القضاة ينفذون إضرابا عاما في المحاكم التونسية

رئيسة جمعية القضاة: مشروع قانون الهيئة الوقتية مخالف للمعايير الدولية

TT

أجلت كل المحاكم التونسية أمس النظر في القضايا المعروضة عليها وذلك بعد دعوة جمعية القضاة التونسيين إلى الإضراب احتجاجا على مشروع قانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي. وترفض الهيئة تشريك أطراف من غير القضاة في تركيبتها وتقول إنها تمس استقلالية القضاء وتغيب ضمانات الاستقلالية عن بقية السلطات السياسية. وحضر أمس نحو 1800 قاض تونسي، وهو العدد الجملي للقضاة، إلى مكاتبهم من دون الجلوس والنظر في الملفات القضائية ما عدا الحالات الاستعجالية جدا على غرار الأذون بالدفن والطفولة المهددة وقرارات الهدم.

واقترح المشروع المعروض حاليا على المجلس التأسيسي (البرلمان) ناشطا حقوقيا عن المجتمع المدني يعينه رئيس الحكومة، وعضوا عن الهيئة الوطنية للمحامين يقترحه مكتب الهيئة، وأحد الأساتذة الجامعيين يعينه رئيس الجمهورية، وعضوين من المجلس الوطني التأسيسي من لجنة القضاء التأسيسية، وهو ما اعتبرته كل من جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة إعادة إنتاج لمنظومة قضاء نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي. وتتهم الهياكل النقابية القضائية وزارة العدل ومن ورائها الحكومة بمحاولة تسييس القضاء والإبقاء على التداخل بين السلطات الثلاث.

وترى جمعية القضاة التونسيين أن الفصل السادس من المشروع المقترح مخالف تماما للفصل 22 من القانون المنظم للسلطات العمومية الذي ينص على التفرقة بين السلطات، وهو كذلك مخالف للمعايير الدولية لاستقلال القضاء التي تقتضي ألا ينتمي أعضاء المجالس العليا للقضاء لإحدى السلطتين التشريعية أو التنفيذية. وينص في الآن نفسه على عدم تعيين قيادات السلطتين التشريعية والتنفيذية لأعضاء في السلطة القضائية لما في ذلك من خطر تسييس تلك المجالس.

وتنادي الهياكل النقابية القضائية بالحد من صلاحيات وزير العدل المتعلقة بالنقل والترقيات وإنذار القضاة إلى جانب رئاسته للنيابة العمومية ومركز الدراسات القضائية. كما تسعى إلى تخلي وزارة العدل عن نقلة القاضي وإحالته إلى مجلس التأديب.

وفي هذا الشأن قالت كلثوم كنو رئيس جمعية القضاة في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، إن الجمعية دعت للإضراب العام لأنها رأت في مشروع القانون المنظم للقضاء نقاطا خطيرة تمس استقلالية الهيئة الوقتية للقضاء العدلي التي ستحل محل المجلس الأعلى للقضاء الذي سيطر عليه نظام بن علي لعقود متتالية من الزمن. وقالت إن أعضاء المجلس التأسيسي لم يذكروا خلال كامل مراحل التفاوض التركيبة المختلطة لتلك الهيئة ولم تظهر هذه الفرضية إلا عندما أصبح المشروع جاهزا لعرضه على الجلسة العامة للمجلس التأسيسي.

واعتبرت كنو التي عارضت نظام بن علي ونفذت ضدها عدة نقل تعسفية، أن تدخل أطراف غير قضائية في أعمال الهيئة الوقتية للقضاء العدلي يعد مخالفة صريحة للمعايير الدولية ولكل التوصيات الصادرة عن الهيئات والمنظمات الدولية الناشطة في المجال القضائي. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد في تونس تنفيذ برامج سياسية على حساب السلطة القضائية».

وحول مطالب القضاة ومدى استعداد الحكومة ومن ورائها وزارة العدل لتنفيذها، قالت كنو إن القضاة يطالبون بتركيز الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لإضفاء المزيد من الشفافية على عمل القضاة، وأردفت أن القضاة لن يقبلوا أي عذر أو تبرير لوضع عثرات أمام سن القانون وضمان استقلالية القضاء.

ونفت كنو الانتقادات التي وجهها بعض المحامين للقضاة المضربين حول تعطيل مصالح التونسيين، وقالت إن ما يمس أكثر من مصالح المتقاضين هو الخضوع من جديد للإملاءات السياسية واعتبرت أن المتقاضين أنفسهم انضم البعض منهم لإضراب القضاة وساندوه وهو ما يعني اقتناعهم بشرعية مطلب استقلالية القضاء، على حد تعبيرها.

من ناحية أخرى، صرح علي بالشريفة عضو لجنة فرز الترشح لعضوية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لوسائل إعلام محلية، بأن عدد الترشحات الواردة إلى المجلس التأسيسي (البرلمان) بلغت 970 ترشحا، وأن لجنة الفرز نظرت إلى يوم أمس في نصف الملفات. ومن المنتظر الاحتفاظ بـ36 ملفا على أن يقع حسم الترشح للهيئة من قبل أعضاء المجلس التأسيسي الذين سيختارون هيئة مكونة من 9 أعضاء ستوكل لها مهمة تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في تونس قبل نهاية السنة الجارية.