سباق بين تشكيل الحكومة وقانون الانتخاب في لبنان

بري يسعى لدفن «الستين» في جلسة برلمانية.. وعريضة نيابية تطالب بتمديد ولاية رؤساء الأمن

TT

خرق رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أمس حالة الجمود القائمة على الساحة اللبنانية، بعد استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يوم الجمعة الماضي، وفي ظل غياب الرئيس اللبناني ميشال سليمان لمشاركته في القمة العربية بالدوحة. وتحولت دارة بري في محلة عين التينة في بيروت إلى مقصد لعدد من ممثلي أبرز الكتل السياسية اللبنانية، حيث ترأس اجتماعا ضم ممثلين عن أبرز مكونات 8، أي حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة، قبل أن ينضم إليهم النائب عن حزب القوات اللبنانية جورج عدوان. كما استقبل بري النائب عن حزب الكتائب سامي الجميل.

وعكست المواقف الصادرة عن المشاركين في اجتماعات بري أن الأولوية في المرحلة الراهنة ستكون للاستشارات وتأليف حكومة لبنانية جديدة في موازاة العمل من أجل إقرار قانون انتخابات جديد. وأكدت تقارير إعلامية في بيروت توجه بري لعقد جلسة مطلع أبريل (نيسان) المقبل يأتي في سياق «دفن قانون الستين». لكن مصادر مسيحية في فريق 14، مواكبة للاتصالات الحالية، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن لبري دفن قانون الستين بجلسة نيابية وقبل الاتفاق على قانون بديل، لأن دفنه يعني إلغاء الانتخابات ككل وليس تأجيلها».

واستبعدت المصادر عينها «حصول الانتخابات النيابية، المقررة في يونيو (حزيران) المقبل في موعدها»، مبدية خشيتها من «تآكل مؤسسات الدولة في ظل الوضعين السياسي والأمني القائمين في لبنان، لا سيما بعد استقالة حكومة ميقاتي». ونفت «حصول أي مشاورات أو اتصالات من أي نوع من أجل تشكيل حكومة جديدة أو الاتفاق على تسمية لرئيس الحكومة المقبل»، معتبرة أن «الاتصالات ستتخطى فريق (14) لتشمل أصدقاء وكتلا سياسية أخرى إضافة إلى الرئيس اللبناني والبطريرك الماروني».

واستبق بري من خلال الاجتماعات التي عقدها أمس وتسريبه أنباء عن نيته دعوة البرلمان اللبناني للانعقاد، تسلمه اليوم عريضة نيابية موقعة من أكثر من قرابة 70 نائبا (14 وكتلة النائب وليد جنبلاط ووزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال النائب أحمد كرامي، المقرب من ميقاتي)، تدعوه إلى عقد جلسة تشريعية، وإلى التمديد لرؤساء الأجهزة الأمنية بمن فيهم المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد الجيش العماد جان قهوجي مع مفعول رجعي، بما يسمح لريفي الذي يسلم مسؤوليات المديرية نهاية الأسبوع الحالي بالعودة إلى مهامه.

ودعا رئيس حزب القوات اللبنانية في سياق متصل الرئيس بري إلى عقد جلسة للهيئة العامة لمجلس النواب من أجل إقرار مشروع القانون المتصل. واعتبر أنه «من غير الممكن مخالفة رأي الأكثرية النيابية الراغبة بالتمديد للواء ريفي وغيره من القادة الملمين بالوضع الأمني الحساس في هذه المرحلة البالغة الدقة». وأبدى خشيته «من تلازم مسارات الفراغ على المستويات السياسية والحكومية والأمنية وصولا إلى مرحلة تدفع البلاد نحو ما تخطط له القوى العاملة لمصالح إقليمية خارجية لا ترقى إلى المصلحة الوطنية اللبنانية بشيء».

واستبعد جعجع، في حديث لوكالة الأنباء «المركزية»، أن يضع بري على جدول أعمال الجلسة مشروع «اللقاء الأرثوذكسي»، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، نزولا عند رغبة بعض القوى السياسية، لأنه يأخذ في حساباته أن البحث في مشروع قانون الانتخاب ما زال متاحا في ضوء تقدم المشاورات بين القوى السياسية».

في المقابل، ناشد رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون «النواب المسيحيين استغلال فرصة طرح القانون الأرثوذكسي» لتأمين التمثيل الصحيح للمسيحيين لأنه الفرصة الوحيدة لتأمين صحة التمثيل. وقال بعد اجتماع كتلته النيابية أمس: «نريد أولا قانون انتخاب ومن بعدها نبحث في تشكيل الحكومة»، شاكرا ميقاتي «الذي أعطى للحكم أقصى ما يمكن أن يعطيه ونأمل أن نتلاقى معه في وقت لاحق بعد الانتخابات».

وفي موازاة إصرار عون على أن «حكومة مستقيلة لا تمنع مجلس النواب من التشريع وهناك سوابق شرعت فيها الحكومة اللبنانية»، شدد على وجوب معرفة جدول أعمال الحوار الوطني قبل المشاركة فيه، وذلك ردا على عزم الرئيس اللبناني دعوة الفرقاء اللبنانيين إلى طاولة الحوار مجددا، بعد انتفاء أسباب عدم مشاركة فريق «14» الذي كان يطالب باستقالة الحكومة أولا.

وقال النائب في كتلة المستقبل أحمد فتفت: «إننا مستعدون للمشاركة في أي حوار، لأنه بمجرد استقالة الحكومة، لم يعد لدينا إشكالية بالمشاركة في الحوار». وأعرب عن اعتقاده أن «بري سيكون مضطرا للدعوة إلى جلسة تشريعية بهدف التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، ولكنه في الوقت نفسه سيستعملها كـ(فزاعة) في وجه (14)، بمعنى أنه سيضع في المقابل الاقتراح الأرثوذكسي على التصويت، ليحصل نوع من المساومة».

وتلقى الدعوة إلى الحوار ردودا متفاوتة في صفوف «14»، حيث أكد عدوان، بعد لقاء بري أمس، ضرورة أن «تبدأ الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة جديد قبل أي شيء آخر، حتى قبل الحوار، ولا يمكن أن يحل أو يسبق الحوار الاستشارات». وقال إن بري «دعا إلى حوار عبر جلسة، ويمكن أن يكون عبر أشخاص غير معتمدين، وذلك لحل القضايا العالقة»، وأوضح أنه «انطلاقا من دور المجلس النيابي يجب العمل على قانون انتخابي جديد»، معتبرا أن «موضوع إلغاء الستين يشكل الآن أولوية».

وتمنى النائب سامي الجميل، بعد لقاء بري، أن «تكون هناك حكومة إنقاذ وطني، أي أن تنتقل كل الأقطاب في الدولة اللبنانية إلى داخل المؤسسات ويشكلوا حكومة ويتحملوا مسؤوليتهم أمام الناس». وشدد على أن «البلد لا يتحمل تأجيلا ولا حكومات ناقصة، ويجب أن تكون هناك حكومة إنقاذ وطني مهمتها الأساسية إيجاد قانون انتخاب على أن يوقف بعدها مجلس النواب التسويات ونذهب إلى إعادة نظر شاملة بكل مشكلات البلد وموضوع حياد لبنان وإصلاحات جذرية لأن لبنان لا يحتمل «ترقيعا».