معارك العاصمة تزداد سخونة والقتال يحتدم حول مطار دمشق الدولي

مقتل ما لا يقل عن 15 طالبا سوريا في سقوط قذائف على كليتهم.. والمعارضة تتحدث عن إسقاط طائرة إيرانية

TT

تضاربت الأنباء أمس بشأن إسقاط طائرة إيرانية فوق مطار دمشق الدولي، ففي حين قالت وسائل إعلام رسمية إن حريقا شب في «دمشق الدولي» بسبب «تماس كهربائي»، أكدت شبكة «سانا الثورة» أن الجيش الحر أسقط طائرة إيرانية محملة بالذخائر والأسلحة لحظة وصولها لمدرج مطار دمشق.

وأظهر شريط فيديو تناقلته مواقع الثورة السورية طائرة أكبر بقليل من الطائرات المدنية تحلق على ارتفاع منخفض وهي في طور الهبوط أو الإقلاع، وألسنة اللهب تندلع فيها، دون التأكد من صحة الشريط أو تاريخه.

ووفقا لـ«سانا الثورة» ارتطمت الطائرة المحترقة بطائرات كانت متوقفة في مدرج المطار ما أدى إلى اندلاع حريق هائل طال الصالة الرئيسية للمطار.

من جانبها، لم تنف وسائل الإعلام الرسمية أو تؤكد خبر إسقاط الطائرة، واكتفت الوكالة السورية الرسمية للأنباء «سانا» بالنقل عن إدارة المطار قوله إن «العمل ما زال مستمرا بشكل منتظم واعتيادي في مطار دمشق الدولي».

ويخوض الجيش الحر معارك ضارية ضد القوات الموالية لنظام الرئيس بشار الأسد في محيط مطار دمشق الدولي، حيث يسيطر في منطقة عقربا على الجسر الرابع الواصل بين الغوطة الشرقية والغربية، كما يسيطر على بلدات حران العواميد وبيت سحم والمليحة ودير العصافير وجميع الطرق المؤدية من هذه البلدات إلى «دمشق الدولي». ويقع تحت سيطرة «الحر» أيضا مطار مرج السلطان القريب من المطار الرئيس.

وبحسب لؤي المقداد المنسق السياسي والإعلامي في الجيش الحر فإن نظام الأسد نقل حركة الملاحة الجوية لا سيما الطائرات المحملة بالأسلحة من مطار دمشق الدولي إلى مطار احتياطي يعرف بـ«الدلي» ويقع على طريق محافظة السويداء في منطقة «براغ».

وفي حال ثبتت رواية المعارضة السورية فإن هذا يعني ترجمة فعلية لـ«التعاون الاستخباراتي» الذي كتبت عنه صحف أميركية بشكل مطول هذا الأسبوع.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد أشارت في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت زيادة في التعاون العسكري والاستخباراتي بين الولايات المتحدة والدول الإقليمية لترجيح كفة المعارضة السورية على كفة نظام بشار الأسد في الصراع الذي يعصف بالبلاد منذ أكثر من سنتين.

وتؤكد واقعة إسقاط الطائرة الإيرانية، إن صحت، أن معلومات استخباراتية وصلت لقوات الجيش السوري الحر المرابطة في محيط مطار دمشق الدولي، على الطريق السريع المؤدي إليه وفي مطار مرج السلطان القريب، تفيد بتوقيت وصول الطائرة المستهدفة.

وهنا يرجح أن تكون الاستخبارات الأميركية والمتعاونة معها قد سربت المعلومة للجيش الحر بعد ورودها في بيانات شركات الملاحة الجوية التي تراقب تحركات الطائرات وتشرف على مساراتها ولديها اطلاع على المدة الزمنية التي تستغرقها الرحلات.

وفي هذا الصدد، أكد خبير عربي في الملاحة الجوية تحدثت معه «الشرق الأوسط» من لندن أنه «ليس من الصعب التحصل على جدول بمواعيد ومسار الطائرات». مضيفا: «لكن هذا لا يعني أننا نعلم ما في الطائرات. كل ما يردنا في (مسارات) الملاحة المدنية هو تصريح بعدم وجود سلاح داخل الطائرات».

وقلل الخبير الذي طلب عدم ذكر اسمه من احتمالات تسريب «معلومة الطائرة الإيرانية المحملة بالسلاح» عن طريق شركات الملاحة الجوية، مشيرا إلى احتمالية وجود عملاء داخل المطار الذي أقلعت منه الطائرة أو في المطار الذي توقفت فيه الطائرة قبل وصولها لدمشق. ويضيف الخبير: «هنا يبدو دور شركات الملاحة منطقيا، فكل ما عليك أن تخبرنا به هو رقم الرحلة أو نوع الطائرة ومكان إقلاعها، ونحن سنخبرك بمكان وموعد هبوطها بالتحديد».

