غوانتانامو: الإضراب عن الطعام يزداد حدة

النقيب دوراند: يستخدم المعتقلون وسائل الإعلام لنشر إشاعات كاذبة حول تعرضهم للإساءة

معسكر غوانتانامو يخضع لحراسة شديدة (رويترز)
TT

أشار البيت الأبيض إلى أنه يراقب من كثب تزايد إضراب السجناء في معتقل غوانتانامو ذي السمعة السيئة عن الطعام، مع استمرار تبادل الاتهامات بين كل من محامي الدفاع عن السجناء والجيش الأميركي في وسائل الإعلام.

لقد دفعت خطورة الوضع اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى المضي قدما في زيارتها المقررة إلى المعتقل من أجل الاطمئنان على حالة السجناء.

ويؤكد النقيب روبرت دوراند، مدير الشؤون العامة في غوانتانامو، أنه قد وصل عدد المضربين عن الطعام اعتبارا من يوم أمس إلى 31، بينما يتلقي 11 مضربا تغذية معوية إجبارية.

بدا السجناء غاضبين من ما وصفه محامو الدفاع بأنه «تغيير كامل في ظروف الاحتجاز داخل المعتقل».

وفي مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط»، أوضح محامي الدفاع جايسون رايت أنه كانت هناك عملية تفتيش دقيقة من جانب الحراس للبحث عن أي مواد ممنوعة (محمولة) خلال أوائل فبراير (شباط). وفي أثناء هذه العملية، شاهد اثنان من المعتقلين واقعة تدنيس للقرآن، وقد تم التعامل معهما بطريقة خشنة، في حين سمح لباقي المعتقلين بالخروج إلى ساحة الترفيه.

وخلال عملية التفتيش، دأب الحراس على التخلص من أي مواد كانت تشعر السجناء بشيء من الراحة، مثل الصور الشخصية لأفراد أسرة السجين والكتب والبطانيات الإضافية، بل وحتى الوثائق القانونية الخاصة بالمعتقلين.

وقال النقيب رايت لـ«الشرق الأوسط»: «قرر حراس المعتقل تصعيد الضغط على المعتقلين لسبب غير معروف، مع العلم أن السبب الحقيقي للإضراب عن الطعام هو إهانة القرآن».

وأضاف رايت أن المعتقلين التمسوا من السلطات الأميركية عدم تفتيش القرآن الكريم، لأن المسلم لن يخفي أي مادة ممنوعة في الكتاب المعظم أو يعمل على تدنيسه. ومع ذلك، لم تكن هناك أي خروقات أمنية تتعلق بالعثور على أي مواد مهربة داخل نسخ من القرآن.

ومضي في حديثه قائلا: «كل ما طلبه المعتقلون من الحكومة الأميركية هو عدم تفتيش القرآن، وإذا ما قاموا بذلك، فينبغي أن يكون بطريقة تحترم هذا الكتاب المعظم، مثل استخدام عصا معدنية أو بعض المعدات الأخرى التي لا تعمل على تدنيسه».

وفي سياق آخر، نفى دوراند هذه الرواية. فقد صرح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «يستخدم المعتقلون وأنصارهم وسائل الإعلام، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي، لنشر إشاعات كاذبة حول التعرض للإساءة وسوء المعاملة لجذب التعاطف والاهتمام. لقد تم توظيف هذه التكتيكات بين الحين والآخر منذ أن باشرت فرقة العمل المشتركة في معتقل العسكري عملها في عام 2002. كما أن هذه التكتيكات تتماشي مع ما ورد في دليل تدريب الإرهابيين في تنظيم القاعدة المعروف باسم (وثيقة مانشستر). يتم تنسيق هذه الأعمال بهدف جذب اهتمام وسائل الإعلام».

وأوضح دوراند أن الإضراب عن الطعام لا يتعلق بأي حال من الأحوال بالظروف أو الأحداث التي تجري في المعتقل. وأضاف: «يعيش المعتقلون في المعسكر السادس في بيئة اجتماعية، كما أنه لا يتم إغلاق زنازينهم ليلا. ولديهم قنوات فضائية وألعاب فيديو وأجهزة تشغيل أقراص (دي في دي) شخصية، فضلا عن تسلمهم الكثير من الصحف العالمية بلغات مختلفة».

وليست حالات الإضراب عن الطعام ظاهرة جديدة في غوانتانامو. ففي عام 2005، دخل 131 سجينا في إضراب عن الطعام في وقت كان يضم فيه المعتقل قرابة 500 سجين.

ورغم ذلك، فإن محامي الدفاع النقيب رايت يقول إن الظروف في معسكر 6 لا آدمية.

«هناك تقارير الآن مفادها أنهم يقومون بخفض درجة الحرارة داخل الزنزانات، كما يقيدون تحركات المحتجزين الأخرى؛ لقد تم حرمانهم من دخول مناطق الاستجمام. ويشير هذا إلى حالة اليأس والإحباط التام التي تجرعها هؤلاء الرجال في غوانتانامو. لقد تم احتجاز كثير منهم على مدى 11 عاما من دون اتهامات أو الخضوع لمحاكمة أو من دون أي أمل في العودة إلى الوطن».

