أوباما يختار أول امرأة لرئاسة جهاز «الخدمة السرية»

بعد عام على الفضيحة الجنسية التي لطخت سمعة المؤسسة الأمنية الحساسة

الرئيس الاميركي باراك أوباما يشرف على اداء بيرسون القسم امام نائب الرئيس جو بايدن أمس (أ.ب.)
TT

عين الرئيس الأميركي باراك أوباما المسؤولة المخضرمة بجهاز الخدمة السرية الأميركي، جوليا بيرسون، رئيسة للجهاز لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب على مر تاريخ الجهاز الذي يعود إلى 148 عاما مضت، وذلك بعد قرابة عام من فضيحة الدعارة التي لطخت سمعة هذه المؤسسة الأمنية المكلفة حماية الرئيس وعائلته وكبار المسؤولين.

شغلت بيرسون (53 عاما) التي بدأت مسيرة حياتها المهنية كموظفة بالجهاز في ميامي قبل ثلاثة عقود، منصب كبيرة موظفي المدير السابق مارك سوليفان على مدى الخمسة أعوام الماضية. ووصفها أقرانها بأنها مديرة تتسم بالمهارة والتفاني في العمل وأنها أسهمت في الإشراف على مشروع رأسماله 250 مليون دولار لتحديث شبكات الاتصالات وإدارة البيانات الخاصة بالمؤسسة.

وصرح أوباما في بيان: «جوليا مؤهلة جدا لقيادة الجهاز الذي لا يضطلع فحسب بمهمة حماية الأميركيين في الأحداث البارزة وتأمين نظامنا المالي، بل أيضا بحماية قادتنا وأسرنا، بمن فيهم أسرتي». ولا يتطلب التعيين تصديقا من مجلس الشيوخ.

وجاء اختيار أوباما لبيرسون بعد عام صعب بشكل استثنائي بالنسبة للجهاز، الذي أحاطت به فضيحة الدعارة لتكشف عن ثقافة عمل يهيمن عليها الذكور. وتم تفضيلها على ديفيد أوكونور، المسؤول السابق بالجهاز، وهو مرشح آخر أجرى مقابلة مع الرئيس، حسبما أفاد أفراد مطلعون على تفاصيل العملية.

في أبريل (نيسان) الماضي، خلال الاستعدادات لزيارة أوباما إلى قرطاجنة بكولومبيا لحضور مؤتمر قمة قادة نصف الكرة الغربي، أتى الكثير من موظفي جهاز الخدمة السرية بفتيات ليل في غرفهم بالفندق، وحدث خلاف حول أجرهن. ومن بين طاقم عمل جهاز الخدمة السرية، تورط 13 موظفا ومسؤولا في فضيحة كشفت عن ثقافة استعراض للرجولة من جانب العاملين في الوقت المفترض أنهم يركزون فيه على التفاصيل المتعلقة بتأمين حياة الرئيس. وتمت إقالة الكثير من موظفي الجهاز، بينهم مراقبان متورطان في الفضيحة.

وضع سوليفان قواعد جديدة تحكم تناول الكحول وفرض حظر على الرحلات الدولية، جنبا إلى جنب مع التدريب الإجباري الإضافي لجميع موظفي الجهاز. وقد أعلن عن استقالته الشهر الماضي بعد اعتذاره عن الفضيحة.

وتقول باربرا ريغس، التي كانت أول امرأة تشغل منصب نائب مدير الجهاز في عام 2004 والمتقاعدة الآن، إن بيرسون «لديها كل المؤهلات بصرف النظر عن الأحداث التي وقعت قبل عام». وتضيف: «أعتقد أنه لأن (الفضيحة) ما زالت عالقة في أذهان عامة الشعب، كما لا تزال الصحافة تتناولها، فسوف يتعين عليها التعامل مع ما هو متبق منها».

وقال السيناتور تشارلز غراسلي، الجمهوري عن ولاية أيوا، في تصريح له الثلاثاء الماضي، إن جهاز الخدمة السرية قد «فقد ثقة الكثير من الأميركيين، كما فشل في بلوغ مستوى التوقعات المرتفعة بالنسبة له. أمام بيرسون كم هائل من العمل لتهيئة ثقافة تحترم الوظيفة المهمة الموكلة إلى جهاز الخدمة السرية».

