إسرائيل ستقيم حزاما أمنيا بالجولان في حال حدوث فراغ

مجلس الأمن يعبر عن قلقه من تكرار انتهاكات وقف إطلاق النار بين دمشق وتل أبيب

سيارة «جيب» تابعة للمراقبين الدوليين تعبر إلى الجانب السوري من الجولان المحتل أمس (أ.ف.ب)
TT

عبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس عن القلق بشأن انتهاكات متكررة لخط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل عند مرتفعات الجولان المحتلة التي تحتلها الأخيرة منذ يونيو (حزيران) 1967.

ويعود سبب الخروقات المتكررة إلى العمليات القتالية بين الجيشين الحر والنظامي في محافظة القنيطرة، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى وقف دورياتها خلال مارس (آذار) الحالي بعد أن احتجز الجيش الحر 21 مراقبا فلبينيا لـ3 أيام.

ولا يقتصر القلق حيال ما يجري في القنيطرة على وحدة مراقبة الفصل «يوندوف»، بل يتجاوزها ليصل إلى تل أبيب التي طلبت من جيشها الإبقاء على جهوزيته لمواجهة أي فراغ قد يحصل في حال انهزمت القوات الموالية لنظام الرئيس بشار الأسد.

وفي هذا الصدد قالت مصادر عسكرية لصحيفة «يسرائيل هيوم» (إسرائيل اليوم) أمس إن إسرائيل لم تتخلَّ عن تصريحها بمنع الفوضى على حدودها، وإنها في حال تفاقم الوضع الأمني في هذه المناطق، وانسحبت قوات الأمم المتحدة المنتشرة على طول الحدود (62 كيلومترا)، فإن الجيش الإسرائيلي سيعمل كل ما في وسعه لمنع أي فراغ أمني. وأوضحت المصادر أن الجيش الإسرائيلي سيقيم عندها حزاما أمنيا تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، يفصل بين الشريط الحدودي الحالي والمناطق السورية شرق الجولان، علما بأن سلاح الجو الإسرائيلي يقيم حزاما وهميا كهذا من الجو، بواسطة دوريات مكثفة للطيران.

وتعنى قوة مراقبي الأمم المتحدة بمراقبة «منطقة فاصلة» بين القوات السورية والقوات الإسرائيلية، وهي شريط ضيق من الأرض يمتد إلى مسافة 70 كيلومترا من جبل الشيخ على الحدود اللبنانية إلى نهر اليرموك على الحدود مع الأردن.

وقال مجلس الأمن في بيانه أمس أيضا إنه «يعبر عن القلق البالغ لوجود أعضاء مسلحين من المعارضة في المنطقة الفاصلة»، وأضاف البيان أن المجلس «ناشد جميع الأطراف، بما في ذلك العناصر المسلحة للمعارضة، واحترام حرية الحركة لـ(يوندوف) وسلامة وأمن أفرادها، مع التذكير بأن المسؤولية الأساسية عن السلامة والأمن تقع على عاتق الحكومة السورية».

يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن عن تسريع مخططه لإقامة مستشفى عسكري ميداني على الحدود مباشرة، وذلك بعد وفاة جريح سوري لجأ إلى إسرائيل للعلاج. وقال الناطق العسكري الإسرائيلي إن هذا المستشفى سيقدم علاجا لإنقاذ حياة الجرحى، ولكنه لن يجعل الحدود مفتوحة. وسيحرص على تقديم العلاج السريع وإعادة الجرحى في أقرب وقت إلى الأراضي السورية. ولكي لا يحاسبوا على دخول إسرائيل، تحرص على إعادتهم بشكل سري عبر ممرات حدودية غير معروفة.

وقد أعلن الجيش الإسرائيلي قبل ثلاثة شهور عن فكرة إقامة معسكر للاجئين السوريين ومستشفى ميداني، وبدأوا في تمهيد الأرض لذلك، لكن القيادة السياسية الإسرائيلية اعترضت وأوقفت المشروع. ويوم أمس أعلن عن استئناف فكرة إقامة المستشفى.

وكان عدد من الجرحى السوريين قد وصلوا إلى الحدود طالبين تلقي العلاج في إسرائيل، فقدم العلاج للمصابين بجروح خفيفة وأعيدوا فورا إلى الجهة الأخرى من الحدود، وتم الإبقاء على جريحين آخرين كانت جراحهما خطيرة. وقد نقلا إلى مستشفى صفد، لكن الأطباء حولوهما إلى مستشفى نهاريا الأكثر تطورا، بسبب خطورة حالتهما. وقال د. مسعد برهوم، مدير المستشفى، إن الأطباء لم يستطيعوا إنقاذ حياة الأول فتوفي متأثرا بجراحه، بينما الثاني ما زال هناك أمل في إنقاذه، رغم أن إصاباته خطيرة.

وتخشى إسرائيل تفاقم الأمور في سوريا أو وصول مقاتلين من «جبهة النصرة» الإسلامية إلى مواقع حدودية وتحويل المعارك ضد القوات الإسرائيلية.

وكان سبعة سوريين قد وصلوا إلى الحدود داخل الجولان المحتل في أوساط فبراير (شباط) الماضي وهم ينزفون دما، وعندما أيقنت القوات الإسرائيلية أنهم جرحى ولا يحملون السلاح سمحت بدخولهم إلى الجهة الإسرائيلية من الحدود ونقلتهم إلى مستشفى صفد للعلاج. وكانت جراح أحدهم بليغة، بينما جراح الباقين خفيفة. وبعد أن شفي الجرحى الستة طلبوا أن تعيدهم إسرائيل إلى وطنهم، بينما بقي الجريح السابع في المستشفى ولا يزال لمواصلة العلاج.

وحاول الناطق الرسمي بلسان الحكومة الإسرائيلية التخفيف من أهمية استقبال الجرحى السوريين إلى إسرائيل، وقال إنهم وصلوا إلى الحدود جرحى ونقلوا للعلاج في مستشفى إسرائيلي كحالات استثنائية. وحذر من تدفق أعداد كبيرة من السوريين إلى إسرائيل قائلا: «نحن مصممون على تنفيذ سياستنا الواضحة في أننا لسنا عنوانا للسوريين».

وأوضحت المصادر أن الحدود السورية باتت في أعلى درجات التوتر، ما يستدعي بقاء الجيش الإسرائيلي على جاهزية لمواجهة أي طارئ.

الجدير ذكره أن قوة من سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي كانت قد أتمت تمهيد قطعة أرض بالقرب من القنيطرة، لتكون بمثابة معسكر لاجئين سوريين طارئ، في حال نجاح كميات كبيرة من السوريين في تجاوز الحدود هربا من نيران الحرب الأهلية في سوريا. ونشر قبل شهور أن هذه الأرض معدة لنقل سوريين غير مسلحين يحاولون التسلل باتجاه إسرائيل يطلبون المساعدة. إلا أن الناطق بلسان الجيش والحكومة الإسرائيلية حرص على التأكيد أن مثل هذا الوضع سيكون فقط في حال فقدان السيطرة، ولكن إسرائيل اليوم اتخذت كل الإجراءات اللازمة لكي تمنع حالة كهذه، فقد أقامت سياجا مزدوجا محكما وزرعت حقول ألغام جديدة وأقامت نظام مراقبة إلكترونية ينذر بالتطورات في حال اقتراب مواطنين سوريين إلى الحدود.