حزب طالباني يشكو من محاولات لتحجيمه.. وينفي تبعيته لتنظيم بارزاني

مصدر قيادي: قواعدنا تضغط باتجاه المزيد من الاستقلالية

جلال طالباني و مسعود بارزاني
TT

تشهد العلاقات التحالفية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم كردستان (الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني) منذ فترة قصيرة توترات تتصاعد حينا وتخف حينا آخر، وخصوصا منذ غياب الرئيس طالباني عن المشهد السياسي الحالي بالعراق والإقليم بسبب الجلطة الدماغية التي أصيب بها قبل أربعة أشهر. ويعترف قيادي في الاتحاد الوطني بأن أحد أسباب تفجر الأزمة بين الحزبين هو غياب طالباني الذي كان له تأثير في ظهور المواجهة الحالية، حيث كان هو من حافظ على التوازن القائم بين الحزبين، على الرغم من اختلال ذلك التوازن لصالح حزب بارزاني.

وشهدت العلاقة أمس توترا جديدا بسبب تصريح صدر عن نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول علي الذي يدير الآن هذا الحزب في غياب طالباني، رد خلاله على تقرير في فضائية «كي إن إن» التابعة لحركة التغيير المعارضة وجاء فيه: «أن كوسرت يدفع بحزب الاتحاد الوطني نحو المزيد من التبعية لحزب بارزاني»، وهو ما نفاه نائب الأمين العام جملة وتفصيلا في بيان أشار فيه إلى «أنه ليس هناك أي صحة لتعهد كوسرت رسول لمسعود بارزاني بتقارب حزبه من الحزب الديمقراطي، مقابل دعم بارزاني لكوسرت لاحتلال موقع طالباني في زعامة الحزب». وأشار البيان إلى «أن كوسرت لم يجتمع منفردا ببارزاني مطلقا، وأن جميع لقاءاتهما المشتركة كانت ضمن الاجتماعات التي تعقد بين المكتبين السياسيين أو مع القوى والأحزاب الكردستانية، وهي اجتماعات كانت تكرس لبحث الأزمة السياسية في العراق وبحث أوضاع كردستان، وحضر معظم تلك الاجتماعات ممثلون عن حركة التغيير وأحزاب المعارضة الأخرى، ولم يلتق كوسرت مع بارزاني خارج تلك اللقاءات الرسمية، وليست هناك أي خطة لديه لتقارب حزبه مع الحزب الديمقراطي الكردستاني». وختم البيان بالتأكيد مرة أخرى على وحدة الموقف داخل الاتحاد الوطني وأشار إلى أن القيادة الحالية بالاتحاد الوطني هي قيادة موحدة تجمعها إرادة موحدة، وأن مثل هذه الأخبار الملفقة التي تهدف إلى زرع الشقاق بينها، لن تحقق أغراضها».

