بيونغ يانغ توجه صواريخها.. وواشنطن وسيول تحذران من جدية التهديد

بكين تدعو للهدوء.. وتحرك دولي لفرض عقوبات ضد البنك الخارجي الكوري الشمالي

مسؤولون كوريون جنوبيون يقفون أمام صور ضحايا غرق السفينة شيونان بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة للحادث في مدينة دايجيون الجنوبية أمس (أ.ب)
TT

أعلنت كوريا الشمالية، أمس، أنها أصدرت أوامر بتوجيه صواريخها الاستراتيجية والمدفعية طويلة المدى صوب قواعد عسكرية أميركية في غوام وهاواي والأراضي الأميركية، وذلك بعد أن قامت قاذفات أميركية بمزيد من الطلعات مهددة كوريا الشمالية. وجاء هذا تزامنا مع إحياء كوريا الجنوبية الذكرى الثالثة لغرق السفينة الحربية «شيونان»، الحادث الذي تصر سيول على أن غواصة كورية شمالية تقف وراءه.

وذكرت القيادة العليا للجيش الكوري الشمالي في بيان أن «كل وحدات المدفعية، بما يشمل الوحدات الاستراتيجية للصواريخ ووحدات المدفعية البعيدة المدى ستوضع في حالة جهوزية للقتال». وأضافت القيادة في البيان أن هذه الوحدات يجب أن تكون مستعدة لمهاجمة «كل القواعد العسكرية الأميركية في منطقة آسيا - المحيط الهادي بما يشمل أميركا الشمالية القارية، هاواي وغوام»، وكذلك في كوريا الجنوبية.

وعلى الفور، أعلن المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل، أمس، أن وزارة الدفاع الأميركية تتعامل «بكثير من الجدية» مع تهديدات كوريا الشمالية باستهداف الأراضي الأميركية أو القاعدتين الأميركيتين في غوام وهاواي. وصرح لصحافيين قائلا: «إننا قلقون من أي تهديد تلوح به كوريا الشمالية. نتعامل بكثير من الجدية مع كل ما يقوله أو يفعله» هذا النظام، مضيفا أن تهديدات بيونغ يانغ المستمرة «لا تفيد أحدا». وعلى المنوال ذاته، ذكر وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم كوان - جين، أمس، أن هناك «احتمالا كبيرا» بأن تتحول تهديدات كوريا الشمالية إلى واقع. وأضاف الوزير الكوري الجنوبي في رسالة مفتوحة إلى الجنود نشرت في مناسبة إحياء ذكرى غرق «شيونان»، أن رد كوريا الجنوبية على أي استفزاز لن يستهدف فقط مصدر الهجوم «وإنما القوات المساندة التي أمرت به».

ووسط هذا التوتر، سارعت الصين، الحليفة الوحيدة البارزة لكوريا الشمالية، إلى دعوة كل الأطراف إلى الهدوء، أمس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية هونغ لي: «نأمل في أن تمارس الأطراف المعنية ضبط النفس لتخفيف التوتر».

لكن على الرغم من هذه التهديدات فإن خبراء اعتبروا أن بيونغ يانغ لا تملك بعد الخبرة التقنية لإطلاق صاروخ عابر للقارات قادر على ضرب الولايات المتحدة، على الرغم من نجاحها في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في إطلاق صاروخ اعتبرته سيول وحلفاؤها صاروخا بالستيا. وأشار الخبراء إلى أن هاواي وغوام تعتبران خارج مرمى الصواريخ المتوسطة المدى التي تطورها كوريا الشمالية، والتي يمكن في المقابل أن تصل إلى القواعد في اليابان وكوريا الجنوبية.

والأسبوع الماضي هددت بيونغ يانغ بمهاجمة قواعد أميركية في اليابان وغوام ردا على طلعات طائرات «بي - 52» فوق كوريا الجنوبية. وقام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون في الأسابيع الماضية بجولات على خطوط الجبهة الأمامية، وأدلى بتصريحات شديدة اللهجة تتوعد «العدو» بضربات قوية.

وأصبح التوتر في شبه الجزيرة الكورية حاليا على أشده، منذ 2010، بعدما أدت تجربة نووية في 12 فبراير (شباط) الماضي، هي الثالثة التي تجريها بيونغ يانغ، إلى فرض عقوبات دولية جديدة على بيونغ يانغ التي هددت بالرد. وصباح أمس، حذرت رئيسة كوريا الجنوبية بارك غون - هاي، بيونغ يانغ من أن «الطريق الوحيد نحو استمراريتها» يكمن في تخليها عن برامجها النووية والبالستية، ودعت بيونغ يانغ إلى «التغيير». وأضافت في خطاب ألقته في مناسبة الذكرى الثالثة لغرق السفينة الحربية الكورية الجنوبية التي تتهم سيول بيونغ يانغ بنسفها، أن «كوريا الشمالية لا تزال حتى الآن تهدد أمننا القومي». وتسبب غرق السفينة بمقتل 46 من عناصر بحرية كوريا الجنوبية. ونفت كوريا الشمالية على الدوام مسؤوليتها عن الحادث.

وفي شأن ذي صلة، قال مسؤولون إن اليابان وأستراليا تعتزمان فرض عقوبات على بنك التجارة الخارجية الكوري الشمالي في إطار مساعٍ تقودها الولايات المتحدة لاستهداف بنك المعاملات الخارجية الرئيسي في البلاد لدوره في تمويل البرنامج النووي الكوري الشمالي. وقال مصدر حكومي ياباني إن طوكيو يمكن أن تتحرك في غضون أسبوعين أو ثلاثة. وذكرت مصادر بوزارة الخارجية الأسترالية أن كانبيرا قد تعلن عن عقوبات قريبا. وقال مسؤول أميركي كبير إن الإدارة الأميركية تسعى لإقناع حكومات أخرى بضرورة تضييق الخناق على البنك الكوري الشمالي، بعد أن أعلنت واشنطن عن إجراءات من جانبها هذا الشهر. وصرح مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، أول من أمس (الاثنين)، بأن بلاده حثت الاتحاد الأوروبي على اتخاذ إجراء.

وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية للصحافيين إنه أثار مسألة البنك مع مسؤولين صينيين في بكين، الأسبوع الماضي، لكنه لم يذكر شيئا عن ردهم.

وصرح المسؤول الأميركي الكبير ودبلوماسيون من الأمم المتحدة بأن واشنطن طلبت من مجلس الأمن الدولي إدراج البنك في قائمة عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، بسبب التجربة النووية التي أجرتها الشهر الماضي، لكن الصين وروسيا اعترضتا. ولم يذكرا سبب هذا الاعتراض.

ولا يُعرف الكثير عن البنك الكوري الشمالي المعني، إلا أن وكالة «رويترز» نقلت عن خبير كوري جنوبي قوله إن البنك يتعامل أيضا مع التجارة والاستثمارات المشروعة مع الصين. وقال المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية إن بعض دول الاتحاد الأوروبي التي لها سفارات في بيونغ يانغ تستعين به في التعاملات المالية الخاصة بسفاراتها.