محتجون على البطالة في الجزائر يضربون عن الطعام بعد اعتقالهم

رئيس مكتب الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في غرداية: السلطات ترفض الحوار معنا

TT

شهدت محافظة غرداية جنوب الجزائر أول من أمس، مواجهات عنيفة بين الشباب العاطل عن العمل ورجال الأمن، أسفرت عن جرح نحو 35 شخصا واعتقال نحو 25 آخرين. وقال رئيس مكتب الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بمحافظة ورقلة لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقوفين دخلوا في إضراب عن الطعام»، وإن «السلطات المحلية ترفض الحوار من المحتجين وأسر الموقوفين، وهو ما يهدد بمزيد من الاحتقان في الأوضاع».

وتعتبر هذه المواجهات الأولى من نوعها بين عناصر الأمن والشباب العاطل، الذي قرر الاحتجاج على أوضاعه الاجتماعية تحت لواء «اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين» في العديد من محافظات الجنوب الجزائري، وكانت الانطـــلاقة من محافظة ورقلة منتصف هذا الشهر، حيث شارك آلاف من الشباب العاطــــل في احتجاجات ضد ما سموه «التهميش»، لكنها لم تشهد أي انزلاقات أمنية تذكر.

ورغم الإجراءات العاجلة التي أعلن عنها الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، المتعلقة بالتشغيل بمناطق الجنوب الجزائري، فإن رقعة الاحتجاجات اتسعت وانتقلت إلى محافظات أخرى مثل الأغواط، وأخيرا محافظة غرداية.

وقال رئيس مكتب الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بمحافظة غرداية، كبكب حاج حمو، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الاحتجاج كان سلميا في البداية قبل أن يتدخل عناصر الأمن وتحدث مشادات عنيفة بينهم وبين مئات الشباب المحتج، أسفرت عن عشرات الجرحى والعديد من الموقوفين ».

وعن أسباب الحركة الاحتجاجية، قال حاج حمو: «اعتادت السلطات الولائية سنويا تنظيم تظاهرة بمناسبة عيد الزربية (السجاد) الذي تنظم فيه عروض فلكورية متعددة. وخصص لهذه التظاهرة موازنة قدرها 19 مليار سنتيم، ونحن رأينا أن مثل هذه الأنشطة تعتبر تبذيرا للمال العام».

وأضاف: «كان الأولى بالسلطات المحلية أن تخصص هذه المبالغ من أجل الدفع بالتنمية الاقتصادية، وخلق مناصب شغل جديدة للشباب العاطل، وهناك أيضا منكوبو فيضانات 2008. هؤلاء لم يتحصلوا بعد على إعاناتهم وتعويضاتهم، وهناك مشكلات أخرى كثيرة تحتاج إلى اهتمام بهذه المنطقة، بدل إهدار المال العام في أمور لا معنى لها». ويضيف كبكب: «لأجل ذلك قررنا تنظيم تجمع احتجاجي أمام الساحة التي تحتضن التظاهرة، إلا أن قوات الأمن كانت موجودة في الساعات الأولى من صباح أول من أمس، وفي حدود الساعة التاسعة صباحا، تدخل عناصر الأمن وحاولوا تفريق الشباب المحتج، وتحول الأمر سريعا إلى مشادات عنيفة بين أفراد من الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان وآخرين من اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين، وآخرين بلا هوية سياسية ولا نقابية، استعمل فيها عناصر الأمن العصي والغازات المسيلة للدموع، وهو ما أسفر عن نحو 35 جريحا بالإضافة إلى اعتقال نحو 25 شخصا من بينهم أعضاء مكتب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ورئيسه كمال الدين فخار، إلى جانب عضو من المرصد الجزائري لحقوق الإنسان». وأشار حاج حمو إلى أن «المنظمة حاولت الاتصال بالمسؤولين المحليين؛ وضمنهم النائب العام، إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل»، وأكد أن «السلطات المحلية ترفض أي حوار مع ممثلي المجتمع المدني وعائلات الموقوفين»، وكشف أن «الموقوفين دخلوا منذ أمس في إضراب عن الطعام، وحالة بعضهم تستدعي القلق لإصابتهم بأمراض مزمنة وكبرهم في السن». وبسبب هذه الاعتقالات، أشار حاج حمو إلى أن «الوضع في محافظة غرداية الآن محتقن، وأن المحتجين ينتظرون إطلاق سراح المعتقلين في أقرب فرصة للحيلولة دون تطور الأوضاع إلى الأسوأ».

هذه الاحتجاجات أجبرت السلطات المحلية على إلغاء حفل افتتاح التظاهرة بعد انتشار مظاهر الفوضى في أرجاء المحافظة. وبهذه المناسبة، أصدر حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (حزب معارض)، بيانا ندد فيه بطريقة تعامل السلطة مع احتجاجات الشباب العاطل عن العمل.