باشليه صاحبة الشعبية العارمة تقرع باب السلطة مجددا

قادت تشيلي نحو ازدهار كبير قبل انتقالها للأمم المتحدة.. و53% يؤيدون عودتها للرئاسة

ميشيل باشليه أثناء الإعلان عن ترشحها لانتخابات الرئاسة المقبلة في سانتياغو (أ.ف.ب)
TT

أعلنت ميشيل باشليه، رئيسة تشيلي الاشتراكية السابقة والمديرة التنفيذية السابقة للأمم المتحدة/ نساء، أمس، ترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013. وقالت باشليه، التي كانت أول امرأة تحكم تشيلي بين 2006 و2010 بعد وصولها من نيويورك «اتخذت القرار بترشيح نفسي» للانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر المقبل. وأضافت في أول نشاط عام لها بعد ساعات من عودتها إلى سانتياغو «قلت لكم في السابق إننا سوف نتحدث في الموضوع في مارس (آذار)، وأنا هنا أمامكم كي أفي بوعدي»، مؤكدة استعدادها «لمواجهة هذا التحدي».

وفور إعلانها القرار، علا التصفيق في المركز الثقافي في حي ايل بوسكي الشعبي في جنوب سانتياغو حيث أمضت قسما من طفولتها. وعلى الفور أنشدت باشليه والحاضرون النشيد الوطني التشيلي. وكانت الرئيس السابقة أعلنت خلال وجودها في تشيلي في يناير (كانون الثاني)، أنها ستكشف في مارس نواياها بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة. وعبرت باشليه عن سرورها الكبير لعودتها مجددا إلى الوطن، مشددة على أن ترشحها يهدف إلى جمع «أغلبية سياسية واشتراكية جديدة» لمواجهة «الاستياء المتزايد للمواطنين» في البلاد. وقالت «لمست هذا الاستياء لدى الطلاب وفي الطبقة الوسطى وفي مناطق» البلاد. وأضافت «نعرف أن هناك الكثير الذي يجب القيام به خصوصا من أجل تحسين مستويات التفاوت»، مؤكدة أن برنامج حكومتها «لن يوضع داخل أربعة جدران» بل «في إطار التزام متبادل».

وكانت ميشيل باشليه (61 عاما)، التي درست الطب، تركت الرئاسة في 2010 بينما كانت تتمتع بشعبية قياسية إذ كشفت استطلاعات الرأي حينذاك أنها تتمتع بتأييد ما بين 75 و80 في المائة. وكان يمكن لهذه النسبة أن تؤمن لها انتصارا مريحا في الانتخابات لو لم يكن الدستور يحظر ولايتين رئاسيتين متتاليتين. وقد تولت منصب المديرة التنفيذية لوكالة الأمم المتحدة/ نساء، منذ إنشاء هذه المنظمة في سبتمبر (أيلول) 2010. وكشف استطلاع للرأي نشر منذ أشهر أن 53 في المائة من التشيليين يؤيدون عودة الرئيسة السابقة إلى السلطة. ويفترض أن تتنافس باشليه في الانتخابات التمهيدية في 30 يونيو (حزيران) مع ثلاثة مرشحين يساريين آخرين، تبدو الأوفر حظا للفوز بينهم.

وفي المطار، كان في استقبال باشليه نحو ثلاثين من القادة السياسيين في تحالف المعارض ليسار الوسط ونحو مائة من أنصارها معظمهم من النساء وهم يرددون هتافات مؤيدة لها. وكان المقاول الملياردير اليميني سيباستيان بينيرا تولى الرئاسة خلفا لباشليه. وقد أدى القسم بعد أيام من زلزال وقع تبعه مد تسونامي في 27 فبراير (شباط) 2010. وأعاد بينيرا الذي كان يحتل المرتبة 701 على لائحة أثرياء العالم في عام 2009 اليمين إلى السلطة للمرة الأولى منذ انتهاء الديكتاتورية بزعامة أوغوستو بينوشيه في 1990.

وكسبت باشليه، وهي ابنة جنرال توفي في الاعتقال في عهد أوغوستو بينوشيه (1973 - 1990)، خلال رئاستها لقب «أم كل التشيليين» بفضل عفويتها مع مواطنيها وحسها العالي للاتصال بهم. وقطعت هذه الأم لثلاثة أولاد مع الأسلوب الجامد للطبقة السياسية التقليدية، وبدت ملتزمة جدا بتحسين حقوق النساء في بلد محافظ يمنع فيه الإجهاض حتى لأسباب صحية، ولم يصبح الطلاق فيه قانونيا سوى في 2004.

وانتهت رئاسة باشليه التي عزز مكانتها وضع اقتصادي استثنائي بسبب ارتفاع أسعار النحاس الذي يعد «الذهب الأحمر» للبلاد، عندما كانت شعبيتها في أوجها، وقدرت بـ84 في المائة. لكن الأسابيع الأخيرة من ولايتها شهدت زلزالا وتسونامي مدمرين أسفرا عن سقوط أكثر من 500 قتيل في 27 فبراير 2010.

وأمضت باشليه، المولودة في سانتياغو في عام 1951، طفولتها متنقلة في تشيلي مع والدها الذي كان طيارا في الجيش. وفي عام 1970 بدأت دراسة الطب وانضمت إلى الشباب الاشتراكي. وفي 11 سبتمبر 1973 يوم انقلاب أوغوستو بينوشيه، اعتقل والدها الذي كانت تمت ترقيته إلى جنرال وكان قريبا جدا من سلفادور الليندي. وقد توفي في السجن بعد تعرضه للتعذيب. وواصلت باشليه دراستها وساعدت سرا المضطهدين في عهد بينوشيه. لكن في العاشر من يناير 1975 أوقفت مع والدتها من قبل أجهزة الأمن ونقلتا إلى مركز التعذيب فيلا غريمالدي.

وبعد إطلاق سراحهما انتقلتا إلى أستراليا ثم إلى ألمانيا الشرقية، حيث واصلت ميشيل باشليه دراستها. وفي 1979 عادت إلى تشيلي وحصلت على شهادة الجراحة وتخصصت في طب الأطفال والصحة العامة. ومع الانتقال الديمقراطي، التزمت العمل كطبيبة في القطاع العام ودرست الاستراتيجية العسكرية في سانتياغو والدفاع القاري في واشنطن، قبل تعيينها وزيرة للصحة كلفت بإصلاح القطاع في عام 2000. وفي عام 2002 أصبحت أول سيدة تشغل منصب وزير الدفاع في أميركا اللاتينية. وقد دعت في الذكرى الثلاثين للانقلاب على الليندي إلى مصالحة بين العسكريين والمدنيين. وكانت تلك بداية شعبيتها التي لم تتراجع أبدا.