ملك المغرب: المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا ستتمكن من قطع أشواط للتقريب بين شعوب القارة

الرئيس الغابوني يجدد دعم بلاده اللامشروط لمبادرة الحكم الذاتي المغربية

العاهل المغربي يلقي خطابا في مأدبة العشاء التي أقامها الليلة قبل الماضية على شرفه الرئيس الغابوني (ماب)
TT

أعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس عن يقينه بأن المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا ستتمكن خلال سنة 2013 من قطع أشواط هامة في إطار مسلسل التقريب بين شعوب وسط أفريقيا.

وأشاد الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه خلال مأدبة العشاء الرسمية التي أقامها على شرفه الرئيس الغابوني علي بونغو أنديمبا الليلة قبل الماضية بـ«الدور المحوري» الذي تضطلع به الغابون ضمن المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا التي يوجد مقرها في مدينة ليبرفيل معربا عن استعداد المغرب التام لإقامة علاقات مؤسساتية مع هاتين المنظمتين شبه الإقليميتين لا سيما من خلال تخويل المملكة صفة ملاحظ.

وقال الملك محمد السادس إن «المغرب والغابون يقفان جنبا إلى جنب على الساحة الدولية لخدمة أهداف التنمية المستدامة والسلم الشامل وبلوغ الهدف المنشود لإعادة صياغة منظومة للحكامة العالمية, تضطلع فيه قارتنا الأفريقية بدور فعال».

وعلى الصعيد الأفريقي, قال ملك المغرب مخاطبا الرئيس بونغو: «أود أن أغتنم هذه اللحظة المتميزة لأعرب لكم عن عميق تقديري لالتزامكم باستتباب السلم والأمن في قارتنا.. فمنذ توليكم رئاسة بلدكم وأنتم تحرصون على مواصلة الاضطلاع بالدور القيم الذي ما فتئ الغابون يلعبه كأرض للحوار والوساطة في سبيل إخماد بؤر التوتر وتسوية النزاعات بين البلدان الأفريقية».

وهذه ثالث زيارة يقوم بها الملك محمد السادس للغابون منذ اعتلائه حكم المغرب صيف 1999. وقال العاهل المغربي إن الزيارة الحالية سوف تشكل لبنة جديدة ومتميزة في مسار تطوير العلاقات بين البلدين. وزاد ملك المغرب قائلا: «سنتمكن من مواصلة تعميق وتوسيع شراكتنا التضامنية والمثمرة، والاعتماد على قدراتنا الذاتية للاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبينا الشقيقين, المشهود لهما بمدى تشبثهما بالتعاون بين الدول الأفريقية».

وفي هذا السياق, ذكر الملك محمد السادس أنه «تم تحيين وإثراء الإطار القانوني لشراكتنا, بينما شهدت مختلف أشكال تبادل التجارب والخبرات فيما بيننا تطورا مطردا واتسعت دائرة التعاون التقني اتساعا ملحوظا» مبرزا أن أجواء الثقة والتفاهم الودي، التي تطبع علاقات البلدين شكلت أرضية خصبة لتعزيز المبادلات الاقتصادية والتجارية بينهما، وأن «خير شاهد على ذلك تنامي عدد المجموعات المغربية الكبرى الموجودة هنا بالغابون حيث تستقطبها المؤهلات التي يزخر بها الاقتصاد الغابوني وتستهويها جاذبية مناخ الأعمال في بلدكم».

من جانبه، أكد الرئيس الغابوني، في خطاب مماثل أن الشراكة الاستراتيجية القائمة بين الغابون والمملكة المغربية هي في الوقت نفسه شراكة تاريخية ونموذجية وأن «جودة هذه الشراكة المتميزة بين بلدينا تتطلب منا العمل على تمتين ما يجمعنا من روابط متعددة الأشكال، وتنويعها في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك».

وقال الرئيس الغابوني إن المبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين حققت تطورا من حيث الكثافة والتنوع وإن حجمها يعد بتحقيق مزيد من النمو؛ نظرا للنتائج المشجعة المسجلة خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي شهدت نموا ملحوظا في الصادرات المغربية نحو الغابون، وفي الصادرات الغابونية نحو المغرب.