من جانبه، رجح العميد المتقاعد والخبير العسكري اللبناني إلياس حنا إذا صحة رواية إسقاط الطائرة، حصول الجيش الحرّ على معلومة الطائرة الإيرانية المحملة بالسلاح، من مطار دمشق الدولي وليس من أي مكان آخر، مضيفا أنه ليس كل العاملين في المطار مع نظام الأسد، وبالتالي فهناك احتمالية لوجود متعاونين مع الجيش داخل «دمشق الدولي».

وأكد حنا أن المهم في كل هذا الأمر هو نوعية السلاح المستخدم لإسقاط الطائرة، ذاك أن التقارير الإعلامية تتحدث عن ورود سلاح نوعي إلى المعارضة السورية وبرضا الولايات المتحدة ودول إقليمية.

وفي حين لم ينف المقداد ولم يؤكد سقوط الطائرة الإيرانية على يد «الجيش الحر»، أشار المنسق السياسي والإعلامي في الجيش الحر إلى أن «الهدف الرئيسي من المعارك قرب المطار هو تحييده عن الصراع باعتباره منفذا يتلقى عبره نظام الأسد الذخيرة والعتاد»، معتبرا أن «هذا الأمر سيؤدي إلى تغيير موازين المعركة في دمشق».

وبالتوازي مع حادثة الطائرة، تعيش العاصمة ومحيطها حالة من التوتر الأمني والعسكري في مواصلة الطيران الحربي لغاراته، إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتنفيذ الجيش النظامي لغارات على بلدات عربين والنشابية ودير سلمان، كما تعرضت بلدات معضمية الشام وعين ترما لقصف من قبل القوات النظامية مما أدى لمقتل رجلين من بلدة معضمية الشام وسقوط عدد من الجرحى.

وأفاد المصدر ذاته بحدوث اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والجيش النظامي في قرية الأشرفية في وادي بردى إثر محاصرة عدد من الجنود النظاميين في القرية.

من جانبها، أفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بمقتل أكثر من 15 شخصا، إثر سقوط قذائف هاون على كليتي الهندسة والفنون الجميلة بالعاصمة السورية دمشق. وعلمت «الشرق الأوسط» من شهود عيان أن قذيفتين على الأقل سقطتا على مقصف الكلية، حيث يتجمع الطلاب عادة. ولدى سقوط القذائف حصلت حالة هلع وخوف بين الطلاب، وطلب أمن الجامعة منهم البقاء في القاعات، ريثما يتوقف سقوط القذائف، وتم إغلاق الأبواب، وبعد أن هدأت الأصوات، خرج الطلاب المنتسبون لاتحاد الطلبة ومعهم عناصر الأمن بالهتاف للأسد.

وعرضت قناة «الإخبارية» السورية صورا من الكلية ومقصفها، بدت فيها آثار دماء على الأرض وكراسٍ وطاولات مبعثرة. كما عرضت القناة نفسها صورا من المستشفى الذي نقل إليها المصابون، وبدا في الصور عدد من المصابين المضرجين بدائهم، في حين يحاول أطباء ومسعفون إنعاش أحد المصابين الذي بدا ممدا على سرير أسود اللون.

وفي السياق ذاته قال ناشطون إن خمس قذائف هاون سقطت يوم أمس في حي المالكي قرب حديقة الجاحظ، اثنتان منها على جامع بدر أدت إلى وقوع عدد من الجرحى وتسببت ببعض الأضرار المادية، وبث ناشطون فيديو تظهر فيه لقطات بانورامية لدمشق أثناء سقوط القذائف، وتصاعد دخان أبيض من عدة مواقع. ويشار إلى أن منطقة البرامكة تتعرض لقصف من مدافع هاون منذ عدة أيام.

ويتهم نظام الأسد استهداف إرهابيين لتلك الأماكن، بينما تتهم المعارضة النظام برمي تلك القذائف بهدف اتهام مقاتلي المعارضة باستهداف الأماكن المدنية، بغية خلط الأوراق.

وبالعودة إلى الصحف الأميركية وحديثها عن التعاون الاستخباراتي، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» أمس إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما شرع مؤخرا في نتهاج أسلوب عمل أكثر «براغماتية» بخصوص الأزمة السورية، خصوصا فيما يتعلق بالدور المحوري الذي باتت تلعبه وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، وذلك في محاولة لتحجيم ما وصفته بـ«الأجندات المتضاربة» للاعبين الأساسيين في المنطقة.