علاوة على ذلك، فإن الجانبين يخوضان معركة حول التعريف الحقيقي للإضراب عن الطعام، الأمر الذي أدى إلى نشر أرقام مختلفة لعامة الناس.

وبحسب آخر تقدير لسلطات غوانتانامو، كانت هناك 31 حالة إضراب عن الطعام بين محتجزين يبلغ عددهم 166، يتغذى 11 منهم بطريقة التغذية المعوية. ويشكك المحامون الذين يمثلون المحتجزين في صحة هذا الرقم.

وتحدث النقيب رايت لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «إنهم يتلاعبون بمفهوم الإضراب عن الطعام. تعريفهم للإضراب عن الطعام هو عدم تناول تسع وجبات متتالية، وهم يستلذون حقيقة قدرتهم على ممارسة هذه الألعاب الاستعراضية بقولهم إن المحتجز تناول وجبة بنفسه، ومن ثم، لم يعد مضربا عن الطعام، ولا ينبغي تضمينه بين مجمل المضربين عن الطعام».

وفي ما يتعلق بالعلاج الطبي المقدم للمحتجزين، أخبر النقيب دوراند «الشرق الأوسط» بأن الفريق الطبي يراقب بشكل دائم المحتجزين ويزودهم برعاية طبية مميزة. ووفقا له، تعتبر صحة وراحة المعتقلين هي مهمتهم الأساسية ويقومون بواجبهم في هذا الشأن بنفس درجة الجدية التي يؤدون بها واجبهم في حماية أفراد الخدمة العسكرية الأميركية أو أي مريض يدخل في نطاق رعايتهم.

وفي ما يتعلق بالتقارير التي تفيد بتقييد إمكانية وصول المحتجزين إلى محاميهم، أوضح النقيب دوراند أن محامي المعتقلين ما زالوا يتمتعون بإمكانية دخول غوانتانامو بواسطة الطائرات العسكرية، وأن كثيرين هناك يلتقون الآن موكليهم. ورغم ذلك، فإنه بحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، قلص الجيش الرحلات التجارية إلى معتقل غوانتانامو، ويتمثل السبيل الوحيد للوصول إلى هناك في استقلال طائرة عسكرية من قاعدة القوات الجوية سان أندروز في واشنطن العاصمة أو السفر على متن رحلة أخرى تنطلق من حين لآخر من جاكسونفيل بفلوريدا، «ما فعلوه هو أنهم قد عرقلوا وصول المعتقلين إلى معظم محامي الدفاع بالحق المدني. فالأمر لا يتطلب منهم فقط السفر إلى معتقل غوانتانامو على متن طائرة عسكرية، الأمر الذي يمثل قيدا هائلا وعقبة تعرقل إمكانية مقابلة محامي المدعين بالحق المدني موكليهم»، هذا ما أكده النقيب رايت. وفي ما يتعلق بما يقوم به الجيش لحل الأزمة، أوضح النقيب دوراند أن: «المعتقلين المضربين عن الطعام خلقوا وضعا بائسا لا يوجد فيه مسار واضح للحل. إنهم لم يعرضوا أي مطالب يمكننا تلبيتها – لن نسمح بتدنيس القرآن، وهو ما لم يحدث بالأساس، ولن نستثني القرآن من أي عملية بحث، فهو إجراء سنظل نقوم به ولكن بأسلوب محترم».

ومع ذلك، فإن قصص حالات اليأس والإحباط بين المعتقلين مستمرة. فبحسب النقيب رايت، أثناء زيارة مركز الاحتجاز الأسبوع الماضي، تم إخباره بأن المعتقلين قد بدءوا الآن يكتبون عبارة «أنقذوا أرواحنا» بشيفرة مورس الخاصة بطلب الاستغاثة على أبواب زنازينهم. ولدى سؤاله عن الجهات التي يطلبون مساعدتها، أجابوا بأنها وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني - أي شخص يمكنه مد يد العون لهم. علاوة على ذلك، فإن محامي المحتجزين تلقوا خطابا من جهة الادعاء قبل ثلاثة أسابيع يشيرون فيه إلى أنه في ما يتعلق بغالبية المحتجزين، لا يكون لدى الادعاء أي خطط لإدانتهم بجرائم في المستقبل القريب. في البداية، أنكرت الحكومة الأميركية حدوث إضراب عن الطعام، ثم اعترفت تدريجيا بوجود أربعة مضربين عن الطعام، ثم ثمانية، ثم 25. والآن، وصل العدد إلى 31.

وبحسب محامي الدفاع، فإن السواد الأعظم من المحتجزين في معسكري 5 و6 قد دخلوا في إضراب عن الطعام، باستثناء قليلين من المسنين أو المرضى. وأضاف النقيب رايت: «يمكنني التأكيد على أن هؤلاء الرجال دخلوا في إضراب مشروع عن الطعام، وما يحدث هو أن إضرابهم عن الطعام هو إضراب من أجل العدالة والحرية والضغط على إدارة أوباما لاتخاذ الإجراء الصائب».