المرزوقي: تونس ليس فيها نظام إسلامي وإنما ائتلافي

الرئيس التونسي يكشف لـ «الشرق الأوسط» عن تقديمه اقتراحا بتشكيل قوات حفظ سلام عربية لحفظ الأمن في سوريا بعد سقوط النظام

الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي (أ.ف.ب)
TT

كشف الرئيس التونسي، محمد منصف المرزوقي، في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، عن تقديم مقترح للجامعة العربية لتشكيل قوات حفظ سلام وأمن عربية تحفظ الأمن في سوريا بعد سقوط النظام، وأكد أن بلاده سوف تشارك في هذه القوات، وقال إنه يعتزم المشاركة في القمة العربية المصغرة التي تعقد في مصر للدفع بالمصالحة الفلسطينية، كما أعلن أنه يعتزم زيارة قطاع غزة ورام الله في إطار تعزيز المصالحة الفلسطينية، كما تحدث عن الاستقرار الملحوظ في تونس واستكمال المرحلة الانتقالية. وقال إن «النظام في تونس ليس إسلاميا، وإنما المكون الإسلامي له وزن، ولكن الجميع يعمل في إطار العملية الديمقراطية وتمثيل كل الشعب في مسيرة البناء».

والى نص الحوار

* إلى أين وصلت الأوضاع في تونس، هل تتوقع تقدما في إنجاز الملفات الأساسية في الفترة الانتقالية؟

- الوضع السياسي بدأ يشير إلى وضوح الصورة، بعد التوصل إلى توافق كبير حول الإسراع بنهاية كتابة الدستور في فترة زمنية لا تتجاوز شهرين؛ أي منذ شهر أبريل (نيسان) وحتى شهر يونيو (حزيران)، وأيضا اتفقنا على إجراء انتخابات تجرى ما بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، والآن وبعد عودتي لتونس لاستكمال المشاورات مع بقية الأحزاب السياسية حتى نسهل عمل «المجلس التأسيسي». وأيضا سياسيا، يمكننا القول إن الأمور واضحة، وإننا خرجنا من عنق الزجاجة، ومن الناحية الاقتصادية التي كانت متعطلة في عام 2011 بدأت تعمل وبوتيرة قوية، والوضع الأمني مسيطر عليه تقريبا، بحيث يمكن القول إن منطقة العواصف الكبرى خرجنا منها، لأننا عرفنا أربع أزمات خطيرة، وهذه الأزمات كادت تقضى على فرص التحول الديمقراطي، لكن سفينة تونس أظهرت أنها قادرة على تجاوز العواصف - ويمكن أن تأتي عواصف أخرى ولا أستطيع أن أتوقع - إلا أننا اكتسبنا خبرة كبيرة، أولا في الإبحار ومقاومة العواصف وأظهرت السفينة أنها قادرة على أن تطفو على كل الأمواج العالية.

* لكن التحدي الأمني، والخطر عبر ليبيا بسبب أوضاعها غير المستقرة ،وكذلك التدخلات الخفية التي تستهدف أمن واستقرار تونس – هل من معالجات للتعامل مع هذه التحديات؟

- نحن أولا لدينا ثقة بأنه لا يوجد أي تجاوب شعبي مع أي من هذه الأمور، وسنبقى دائما حلقة معزولة، ومن يتصور أن هناك ثورة داخل الثورة فلينس، لأن هذه الثورة عندما قامت كانت لأنه كان هناك فساد وظلم وقمع للحريات وفقر، والآن لا ظلم ولا قمع للحريات وإنما يوجد فقر، وهذا لا يكفي وحده لقيام ثورة أخرى، لأن حتى الفقراء يعلمون أننا نعمل ليل ونهار، ونعترف بوجود احتجاجات هنا وهناك، لكن لا يمكن أن تشكل منطلق لثورة داخل الثورة كما يخطط لها البعض. أما منطقة الحدود مع ليبيا، فإن التأثير كبير ويتصاعد يوما بعد اليوم، إلا أن الجيش التونسي مهني محترف، وقادر على السيطرة على الوضع، ولا ننكر أن المؤسسة الأمنية كانت في البداية نقطة الضعف، لأنها بعد الثورة استهدفت، وأغلبية الجهاز دفع ثمن الأخطاء التي ارتكبت من قبل بعض الأفراد، ولكن هذا الجهاز بدا يسترد عافيته ويصبح أمنا جمهوريا، وبالتالي كل مقومات السيطرة على الوضع موجودة، وتبقى بعض الأحداث المعزولة هنا وهناك – وهذا هو قدر كل البلدان الديمقراطية، ولا يمكن أن تطالب تونس بما لا تطالب به فرنسا وأميركا أو حتى أي بلد ديمقراطي.

