الأسد يناشد «بريكس» ضمان نجاح الحل السياسي

حلفاؤه ينددون بقرارات الجامعة العربية

سوريون ينزحون من حي بابا عمرو المدمر بحمص (أ.ف.ب)
TT

شنت روسيا وإيران هجوما على الجامعة العربية بعد قرارها منح مقعد سوريا للمعارضة المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي أرسل أمس رسالة إلى قادة دول مجموعة «بريكس» خلال قمتهم المنعقدة في مدينة ديربان في جنوب أفريقيا يدعوهم فيها «للعمل معا من أجل وقف فوري للعنف في سوريا».

وأضاف الأسد في الرسالة التي بعث بها إلى رئيس القمة جاكوب زوما رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، أن «مجموعة بريكس أخذت تشكل أملا لشعوبنا المضطهدة التي تعاني من التدخل الخارجي السافر في شؤونها وضد مصالح شعوبها».

و«بريكس» هي تجمع يضم الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وعقدت أول قمة لها في يونيو (حزيران) 2009.

ونقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا) عن الأسد قوله: «إن سوريا تعاني منذ عامين، حتى الآن، من إرهاب مدعوم من دول عربية وإقليمية وغربية، يقتل المدنيين ويدمر البنى التحتية والإرث الحضاري والثقافي لسوريا، وهويتها في العيش المشترك والمساواة بين جميع مكونات شعبها». ودعا الأسد قادة القمة «للعمل معا من أجل وقف فوري للعنف بهدف ضمان نجاح الحل السياسي الذي يتطلب إرادة دولية واضحة بتجفيف مصادر الإرهاب ووقف تمويله وتسليحه»، معربا عن أمله في أن تقوم دول المجموعة بدور فعال لمنع ما وصفه بـ«جموح دول معروفة في التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى خلافا لما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة».

وبالتوازي مع رسالة الأسد، انتقد حلفاء النظام السوري منح الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية مقعد سوريا في القمة العربية التي اختتمت أعمالها في الدوحة أول من أمس. ووصفت طهران الخطوة بـ«السابقة الخطيرة»، وقال وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي إن «منح المقعد لما يسمى الحكومة المؤقتة سابقة خطيرة بالنسبة للجامعة العربية». وأضاف في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية أمس أن «مثل هذه الأخطاء لن تفعل سوى زيادة المشكلات تعقيدا».

واعتبرت موسكو القرار «غير مشروع»، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها بالأمس إنه «بموجب القانون الدولي فإن قرار الجامعة حول سوريا غير مشروع، ولا أساس له، لأن حكومة الجمهورية العربية السورية كانت ولا تزال الممثل الشرعي للدولة العضو في الأمم المتحدة». وأضافت: «بالواقع فإن ذلك يشكل تشجيعا للقوى التي تواصل، للأسف، المراهنة على حل عسكري في سوريا من دون الأخذ بالاعتبار معاناة السوريين التي تتزايد يوما بعد يوم».

وأشار ألكسندر لوكاشيفيتش، الناطق الرسمي باسم الخارجية الروسية، إلى أن هذا القرار يتعارض ومساعي المجتمع الدولي لحل الأزمة السورية بطرق سياسية وفقا لمقررات بيان جنيف الصادر عن «مجموعة العمل» الخاصة بسوريا في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ووفقا للتفسير الروسي لبيان جنيف، فإن على المجتمع الدولي دعم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية وكل المجموعات المعارضة، وليس على مواجهة الحكومة الشرعية بهيكل آخر تقر شرعيته من أطراف خارجية.

وتوقف لوكاشيفيتش عند مشروعية استمرار مهمة الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي العربي المشترك الخاص إلى سوريا، التي قال «إنها في سبيلها للانهيار بعد أن كان مدعوا للعمل لإجراء الاتصالات بين الحكومة السورية والمعارضين».

