيث التحدي ما زال قائما، والحقوق ما زالت مسلوبة، والعدل ما زال مفقودا.

إن النزاع العربي - الإسرائيلي، الذي مضى عليه أكثر من ستة عقود، سيظل محتدما ما لم ينل الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين حقوقه المشروعة التي أقرت بها جميع قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك حقه الطبيعي في العيش الكريم في كنف دولة مستقلة تتوفر فيها عناصر السيادة والاستقلال والتواصل الجغرافي - إن شاء الله، وإننا لا نرى إمكانية لحل هذا النزاع ما لم يحدث تغير في سياسات الحكومة الإسرائيلية وطريقة تعاطيها مع الحلول والمبادرات المطروحة التي سعت إلى إفشالها وتفريغها من مضامينها من خلال سياسات الاستيطان والقمع وقضم الأراضي والانتهاكات المستمرة لأبسط الحقوق الإنسانية والسياسية لشعب فلسطين.

ومن هذا الواقع المرير، فإن الشعب الفلسطيني وقياداته مطالبون اليوم أكثر من أي وقت بتجاوز كل الخلافات، والوقوف جبهة واحدة تستند في نضالها إلى جبهة عربية متراصة توفر لها كل الدعم والمساندة، خاصة وقد مضينا جميعا - والحمد لله - لأبعد مدى في إثبات رغبتنا وعزمنا على بلوغ السلام العادل والشامل والدائم، الذي يحقق الأمن والاستقرار والنماء للجميع.

إن قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والقاضي بمنح فلسطين صفة المراقب غير العضو في الهيئة الدولية، إنما يعكس الإرادة العربية الساحقة للمجتمع الدولي، ويجب استثمار هذا الموقف العالمي والبناء عليه لاستكمال تحقيق مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشريف، وصولا إلى بلوغها صيغة دولة كاملة العضوية في منظمة الأمم المتحدة - إن شاء الله.

أيها الإخوة، لا أرى أني بحاجة إلى استعراض عمق وأبعاد الأزمة السورية التي تشهد تفاقما مستمرا مع ازدياد وتيرة القتل والتدمير التي يمارسها النظام السوري ضد الشعب السوري، مستخدما في ذلك شتى أنواع أسلحة الدمار وكل ما هو كفيل بإزهاق الأرواح وتدمير البلاد وتشريد المواطنين داخل وخارج سوريا، يحدث ذلك كله أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي لم يحسم أمره بعد حيال كيفية التصدي لهذه الجرائم ضد الإنسان السوري. إننا ما زلنا عند اعتقادنا أن نظام الأسد ماض قدما في إفشال أي مبادرة عربية أو دولية لحل الأزمة سياسيا حتى لو أعلن قبولها، طالما أن لديه القناعة بإمكانية حل الموضوع بالوسائل الأمنية والعسكرية، خاصة مع استمرار تلقيه ما يحتاجه من العتاد العسكري من مصادر لا تخفى على أحد. إن حالة التردي المستمر في الأوضاع الإنسانية من جراء تدفق النازحين واللاجئين، لا بد أن تحمل معها انعكاسات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة ما لم ينهِ المجتمع الدولي انقسامه حول هذه المسألة ويوفر للمعارضة السورية المشروعة ما تحتاجه من دعم سياسي ومادي، خاصة أن فئات المعارضة تنضوي جميعها تحت لواء الائتلاف الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي لشعب سوريا، سواء في المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية أو في إطار القمم العربية، ونغتنم هذه الفرصة لنهنئ الشعب السوري في اختياره لممثله.

سمو الرئيس، أيها الإخوة الأفاضل، أمامنا جدول أعمال حافل بقضايا وهموم وطننا العربي الكبير، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. ومؤخرا، استضافت المملكة العربية السعودية مؤتمر القمة العربية الاقتصادية التنموية والاجتماعية الثالثة التي صدر عنها الكثير من القرارات، التي تهدف - إن شاء الله - إلى تعزيز التنمية العربية ودعم التكامل الاقتصادي، وقد جاءت قرارات قمة الرياض - ولله الحمد - استكمالا لقرارات قمة الكويت وشرم الشيخ، من حيث ملامستها لاحتياجات المواطن العربي والاستجابة لتطلعاته وطموحاته، غير أن بلوغ الأهداف المرجوة من هذه القرارات يتطلب نقلة نوعية في منهج وأسلوب العمل العربي المشترك، سواء من حيث إعادة هيكلة الجامعة العربية في تمكينها من مواكبة المستجدات والمتغيرات، أو من زاوية إزالة المعوقات ومواطن الخلل التي تعترض مسيرة العمل العربي المشترك ويقف عائقا أمام تنفيذ قرارات الجامعة. وفي تقديرنا، وثيقة العهد والميثاق التي توصلنا إليها في قمة تونس تتضمن جملة من الأسس والمبادئ التي تشكل رافدا لمسيرة العمل العربي المشترك، المستند إلى الجدية والمصداقية، وهو أكثر ما نحتاج إليه في سياق التعامل مع واقعنا المضطرب».

وكان الأمير سلمان بن عبد العزيز، ترأس نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، وفد بلاده إلى القمة العربية في دورتها العادية الرابعة والعشرين التي انطلقت أعمالها في العاصمة القطرية الدوحة يوم أمس، يرافقه وفد سعودي رفيع المستوى، حيث وصل في وقت سابق أول من أمس إلى دولة قطر، وتقدم مستقبليه بمطار الدوحة الدولي، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي عهد دولة قطر، وسفير السعودية لدى مصر ومندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أحمد بن عبد العزيز قطان، والقائم بالأعمال بالإنابة بالسفارة السعودية في الدوحة الدكتور هندي بن حميد، والملحق العسكري السعودي في قطر العميد ركن صالح القحطاني، والسفير القطري في الرياض علي بن عبد الله آل محمود، وأعضاء السفارة السعودية لدى قطر.

ووصل في معية ولي العهد الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس ديوان ولي العهد المستشار الخاص له، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه، ونائب رئيس المراسم الملكية الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز الشلهوب.

وكان في وداع ولي العهد بمطار قاعدة الرياض الجوية، الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، والأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد، والأمير أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن محافظ الدرعية، والأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، والأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، والأمير سعود بن سلمان بن عبد العزيز، والأمراء والوزراء.

كما كان في وداعه أمين منطقة الرياض المهندس عبد الله بن عبد الرحمن المقبل، ومدير الأمن العام الفريق أول سعيد بن عبد الله القحطاني، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة الفريق عبد العزيز بن محمد الحسين، وقادة أفرع القوات المسلحة وكبار قادة وضباط الحرس الوطني والحرس الملكي، وقائد قاعدة الرياض الجوية اللواء طيار ركن فهد بن ضعيان الحرير، وعدد من كبار المسؤولين.