وكان تصريح آخر أحدث أزمة بين الحزبين، حين ألقى الملا بختيار مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للاتحاد الوطني كلمة في تجمع لمجموعة من البيشمركة القدامى الذين انتسبوا سابقا إلى قوة «سورداش»، التي كانت أحد أهم فرق البيشمركة للاتحاد الوطني قامت بالكثير من المعارك الفاصلة ضد قوات النظام السابق في جبال كردستان، دعا فيها إلى إعادة تشكيل تلك الفرقة من البيشمركة، وهذا ما عده بارزاني تجاوزا على صلاحياته كرئيس للإقليم. فقد نشر موقع «أوينة نيوز» الكردي أن بارزاني أرسل برقية فورية إلى قيادة الاتحاد الوطني يستوضحها حول هذا التصريح، مشيرا إلى أنه اتفق في وقت سابق مع جلال طالباني الأمين العام للاتحاد الوطني على أن تكون لقوات البيشمركة مرجعا موحدا، وهو رئيس الإقليم الذي يعتبر قائدا عاما لقوات بيشمركة كردستان، وبناء على ذلك يجب أن يكون تشكيل أو تسليح أي قوة من البيشمركة بعلمه وتحت إشراف وزارة البيشمركة. لكن الملا بختيار رد على تلك البرقية بقوله إن هناك من نقل الأخبار بشكل خاطئ إلى رئيس الإقليم، لأنه لو عاد إلى نص خطابه في مجموعة البيشمركة، سيجد أنه لم يتحدث مطلقا عن إعادة تشكيل تلك القوة. هذه التوترات التي طفت على السطح بين الحزبين اللذين يرتبطان بتحالف استراتيجي وقعاه منذ عام 2006 تأتي في ظل غياب الرئيس طالباني الذي خلف وراءه بسبب مرضه لجنة قيادية تتولى حاليا إدارة شؤون الحزب. وتتمحور الخلافات الأساسية حسب مصادر قيادية داخل الاتحاد الوطني حول موقف حزب بارزاني من التقارب الكبير الذي حصل بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير التي تقود جبهة المعارضة في إقليم كردستان التي كان يفترض أن تعقد لقاء قمة قبل عدة أيام مع الاتحاد الوطني لكنه تأجل بسبب عطلة نوروز، ويتوقع أن يعقد الاجتماع في غضون الأيام القليلة القادمة، لكن حركة التغيير وضعت شروطا مسبقة لعقد ذلك الاجتماع، في مقدمتها إدراج موضوع الاتفاق الذي حصل بين جلال طالباني ورئيس الحركة نوشيروان مصطفى قبل مرض الأول، والذي يقضي بإعادة مشروع دستور الإقليم إلى البرلمان، وتغيير النظام السياسي في كردستان من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني، وهذا ما يرفضه حزب بارزاني. وكان يؤمل أن يلتقي وفد حركة التغيير برئاسة نوشيروان مصطفى وكبار قادتها، بوفد من كبار قادة الاتحاد الوطني وهم كوسرت رسول وبرهم صالح نائبي الأمين العام وهيرو إبراهيم والملا بختيار وأرسلان بايز أعضاء المكتب السياسي، ولكن الاجتماع مؤجل حاليا.

في غضون ذلك كشف قيادي في حزب طالباني اشترط عدم ذكر اسمه «أن مجمل الخلافات الدائرة بين الاتحاد والديمقراطي يتمحور حول نقطة واحدة وهي تهميش دور الاتحاد الوطني من قبل حزب بارزاني». وقال: «كان الرئيس طالباني هو الوحيد الذي حرص على العلاقة بين الحزبين، وقدم الكثير من التنازلات لصالح الحزب الحليف، وكان معظم تلك التنازلات غير مقبول من القواعد الحزبية، ولكن احتراما لطالباني سكت الجميع عنها، ولكن اليوم المعادلة تغيرت بغياب طالباني عن قيادة الحزب بسبب ظروفه الصحية، ولذلك زادت في الآونة الأخيرة ضغوطات القواعد الحزبية باتجاه استعادة الاتحاد الوطني لدوره، خصوصا وأن هذا الحزب هو الذي فجر الثورة الجديدة وهو الذي حرر معظم مناطق كردستان أثناء الانتفاضة الشعبية عام 1991، وهو الذي قدم قافلة من الشهداء في هذا السبيل، ولكن هناك محاولات لتصغير شأن الاتحاد من قبل الديمقراطي وإضعاف دوره أيضا». وأورد القيادي الكردي عدة أمثلة بهذا الخصوص وقال: إن «مشاركة وزراء الاتحاد الوطني في حكومة الإقليم غير فاعلة، وهناك تهميش مقصود ضدهم، ولا دور للاتحاد الوطني في رسم السياسة النفطية التي هي سياسة غير شفافة، ولا دور له أيضا في تقرير السياسة الخارجية بسبب احتكار الحزب الديمقراطي لدائرة العلاقات الخارجية التابعة للحكومة، فمن بين مائة من ممثلي وموظفي هذه الدائرة ليس هناك سوى ثلاثة من أعضاء الاتحاد الوطني، ناهيك بحرمان تنظيماته من العمل في محافظة دهوك وغيرها من مناطق نفوذ الحزب الآخر، والسؤال الذي يثار حاليا بين القواعد الحزبية للاتحاد الوطني هو: إذا كنا فعلا حلفاء ومشاركين بالحكم، يفترض أن تعالج هذه الأمور، وإلا فليذهب كل منا في سبيله نحو خوض الانتخابات بقائمة مستقلة». وختم القيادي: «من أجل كل ذلك اصطف الاتحاد الوطني إلى جانب حركة التغيير بمطلب إعادة مشروع الدستور إلى البرلمان وتغيير شكل النظام السياسي، من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني، لكي لا تتجمع جميع السلطات بيد طرف واحد دون آخر، ولكي لا تتحزب دوائر الحكومة ومؤسساتها بلون واحد».