تدير بيرسون جهازا حجم ميزانيته 1.5 مليار دولار، ويعمل به 3500 موظف و1400 ضابط بزي رسمي موحد. زود الجهاز شخصيات أميركية رفيعة المستوى في أكثر من 5600 رحلة محلية وقرابة 400 رحلة دولية بالحماية في عام 2011، كما يدير 142 مكتب تحقيقات ميدانية محلية و23 مكتبا دوليا.

وفي مقابلة أجريت معها العام الماضي، قالت بيرسون إن الإصلاحات التكنولوجية الهائلة المزمع إجراؤها خلال الخمسة أعوام المقبلة، مهمة في تعزيز قدرتها على القيام بوظيفتيها الأساسيتين: تأمين الرئيس والكشف عن التزييف.

وقالت بيرسون في مقابلة مع «بارتنرشيب فور بابليك سيرفيس»: «لا أظن أن الناس يدركون قدر التحضير الذي تتطلبه زيارة رئاسية، الإعداد لكل شيء بدءا من المكان الذي يقصده الرئيس، إلى وصوله، سواء بالطائرة أو بالسيارة (الليموزين)، فعليا لموقع الحدث». وتضيف: «نحن نحتاج لمعرفة أين سيسير وأين سينتظر ومن أين سيتحدث، ويجب أن يتم تقييم كل تلك الجوانب من قبل جهاز الخدمة السرية لتأمين سلامته».

وعلى الرغم من المدة الطويلة التي أمضتها بيرسون في وظيفتها، فإن بعض الموظفين الذين أجريت مقابلات معهم حول أبرز المتنافسين على الوظيفة أوضحوا قبل عدة أسابيع أن بيرسون تعتبر مرشحة ضعيفة بين الموظفين العاديين بالجهاز نظرا لأنها قد أمضت فترة قصيرة نسبيا في الإشراف أو في إعداد تفاصيل التأمين التي تمثل أولوية قصوى، حيث أمضت معظم فترات حياتها العملية في وظائف إدارية.

بعد تخرجها في «جامعة سنترال فلوريدا» في تخصص العدالة الجنائية، انضمت بيرسون لجهاز الخدمة السرية في مكتبه الميداني بميامي. وعملت في وضع التفاصيل الدقيقة الخاصة بتأمين الرئيس جورج بوش الأب في الفترة من 1988 إلى 1992 قبل ترقيتها لمنصب إداري.

أشرفت بيرسون على مكتب العمليات الوقائية، مؤخرا كنائب للمدير، ولكن من خلال اضطلاعها بوظيفة الإشراف على الميزانيات والموارد وتعيينات الموظفين. وبالمقارنة، تولى أوكونور مهمة تأمين الرؤساء والبابا والكثير من المرشحين السياسيين. ويقول موظف بالجهاز لم يكن مصرحا له بالحديث على الملأ: «إنها ليست متمرسة بالقدر الكافي. فقد قضت معظم فترة عملها في العمل الإداري».

وقد رفض أنصار بيرسون تلك التوصيفات. وقال رالف باشام، الذي عمل مديرا للجهاز في الفترة من 2003 إلى 2006 تحت قيادة الرئيس جورج بوش الابن: «هذا ظلم تام. لقد أثبتت جوليا نفسها كقائدة، من خلال عملها مديرا مساعدا ورئيسا لطاقم الموظفين. إنني أفضلها عن أي شخص آخر من داخل الجهاز».

ضحكت ريغس، التي أشرفت على بعض مهام بيرسون الأولى في عهد جورج بوش الأب لدى استرجاعها رحلة للرئيس لحضور عرض في أورلاندو، حيث كان قد تم إرسال بيرسون ضمن فريق أمن متقدم. وقد سر الرئيس التنفيذي لمتنزه «ديزني» في تلك الفترة، مايكل آيزنر وآخرون، لدى علمهم أن بيرسون قد لعبت من قبل دور إحدى شخصيات ديزني في المتنزه الترفيهي، بحسب ريغس. وتقول ريغس: «كل ما في الأمر أنها راقت لهم».

* أسهمت كارول ليونيغ في كتابة التقرير

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»