قادة اليهود الأميركيين يرحبون بنتائج زيارة أوباما إلى الشرق الأوسط

سفير تل أبيب في واشنطن: الرئيس ترك وراءه إسرائيل أكثر قوة

TT

أفادت مصادر دبلوماسية إسرائيلية في واشنطن بأن غالبية القيادات اليهودية في الولايات المتحدة عبرت عن رضاها من زيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى الشرق الأوسط، بينما قوى اليمين المتطرف التزمت الصمت. وحتى الذين انتقدوا أوباما على رفضه إلقاء خطابه المركزي أمام الكنيست الإسرائيلي وتفضيله إلقاء الخطاب أمام 600 شاب إسرائيلي في القدس الغربية، لم يجدوا ما ينتقدونه في هذه الزيارة.

وقال السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، إن الرئيس الأميركي أقلع من إسرائيل وترك وراءه دولة أقوى مما كانت، لأنه في أثناء اليومين والنصف يوم أقام الرئيس علاقة شخصية مع مواطني إسرائيل وتحدث إلى قلوبهم. وفي مناسبات علنية التقى بالماضي، الحاضر والمستقبل للشعب اليهودي في بلاده ومن خلف الكواليس تحدث مطولا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاريه وبحث معهم في مواضيع حرجة للدولتين. والأهم من كل هذا، ربما، كانت الرسالة التي جلبها معه الرئيس وخلفها وراءه، رسالة لم تسمع فقط في إسرائيل بل وفي كل أنحاء الشرق الأوسط.

ولفتت صحيفة «هآرتس» النظر إلى أن هذا الرضا عن زيارة أوباما تم رغم التقديرات الخاطئة حول الزيارة، التي قالت إنه لم يعد يهتم بالشرق الأوسط، وإنه ينوي أن يصرف تركيزه إلى شرق آسيا، وإن أكثر ما يرمي إليه هو تهدئة النفوس في الشأن الإيراني وتنسيق المواقف في شأن سوريا، وأما الشأن الفلسطيني فيكاد ينسى. وإن أميركا لن تبذل جهدا خاصا لتجديد المسيرة فأوباما محصور العناية في الشؤون الداخلية وهو يأتي إلى إسرائيل «سائحا»، كما كتب صاحب العمود الصحافي في صحيفة «نيويورك تايمز» توم فريدمان. ولكن، تضيف الصحيفة: «يتبين بعد أن تمت الزيارة أن الشرق الأوسط لا يمكن هذا الرجل من ترف التجاهل. فحينما يكون أوباما مشلولا في الداخل بسبب الاستقطاب السياسي يتجه بصورة طبيعية إلى الشؤون الخارجية. وتعزز الأصداء الإيجابية من زيارته لإسرائيل وإحراز المصالحة بين إسرائيل وتركيا مكانته وتفتح شهوته لغير ذلك».

وتابعت، لا ينوي أوباما التخلي عن الشأن الفلسطيني ولو بسبب حقيقة أن وزير خارجيته جون كيري ينتمي إلى جيل يرى أن هذا الصراع هو نقطة الارتكاز (أرخميدس) لمكانة الولايات المتحدة في المنطقة كلها. وكذلك فإن يهود أميركا تقبلوا نجاح زيارة أوباما لإسرائيل بتنفس للصعداء ملحوظ. فقد حل قضية «الولاء المزدوج» إذا أمكن أن نسميه كذلك عند المصوتين لأوباما ومؤيدي سياسته الليبرالية الذين كانوا يشكون حقا في أنه صديق حقيقي لإسرائيل. ونشر رؤساء المنظمات اليهودية ومنها لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (الايباك) أيضا الذين لا يشعرون بالارتياح حينما يضطرون للحضور مع الرئيس، نشروا تصريحات تأييد حماسية. بينما منظمات اليمين هي التي خفتت أصواتها وهي التي تهاجم الرئيس منذ زمن بسبب كل شيء يتعلق بالشرق الأوسط يصدر عن البيت الأبيض. فقد صمتت لجنة الطوارئ من أجل إسرائيل، وخرج الائتلاف اليهودي الجمهوري في عطلة، واختفت منظمة صهاينة أميركا من غير أن تترك أثرا منذ أن عبرت عن «انزعاجها» بسبب قرار أوباما «المهين» على ألا يخطب في الكنيست.

وكان السفير الإسرائيلي في واشنطن قد أشاد بزيارة أوباما مبرزا طابع التأييد غير المحدود لإسرائيل فيها. فقال: «لقد وقعت الزيارة في فترة مصيرية لدولة إسرائيل في زمن تشهد فيه المنطقة صخبا.. خطر السلاح الكيميائي في سوريا، عشرات آلاف الصواريخ التي في أيدي مخربين في لبنان وفي غزة والبرنامج النووي الإيراني، كل ذلك يضع إسرائيل أمام مخاطر وتحديات عظيمة. وفي نفس الوقت فإن الولايات المتحدة تعبة من حربين طويلتين في الشرق الأوسط ومن شأن التقليصات في الميزانية أن تؤثر على رغبة وقدرتها على مواصلة التدخل في المنطقة. لقد جاء الرئيس أوباما ومعه رسالة لا تقبل التأويل لوجهين لكل سكان إسرائيل وجيرانها. وفور هبوطه شرف بحضوره بطارية القبة الحديدية، المنظومة الثورية ضد الصواريخ التي طورها إسرائيل وتلقت تمويلا أميركيا سخيا. وفي لقائه مع الجنود والضباط الشباب الذين يعملون على المنظومة أعرب الرئيس عن التزامه بمواصلة تعزيز أمن الدولة في ضوء تهديد الصواريخ.

وفي سياق جولة الرئيس داخل متحف المحرقة، تحدث منددا بمن ينفون الكارثة وشدد على أن إسرائيل لم تقم في أعقاب الكارثة بل ضمانة لمنع تكرارها. وفي جبل هيرتزل وضع الرئيس إكليلا على قبر رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين في رسالة لالتزامه بتحقيق السلام، كما وضع إكليلا على قبر هرتزل، أبي الفكر الصهيوني، في إيماءة منح مفعول رئاسي للفكرة الصهيونية ولأحقية الدولة اليهودية. وفي قصر الكتاب، يرافقه الرئيس شيمعون بيريس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تبين الصلة التي تمتد لآلاف السنين بين الشعب اليهودي وبلاد إسرائيل، التي تتجسد بالوثائق الأثرية الضائعة. وفي خطابه أمام أكثر من ألفي طالب في مباني الأمة تأثر الرئيس بالهتافات التي تلقاها بعد أن بسط أمامهم رؤياه بالنسبة لإسرائيل وللشرق الأوسط بأسره. وفي كل هذه المناسبات، وكذا في وليمة العشاء في مقر الرئيس بيريس، لم يفوت أوباما أي فرصة لوصف إسرائيل بأنها دولة القومية اليهودية والولايات المتحدة كحليفها الخالد.