الأمم المتحدة تدعو طالبان لمفاوضات سلام

موسكو تريد لعب دور أمني في أفغانستان بعد انسحاب قوات «الأطلسي»

طفل أفغاني يبكي خلال جنازة أفراد من عائلته في منطقة لوغار أمس. وقتل خمسة مدنيين خلال غارة نفذتها القوات الأفغانية والأجنبية الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

دعت الأمم المتحدة أمس حركة طالبان إلى مباشرة مفاوضات سلام قبل نحو سنتين من انسحاب معظم قوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان، فيما عبرت روسيا عن رغبتها في القيام بدور في الحفاظ على الاستقرار في هذا البلد بعد رحيل القوات الأجنبية.

وقال الممثل الأعلى للأمم المتحدة في أفغانستان يان كوبيس في مؤتمر صحافي «إن رسالتي إلى (حركة) التمرد هي نوع من رسالة طويلة الأمد (تقول): أنتم أفغان وبلادكم، كما أتصور، عزيزة على قلوبكم، وترغبون في مستقبل مستقر وآمن لبلادكم». وتابع كوبيس أن وجود جنود أجانب يشكل «دافعا قويا» لمحاربة المتمردين لكن «لن يكون هناك قوات مقاتلة دولية» في أفغانستان بعد أقل من سنتين، داعيا طالبان «إلى أخذ هذا الأمر في الحسبان» لبناء «أفغانستان مستقرة وفي سلام».

وبعد أحد عشر عاما على وصول القوات الدولية التي طردت طالبان من الحكم في أواخر 2001 لم تستطع هذه القوات القضاء على هذه الحركة رغم إنفاق مئات مليارات الدولارات ورغم انتشار أكثر من مائة ألف عسكري من الحلف الأطلسي حتى الآن في أفغانستان. وسيغادر القسم الأكبر من القوات الأجنبية هذا البلد بحلول نهاية عام 2014 تاركة مهمة الأمن في أيدي القوات الوطنية التي لا تزال غير جاهزة رغم عددها الكبير. وسيبدأ نحو 352 ألف شرطي وجندي أفغاني بتولي مهمة الأمن في عام 2015.

ويبدو أن السعي إلى تسوية بين طالبان وكابل هو السبيل الوحيد لتفادي مرحلة دموية جديدة شبيهة بالحرب الأهلية الدامية التي شهدتها البلاد بين 1992 و1996. لكن المتمردين يرفضون التفاوض مع حكومة الرئيس حميد كرزاي التي يتهمونها بأنها «دمية» بيد الولايات المتحدة. وفي مطلع 2012 بدأ المتمردون في قطر أولى محادثات مع واشنطن قطعوها بعد أقل من ثلاثة أشهر إذ بدا الطرفان عاجزين عن تلبية طلباتهما المتبادلة. وأعلنت كابل مؤخرا أن كرزاي سيتوجه إلى الدوحة للبحث في فتح ممثلية لطالبان وهي مسألة رفضها حتى الآن. وأكد كوبيس: «أخذنا علما بخطة الرئيس لزيارة قطر في الأيام المقبلة. ومرة أخرى نأمل أن تلي بعض الرسائل هذه الزيارة».

وجاءت دعوة الأمم المتحدة لطالبان بالمشاركة في مفاوضات سلام، تزامنا مع تأكيد روسيا رغبتها في لعب دور في الحفاظ على الاستقرار في مستقبل أفغانستان. وشدد المسؤول العسكري الروسي سيرغي كوشيليف في لقاء مع الملحقين العسكريين الأجانب على قلق موسكو بخصوص الأخطار التي تتهدد أمنها بعد انسحاب معظم القوات الأجنبية من أفغانستان التي تجاور جمهوريات سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى. وقال كوشيليف وهو المسؤول المكلف بشؤون العلاقات الخارجية في الجيش الروسي «لا يمكن ألا يقلقنا خطر عودة نظام يرعى نشر الإرهاب وتهريب المخدرات وعدم الاستقرار في أفغانستان». وأضاف كوشيليف: «مع انسحاب قوة المعاونة الأمنية الدولية سيكون للحفاظ على صلاحية وفعالية أسلحة قوات الأمن الوطنية الأفغانية وعتادها أهمية كبيرة». وأشار إلى أن روسيا تود مناقشة «إقامة منشآت إصلاح في أفغانستان للحفاظ على صلاحية عتادها العسكري» في مؤتمر تعتزم استضافته في أواخر مايو (أيار) بشأن الأمن الأوروبي.

وقال كوشيليف إن روسيا تريد أيضا زيادة التعاون بين تحالفها الأمني مع دول آسيا الوسطى وغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة من ناحية وحلف شمال الأطلسي من الناحية الأخرى في التصدي لرياح الخطر التي قد تهب من أفغانستان. وختم قائلا: «لا أتحدث عن الحوار السياسي بل عن إمكانية الاتفاق على مشروعات محددة تكون الجيوش مسؤولة عنها». ولم يقترح أي مشروعات بعينها.