* هل تتوقع أن تقوم الثورة في تونس من جديد ضد أي نظام إسلامي قد يحاول السيطرة على مثلث مصر تونس ليبيا؟

- تونس ليس بها نظام إسلامي، ومن يقول هذا الكلام فهو جاهل، تونس بها نظام ائتلافي تحالفي ورئيس علماني، وبها رئيس المجلس التأسيسي كذلك، ولديها حكومة في إطار توسيع السلطة يقودها إسلامي، ولكن في إطار الشراكة التي تؤكد أن الديمقراطية وحقوق الإنسان هما ركيزة كل شيء، وبالتالي تونس ليست محكومة بنظام إسلامي ولن تكون كذلك، لأنها محكومة بنظام ائتلافي، فيه طرف إسلامي له وزن كبير وهذا صحيح.

* ماذا قدمت قمة الدوحة العربية لتونس، وأيضا ماذا عن نتائج اللقاءات الجانبية مع القادة العرب؟

- بالأساس، اللقاءات الجانبية والحوارات هما أهم شيء في القمة، وكانت نتائج اتصالاتي مع القادة العرب إيجابية جدا – في العلاقة مع دولة قطر وكذلك السعودية والكويت والإمارات، وأقصد أن الدول الخليجية عازمة على الاستثمار في تونس، لأن هامش الربح مرتفع وفرص الشراكة القوية، وكذلك مع الإخوة الفلسطينيين لدينا اتصالات ندفع كثيرا في موضوع المصالحة الفلسطينية، وطلبنا بأن نشارك في القمة المصغرة التي تعقد في مصر، كما سنشارك في وفد لجنة المبادرة العربية الذي سيذهب إلى واشنطن، وأعتزم زيارة فلسطين في إطار المصالحة الفلسطينية.

* هل ستزور رام الله وقطاع غزة؟

- أكيد سأقوم بزيارة إلى رام الله وقطاع غزة.

* ماذا عن التنسيق مع دول المغرب العربي؟

- اغتنمنا فرصة القمة والتقيت الإخوة في الجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا.

* التقيت على هامش القمة العربي في الدوحة الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، هل اتفق على مقترحات معينة؟

- بالفعل، اقترحت إمكانية مشاركة تونس في قوات حفظ سلام عربية لأن لدينا قناعة بأن ديكتاتور سوريا سوف يسقط، وقد وثقنا العلاقات مع الائتلاف السوري.

* نقف قليلا عند تشكيل قوات حفظ سلام وأمن عربية، ماذا تقصد، هل هي في إطار تفعيل دور مجلس الأمن والسلم العربي؟

- أقصد أنه يجب التفكير من الآن في ما بعد سقوط النظام السوري، وحتى لا نستعين بقوات أجنبية.

* هل وجدت تجاوبا من الجامعة في هذا المقترح؟

- نعم.

* ماذا بعد إعطاء مقعد سوريا للائتلاف الوطني السوري؟

- الآن، يجب إعطاء مقعد سوريا في الأمم المتحدة للائتلاف الوطني السوري حتى نسقط الشرعية عن النظام المجرم، لأنه لم يسبق في التاريخ العربي المعاصر أن شخصا قام بتدمير شعبه بالقنابل من دون أدنى رادع أخلاقي، وبالتالي هذا حكم لم يعد له أدنى شرعية، والآن يجب التفكير في المرحلة الانتقالية المقبلة التي ستأتي عاجلا أم آجلا، وستكون مرحلة صعبة، وسوف نساعد الشعب السوري ونقدم لهم تجربتنا للتعلم من أخطائنا فلا يكررونها.