محكمة مصرية تقضي ببطلان قرار الرئيس مرسي بعزل النائب العام السابق

الرئيس المصري يرجح إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر المقبل

الرئيس المصري محمد مرسي يصافح مبعوثين مصريين في مطار «الملك شاكا» في مدينة ديربان لحضور قمة «بريكس» امس (رويترز)
TT

أصيبت الدوائر السياسية والقضائية في مصر بالارتباك الشديد على خلفية حكم أصدرته محكمة استئناف القاهرة أمس، ببطلان قرار الرئيس محمد مرسي إقالة النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود. وبينما قلل مصدر قضائي من الأثر المادي للحكم، قال فقهاء دستوريون إنه يفتح بابا واسعا أمام الطعن على قرارات أخرى للرئيس، منها قرار إقالته للمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري السابق.

ووسط حالة من الترحيب في صفوف قوى معارضة، قال متحدث باسم الرئاسة في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من جنوب أفريقيا: «لا تعليق على أحكام القضاء»، وإن الرئاسة «لم تتخذ بعد قرارا بشأن خطوتها القادمة».

ويشارك الرئيس مرسي في قمة «البريكس» المنعقدة في مدينة ديربان بجنوب أفريقيا التي وصلها صباح أمس. وحول رد فعل الرئيس على الحكم، قال المتحدث الرسمي إنه «لم يتحدث مع الرئيس بهذا الشأن بعد».

وكان الرئيس مرسي قد أصدر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إعلانا دستوريا، أقال بموجبه النائب العام (عبد المجيد محمود) وعين خلفا له المستشار طلعت عبد الله، قبل أن يلغي مرسي الإعلان الذي أثار جدلا واسعا حينها، محتفظا بآثاره القانونية، ومن بينها إقالة النائب العام.

وفي أول تعليق لمكتب النائب العام على الحكم، اعتبر المستشار مصطفى دويدار، المتحدث باسم النيابة العامة، الحكم الصادر بإلغاء قرار عزل عبد المجيد مجرد «شو (عرض) إعلامي لا أكثر»، مضيفا في تصريح له أمس أن هيئة قضايا الدولة (محامي السلطة التنفيذية) هي الجهة المنوط بها الطعن على الحكم.

وكان عدد واسع من وكلاء النائب العام قد علقوا العمل نهاية العام الماضي لعدة أسابيع احتجاجا على قرار عزل عبد المجيد محمود، كما علقت محاكم مصرية وقتها، وللمرة الأولى في تاريخها، العمل أيضا وامتنع قضاة عن الإشراف على الاستفتاء على الدستور احتجاجا على القرار ذاته.

ووسط جدل قانوني، قلل سعيد محمد، وهو وكيل للنائب العام، من الأثر المادي للحكم، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكم الصادر عن دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة ليس واجب النفاذ ولا يعد نهائيا قبل درجة النقض، التي تعد درجة التقاضي الثانية في هذه الدائرة ذات الطبيعة الخاصة لأنها معنية برجال القضاء فقط.. ويعد النقض في هذه الحالة استئنافا لموضوع الحكم».

وأوضح محمد أن «الحكم لم يمس من قريب أو بعيد قرار تعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد لله»، وأضاف أنه حتى وإن صدر حكم بات في الطعن لصالح النائب العام السابق، فإن هذا يرتب له التعويض فقط ولا يؤثر على موقع النائب العام الحالي. لكن الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المحكمة (التي قضت بإلغاء قرار عزل عبد المجيد) استندت في حكمها إلى نص المادة 119 من قانون السلطة القضائية، وهي التي تتحدث عن أن النائب العام محصن من العزل والإقالة وأنه لا يفقد منصبه إلا ببلوغ سن التقاعد أو الوفاة أو الاستقالة، وهذا لم يحدث في حالة عبد المجيد محمود». وأشار فرحات إلى ما اعتبره «الأمر الأكثر خطورة في الحكم»، قائلا: «لا تفسير لحكم المحكمة إلا أنها رأت أن الإعلان الدستوري الصادر (من الرئيس مرسي) في 21 نوفمبر والإعلان اللاحق الذي صدر (من الرئيس أيضا) في 9 ديسمبر (اللذين أطاحا بالنائب العام) هما إعلانان منعدمان، لأنه لا سلطة لرئيس انتخب استنادا إلى قواعد دستورية أقسم اليمين على احترامها في أن يعدل هذه القواعد أو يصدر إعلانات دستورية».

