باريس تحث الخطيب على العودة عن استقالته وتشدد على وحدة المعارضة مصدرا لشرعيتها

قالت إن الاستعانة بالحلف الأطلسي بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن

TT

حثت باريس بشكل غير مباشر رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض على العودة عن استقالته وعلى العمل على تعزيز وحدة المعارضة بحيث تتوفر لها الصدقية الكافية لتكون بديلا عن النظام. كذلك وعدت باريس بمساعدة المعارضة على انتزاع مقعد سوريا لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. غير أنها في المقابل اعتبرت أن دعوة أحمد معاذ الخطيب للحلف الأطلسي لإقامة منطقة حظر طيران فعلية فوق المناطق السورية المحررة، تحتاج إلى قرار دولي من مجلس الأمن، وأنه «بالنظر لوضع المجلس في الوقت الحاضر» في إشارة لمعارضة روسيا والصين اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو)، فسيكون من الصعب الحصول على قرار كهذا.

وقالت الخارجية الفرنسية أمس، في إطار مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، إنها «لا تريد التدخل» في شؤون المعارضة السورية كما «لا تريد إملاء أي قرار» على الائتلاف الوطني رغم العلاقة «الخاصة» التي تربطها به؛ حيث كانت أول بلد اعترف به ممثلا شرعيا «وحيدا» للشعب السوري متقدمة بذلك على دول الجامعة العربية. غير أنها في المقابل كالت المديح للخطيب «المتمسك بمبادئ الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الأقليات التي نريدها أسسا لسوريا المستقبل». وشدد فيليب لاليو، الناطق باسم الخارجية، على أهمية وحدة المعارضة بوصفها «مصدر شرعيتها وقوتها وتأهلها لتكون بديلا عن النظام».

وأفادت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» أن باريس «تثق» بالخطيب و«تحترم آراءه ومواقفه»، مذكرة بأن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كان أول زعيم غربي يستقبله رسميا. ولذا، فإنها ترى أن بقاءه على رأس الائتلاف «مفيد للمعارضة» التي تعتبر أنها تخضع «لضغوط مختلفة ومتضاربة من شركائها الرئيسيين» في إشارة إلى بلدان الخليج وتركيا والدول الغربية.

ووصفت باريس إعطاء مقعد سوريا في الجامعة العربية للائتلاف بأنه «تطور مهم ولحظة مفصلية» لأنه يساهم في تعزيز قوة وشرعية الائتلاف ويفتح أمامه الباب للدخول إلى المحافل الدولية مثلما طلب الخطيب. وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «تريد مساعدة الائتلاف» على تحقيق أغراضه السياسية والدبلوماسية التي تأتي «بالتوازي» مع الجهود التي تبذلها فرنسا وبريطانيا لدفع الاتحاد الأوروبي إلى القبول بتسليح المعارضة السورية.

وكانت مصادر فرنسية رفيعة فصلت لـ«الشرق الأوسط» قبل قمة الدوحة، الآلية التي تمكن الائتلاف من الوصول إلى احتلال مقعد سوريا في الأمم المتحدة. وباختصار، تكمن هذه الآلية في إبلاغ أمينها العام رسميا بواسطة رسالة من رئيس الائتلاف ورئيس الحكومة بالرغبة في احتلال مقعد سوريا والتذكير بأن الائتلاف يحظى باعتراف أكثر من مائة دولة أي ما يزيد على نصف أعضاء الأمم المتحدة. وعقب ذلك يكلف الأمين العام لجنة من مجلس الأمن لدراسة الموضوع. والأرجح أن تنقسم اللجنة على نفسها بسبب المعارضة المنتظرة من موسكو وبكين مما سيحفز الأمين العام إلى نقل الطلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تستطيع التصويت على قرار بهذا المعنى. وبالنظر إلى ميزان القوى القائم في الجمعية العامة، فمن المرجح جدا أن تحصل المعارضة على ما تبتغيه.

أما طلب الخطيب من الحلف الأطلسي بمد مظلته الواقية من الطائرات إلى المناطق المحررة في سوريا، فترى فرنسا أنه يحتاج إلى أمرين: الأول، موافقة الحلف على ذلك، والثاني صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن حتى تحترم الأصول الدولية ويتوافر الغطاء الشرعي الضروري الذي أعلنت باريس دوما تمسكها به في أي عملية تدخل في سوريا. والحال، تلاحظ باريس، أن الحلف، بصفته منظمة جماعية، أعلن أكثر من مرة عن رغبته البقاء بعيدا عن الأزمة السورية. كذلك، فإنه من الصعب جدا ووفق الوضع الحالي تصور قبول روسي بقرار تحت الفصل السابع يتيح للحلف الأطلسي التدخل في سوريا.

أما موضوع مد الائتلاف بالسلاح الأوروبي، فيبدو أنه ما زال يواجه مقاومة قوية من الدول الرافضة التي لا ترى أن «الضمانات» حول هوية الأطراف التي يمكن أن يصل إليها السلاح الأوروبي، «كافية».

وكلف وزراء الخارجية الأوروبيون ممثلي الدول الـ27 وخبراءها بحث الموضوع ونقل توصياتهم إلى اجتماع وزراء الخارجية الذي سيعقد في 22 أبريل (نيسان) المقبل في بروكسل. أما الحد الأقصى المتاح لاتخاذ قرار أوروبي فهو نهاية مايو (أيار) المقبل. وفي حال عجز الأوروبيين عن اتخاذ قرار جديد، فإن القرار المتخذ في 28 فبراير (شباط) الماضي الذي ينص في آن على العقوبات وعلى حظر التسليح سيسقط من تلقاء نفسه وهو ما لا تريده أي دولة أوروبية.