وأعرب الرئيس بونغو عن يقينه من أن الإجراءات المطبقة في الغابون من أجل إصلاح وتأمين مناخ الأعمال والمعززة بإحداث مجلس مغربي - غابوني للأعمال ستمكن من بلورة المشاريع المحددة باتفاق الطرفين وبالتالي الإسهام في تبوء المملكة المغربية المكانة اللائقة بها في الغابون مذكرا في هذا الصدد بنجاح الدورة الثانية «للأيام التجارية المغربية - الغابونية»، التي نظمت في يونيو (حزيران) 2012، والتي أدت إلى تحديد محاور جديدة للتعاون والاستثمار، ومكنت من توقيع الكثير من الاتفاقيات بين الفاعلين الاقتصاديين بالبلدين.

وبعد أن أشار إلى أن البلدين يراهنان على نجاح أشغال الدورة السادسة العادية للجنة المشتركة الكبرى للتعاون المغربي - الغابوني التي ستنعقد عما قريب بليبرفيل قال الرئيس الغابوني: «إن تكثيف علاقاتنا الذي ما فتئنا ندعو إليه معا يتجسد اليوم بالتزام الفاعلين الاقتصاديين المغاربة بمواكبة بلدنا في إنجاز المخطط الاستراتيجي للإقلاع بالغابون».

وأشاد الرئيس الغابوني من جهة أخرى بمبادرات العاهل المغربي الذي تفوق بفضل «عزمه وبراغماتيته في إطلاق إصلاحات مؤسساتية هامة أفضت إلى تنظيم انتخابات حرة وشفافة وتعزيز دولة الحق والقانون والنهوض بحقوق المرأة» في المملكة وأنه من حق المغرب أن يفتخر اليوم بكونه يقدم للعالم صورة مملكة مبدعة وحديثة تحترم فيها إرادة الشعب مبرزا أن مشروع الجهوية والأوراش الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي يقودها الملك محمد السادس جديرة بالاحترام والتقدير.

واعتبر الرئيس بونغو أن حضور المملكة المغربية في أفريقيا أمر لا محيد عنه بالنظر لإشعاعها على الساحة القارية والدولية لا سيما أن هذا الحضور هو في مستوى التطلعات المشروعة والطموحات العادلة للمغرب العضو المؤسس لمنظمة الوحدة الأفريقية وصاحب مبادرات قارية، والمدافع القوي عن الحوار الأورو - متوسطي.

وقال: «إن التزامنا المشترك لصالح السلام والاستقرار على الصعيدين القاري والعالمي وإرادتنا في تفضيل الحوار والتفاوض لحل النزاعات ونبذنا للإرهاب بجميع أشكاله والدعم المعنوي والمالي الذي نقدمه للدول الشقيقة التي تعاني من صعوبات تجعل بلدينا يتمتعان بمصداقية وصوت مسموع في المحافل الدولية» مهنئا، بهذا الخصوص المملكة المغربية على رئاستها المتميزة لمجلس الأمن في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012.

وفيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية جدد الرئيس الغابوني دعم بلاده «اللامشروط للمبادرة المغربية الهادفة إلى تخويل جهة الصحراء حكما ذاتيا موسعا في إطار الوحدة الترابية والوحدة الوطنية للمملكة المغربية».

من جهة أخرى، استقبل الملك محمد السادس أمس بالإقامة الملكية في ليبرفيل رئيس الحكومة الغابوني رايموند ندونغ سيما كما استقبل رئيس الجمعية الوطنية الغابونية غي نداما ورئيسة مجلس الشيوخ روز فرانسيز روغومبي.

واستقبل العاهل المغربي كذلك وفدا عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الغابوني يقوده رئيسه إسماعيل أوسيني أوسا إمام وخطيب مسجد الحسن الثاني في ليبرفيل.

وضم هذا الوفد علي أكبر أونانغا يوبيغي مستشار الرئيس وعبد السلام بوسوغو نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الغابوني.

وعلى صعيد ذي صلة، أعلن الشرقي الضريس الوزير المغربي المنتدب لدى وزير الداخلية في ليبرفيل أن المغرب سيقدم مساعدة تقنية للغابون لإحداث أكاديمية للأمن بمنطقة ليبرفيل وسيساهم في إعداد أشكال التكوين.