وأضاف فرحات أن «المحكمة بهذا الشكل اعتبرت الإعلان الدستوري مجرد عقبة مادية أمام تطبيق صحيح القانون، وهو أمر ينسحب على قرارات أخرى للرئيس، منها الإعلان الدستوري الصادر في أغسطس (آب) الماضي الذي أبطل الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري منتصف العام الماضي».

وتابع فرحات قائلا: «إن الإعلان الدستوري المكمل كان ينص على بقاء تشكيل المجلس العسكري بصورته حينذاك (برئاسة طنطاوي) حتى وضع دستور جديد للبلاد، وهو ما يفتح ملف مدى دستورية قرار إقالة المشير طنطاوي ورئيس الأركان السابق الفريق سامي عنان. وصدر قرار إقالة طنطاوي وعنان في أغسطس الماضي، أي قبل وضع دستور جديد للبلاد». وعلى مدار الشهور الماضية، تشكك معارضون للرئيس مرسي في حياد النائب العام الجديد (طلعت عبد الله)، قائلين إنه تلكأ في تحريك بلاغات كثيرة ضد كوادر وقيادات «الإخوان»، في حين أنه يصدر قرارات ضبط وإحضار لمعارضي الرئيس، وهو أمر ينفيه مكتب النائب العام.

وانعكست حالة الارتباك التي سادت الأوساط القضائية على المشهد السياسي، المضطرب أصلا، في البلاد. وقال الدكتور أحمد عارف، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس، لـ«الشرق الأوسط»، تعليقا على الحكم، أمس: «لم نحدد موقفنا بعد، ما زلنا ندرس الحكم وتداعياته وآثاره، وسوف يصدر لاحقا بيان بهذا الخصوص».

في المقابل، استقبلت قوى معارضة في البلاد الحكم ببطلان قرار الرئيس مرسي بارتياح بالغ. وقال سامح عاشور، نقيب المحامين، القيادي بـ«جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة، إن «الجبهة (التي يقودها الدكتور محمد البرادعي) لن تسمح بأن يظل نائب عام باطل على رأس النيابة العامة»، مضيفا في تصريحات له على هامش اجتماع «جبهة الإنقاذ»، أمس، أن «النظام يستخدم النائب العام كمخلب قط لاستهداف المعارضين».

من جهته، قال الدكتور أحمد البرعي، المتحدث باسم «جبهة الإنقاذ»، إن «أي قرار يصدر عن النائب العام الحالي باطل، ولن يتم تنفيذه، وسندعو النيابات والقضاء لعدم الأخذ به».

الى ذلك قال الرئيس المصري محمد مرسي، إنه يتوقع أن تجرى الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بعدما جرى وقفها بقرار من محكمة القضاء الإداري الشهر الحالي.

وقال مرسي خلال لقاء مرسي بالجالية المصرية في قطر، حيث كان يحضر القمة العربية، إنه يتوقع «إجراء انتخابات مجلس النواب الجديد في شهر أكتوبر المقبل على أن تعقد أولى جلساته قبل انتهاء العام الحالي»، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.

ووافق مجلس الشورى، الذي يتولى مهمة التشريع بشكل مؤقت، على قانون انتخابات جديد من حيث المبدأ الثلاثاء الماضي، ومن المقرر أن يرسل نص القانون الجديد للمحكمة الدستورية العليا قبل إقراره. وكان من المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية على أربع مراحل اعتبارا من أبريل (نيسان) المقبل، لكن محكمة القضاء الإداري ألغت دعوة مرسي لهذه الانتخابات، معتبرة أنه صدق على قانون الانتخابات دون إرساله إلى المحكمة الدستورية العليا للموافقة عليها حسبما ينص الدستور.