وبالإضافة إلى منحها مقعد سوريا، قررت القمة أن من حق الدول العربية تسليح المعارضة السورية. ولم تعلن سوى الجزائر والعراق تحفظهما على القرار، فيما التزم لبنان بموقف النأي بالنفس.

وعلى صعيد ردة الفعل الرسمية، قال نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل إن الشعب السوري «يشعر بخيبة أمل من الجامعة العربية ولا يعترف بها». وأضاف في مقابلة مع وكالة أنباء «فارس» أن ائتلاف المعارضة «لا يمكن بتاتا اعتباره ممثلا شرعيا للشعب السوري».

ولم يصدر النقد على قرار الجامعة من دمشق وحلفائها فحسب، إذ اعتبر نواب أردنيون جلوس الخطيب في مقعد دمشق «مهزلة». واتهم النائب عبد الكريم الدغمي، خلال جلسة للمجلس أمس لمناقشة تداعيات الأزمة السورية وملف اللاجئين على الأردن، قطر وتركيا بالتورط في الشأن السوري، متسائلا: «لماذا نخجل بحقوقنا؟ ولماذا حيطنا واطي؟»، مطالبا بإرسال اللاجئين لمن قال إنهم «المتآمرون» ويصرفون (المال) على دمار سوريا.

وقال الدغمي: «كل القمة حتى يقعدوا رجل الأميركان معاذ الخطيب»، وإن كل الضرر علينا والغنم للأميركان والصهاينة ومن ثم «نشحد من الأمم المتحدة وغيرها»، وطالب بوقف التدفق غير الشرعي للاجئين.

من جانبها انتقدت النائبة وفاء بني مصطفى عدم اعتراض الأردن على منح المقعد السوري في القمة العربية للمعارضة السورية.

وبالعودة إلى قمة بريكس، التي تشكل مساحة دولها ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40 في المائة من سكان الأرض، قال الأسد في رسالته للقمة: «إنكم بما تمثلونه من ثقل سياسي واقتصادي وحضاري كبير يسعى إلى إحلال السلام والأمن والعدل في عالم اليوم المضطرب، مدعوون لبذل كل جهد ممكن لرفع المعاناة عن الشعب السوري التي تسببت بها العقوبات الاقتصادية الظالمة والمخالفة للقانون الدولي التي تؤثر مباشرة على حياة مواطنينا في احتياجاتهم الضرورية اليومية».

وعبر الأسد عن تطلعه للعمل مع دول بريكس كـ«قوة عادلة تسعى إلى نشر السلام والأمن والتعاون بين الدول، بعيدا عن الهيمنة وإملاءاتها وظلمها الذي استمر عقودا على شعوبنا وأمتنا».

بدورها أعربت الدول المشاركة في بريكس في بيان صدر بالأمس، رفضها عسكرة النزاع في سوريا، معربة عن «قلقها العميق تجاه تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في سوريا»، وإدانتها للـ«انتهاكات المتكررة والمتزايدة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي نتيجة العنف المستمر هناك».

يشار إلى أن شخصيات بارزة من دول «بريكس» أرسلت أيضا رسالة مفتوحة لزعماء البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، بأن يتخذوا خطوات حاسمة لحماية المدنيين في النزاع السوري.

وقال كي سي سينج، وزير الشؤون الخارجية الأسبق في الهند: «على دول البريكس أن تبدي تضامنها مع الشعب السوري، وأن تتخذ خطوات حقيقية لمعالجة الكارثة التي حلت بهذا الشعب. نحن نحثهم على أن يطالبوا الرئيس الأسد، علنا، بالسماح للأمم المتحدة بالنفاذ غير المعوق لمساعداتها الإنسانية حتى تستطيع الوصول إلى المدنيين في الداخل في أي وقت وأي مكان، عبر الحدود السورية على امتدادها. التوصل إلى سلام دائم سيكون معقدا، ولكن لا ينبغي أن ينسحب التعقيد نفسه على تقديم المس++++++اعدات الإنسانية أيضا».