فتح بوابة السياحة الإيرانية لمصر يثير مخاوف أمنية ومذهبية

المتحدث باسم الحكومة لـ «الشرق الأوسط»: نسعى لطمأنة القلقين منها

أحمدي نجاد خلال زيارته الاخيرة الى القاهرة في فبراير (شباط) الماضي (إ.ب.أ)
TT

يثير فتح بوابة السياحة الإيرانية لمصر مخاوف أمنية ومذهبية بعد أن اتفقت القاهرة وطهران على تسيير رحلات جوية بين البلدين تتضمن السماح بقدوم ألوف الإيرانيين لزيارة مصر لأول مرة منذ ثلاثين عاما، لكن المتحدث باسم الحكومة المصرية الدكتور علاء الحديدي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه سيتم الاجتماع مع بعض القوى السياسية من القلقين من السياح الإيرانيين. وأضاف: لا توجد أغراض مذهبية أو سياسية من وراء السياحة الإيرانية التي ستركز على زيارة الشواطئ خاصة على ساحل البحر الأحمر.

ويدور في مخيلة كثير من المصريين الهيئة التي يمكن أن يكون عليها السياح الإيرانيون الذين سيفدون على القاهرة خلال الأسابيع القادمة. شخصيات تبحث عن مساجد لها صلة بـ«آل البيت». ويقول سائق سيارة أجرة وهو يشير إلى الباحة الواسعة أمام مسجد الحسين في قلب العاصمة التي هجرها كثير من السياح الغربيين: «الإيرانيون لا ينفقون الأموال مثل السياح الأوروبيين. يكفي السائح الإيراني قليلا من الزاد، ويمضي يومه دون أن نستفيد منه بقرش».

ومنذ عام 1979 تتعارض استراتيجية مصر مع الاستراتيجية الإيرانية فيما يتعلق بعملية السلام مع إسرائيل وأمن الخليج، ما أدى لقطع العلاقات بينهما طيلة نحو ثلاثة عقود. ووفقا لمصادر دبلوماسية بالقاهرة، لم يُفعِّل نظام الرئيس السابق حسني مبارك اتفاقية تسيير طيران بين البلدين وقعت عام 2010 بسبب «ضغوط من أصدقائه الغربيين».

وعقب الإطاحة بنظام مبارك ضربت القلاقل الأمنية في مصر السياحة في مقتل، بعد أن كانت تعتمد عليها كمصدر دخل رئيسي للعملات الأجنبية. وظلت الفنادق الكبرى ذات الخمس نجوم التي كانت تستقبل الوفود السياحية الغربية، مهجورة ومظلمة بعد أن هاجمها مجهولون عدة مرات وأحرقوا طوابق منها ونهبوا بعضها، ما دفع تلك الفنادق إلى إغلاق أبوابها والخروج من السوق مؤقتا.

وقال تقرير التنافسية في السياحة والسفر لعام 2013: إن مصر تراجعت إلى المركز 85 من بين 140 دولة بعد أن كانت في المركز 75 في 2011. وتسعى الحكومة لجلب سياح من إيران ودول أخرى مثل الهند وشمال أفريقيا. والتقى هشام زعزوع وزير السياحة المصري، قبل أيام بعدد من كبار المسؤولين الإيرانيين، من أجل فتح الباب أمام السياحة الإيرانية لزيارة مصر، في محاولة لتعويض انحسار الرحلات السياحية التي كانت تتدفق على البلاد من أوروبا وأميركا واليابان.

ويشير مصدر في وزارة الطيران المصرية إلى أن دراسة داخلية بينت أن 60% من الإيرانيين الذين يرغبون في القدوم لمصر يسعون لزيارة «المقاصد الدينية»، بينما يقول أحد مديري فنادق وسط القاهرة: السياح الإيرانيون يتسمون بقلة الإنفاق.. حين كنت في العراق كانوا يشعرون بالرضا عند الوصول إلى أحد المزارات الشيعية ولا يفكرون بعدها في أي زيارات للآثار أو القيام بجولات ترفيهية، وبالتالي أتوقع أن يحدث نفس الشيء في مصر. أخشى أن تجد السياح الإيرانيين يزاحمون على الطعام المدعم وافتراش الباحات أمام مساجد «آل البيت».

ويوجد في مصر عدد من المساجد التي يعتقد أن السياح الإيرانيين سيقصدونها لارتباط اسمها بمعتقدات يرى الشيعة أنها تخص مذهبهم، ومنها مساجد في القاهرة والصعيد، مثل مسجد الحسين ومسجد السيدة نفيسة ومسجد السيدة زينب ومسجد السيدة عائشة ومسجد السيدة رقية، وغيرها. والسيدة فاطمة النبوية والسيدة سكينة الكبرى.

وحذر ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، في تصريحات لوسائل إعلام محلية مما سماه «خطورة المد الشيعي» إلى مصر. ودعا إلى منع أي تواصل مع الشيعة «حتى لو كان عبر السياحة الإيرانية»، قائلا: إن بوابة المد الشيعي في مصر هي «السياحة الإيرانية».

لكن الحكومة المصرية تقول إنها ستعمل على إجبار الوافدين الإيرانيين على التوجه إلى زيارة الآثار الفرعونية، وفقا لاتفاق مسبق بين وزير السياحة المصري هشام زعزوع والمسؤولين الإيرانيين، بينما أوضح المتحدث باسم الحكومة، بشأن المخاوف من التشيع والحرس الثوري الإيراني عبر السياحة القادمة من طهران: «نحن نشجع السياحة بصفة عامة بما فيها السياحة الإيرانية». وأضاف أن «السياحة الإيرانية سوف تأتي إلى مناطق معينة ومحددة وبالتالي ليس هناك محل من التخوف، وليس لها أهداف سياسية.. وفي إطار تشجيع حركة السياحة بين البلدين وهي سياحة مرحب بها».

وتابع الدكتور علاء الحديدي قائلا عن بعض القوى المتخوفة من فتح الباب للسياح الإيرانيين: «منعا لاستغلال بعض القوى السياسية للموضوع سيتم التواصل معهم وشرح الأمر لهم بأن هذه السياحة ليس لها أي أهداف مذهبية أو سياسية وتخدم في النهاية المصلحة المصرية».

وعما إذا كانت توجد آلية لتوجيه السياح أم أنها ما زالت قيد البحث، قال: «النظام سيكون عبارة عن طائرات شارتر للمنتجعات الموجودة على البحر الأحمر بحيث تأتي لهذه المناطق ثم العودة»، مشيرا إلى أنه «ما زال يجري عملية تنظيم تسيير الطيران بين البلدين».