لبنان يحول مسار صادراته بحرا بعد إقفال الحدود السورية

الحويك: سلطات دمشق تحاول المقايضة بين تصدير الموز والحصول على الديزل

TT

بعد شهر من «الحجز القسري» وما تخلله من مد وجزر في محاولة لإيجاد حل لمئات الشاحنات المتوقفة على الحدود السورية اللبنانية عند نقطة المصنع ومنها عند الحدود الأردنية السورية وفي الداخل السوري، لإعادة سير خط تصدير المنتوجات المحلية عن طريق سوريا، نجح التجار والمعنيون في هذه القضية من القطاع الخاص في لبنان بتحرير المزروعات عبر فتح خط شحن بحري بين شمال لبنان والأردن ومصر ومنها إلى دول الخليج، بعدما عمدت وزارة الزراعة إلى «عرقلة المشروع الذي قدّم إليها لتتولى كجهة رسمية القضية»، كما قال رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك لـ«الشرق الأوسط».

وأضاف: «كنا قد بدأنا العمل على هذا المشروع منذ أكثر من سنة، وقدمناه إلى وزير الزراعة حسين الحاج حسن (حزب الله) الذي وضع عليه فيتو، بعدما قام بتأليف لجنة توصلت في نهاية المطاف إلى اعتباره غير قابل للتطبيق، الأمر الذي حمل غرفة التجارة والصناعة في طرابلس على البدء بخطوات تنفيذية بالتعاون مع وزارة الأشغال ومجموعة من مخلصي البضائع ومرفأ طرابلس إلى أن تمّ الاتفاق مع شركة خاصة من تركيا عمدت إلى تشغيل عبارة بدأت العمل منذ يومين انطلاقا من ميناء طرابلس باتجاه العقبة في الأردن، على أن تلحق بها عبارة أخرى في اليومين المقبلين».

وفي حين يشير الحويك إلى أنّ هذه الخطوة من شأنها فك الحصار المفروض على الصادرات اللبنانية من قبل النظام السوري، لكنها ليست حلا نهائيا ولن تكفي للإيفاء بكل حاجيات ومتطلبات التصدير ولا سيما لجهة الكمية اللازمة للتصدير والكلفة التي يتكبدها التجار، اعتبر أنّه «يجب أنّ تكون الدولة هي الراعية لهذا المشروع وداعمة له ماديا، للمحافظة قدر الإمكان على الاستقرار الاقتصادي»، مطالبا مؤسسة ايدال ووزارة الزراعة «بتحمل كل تكاليف خط العبارات الجديد لنقل الشاحنات الذي يصل مرفأ طرابلس بميناء العقبة، وتبلغ تكلفة نقل كلّ شاحنة نحو 2000 دولار أميركي».

من جهته، قال توفيق دبوسي، أمين عام اتحاد غرف التجارة اللبنانية، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الموقع الجغرافي لمرفأ طرابلس هو الذي أدى إلى اختياره ليكون المحطة البحرية اللبنانية». وأضاف أنّ «غرفة التجارة والصناعة في الشمال وبالتنسيق مع الغرف التجارية في كل المناطق اللبنانية وبالتعاون مع وزارتي الزراعة والأشغال والوكالات البحرية والمصدرين والمستوردين، عملت مجتمعة على تنفيذ هذا المشروع وتخفيف الأضرار الناتجة عن توقف الخط البري على المزارعين والتجار وكل العاملين في هذا المجال، وقد تمّ استعادة البرادات المحملة وأعفيت الشاحنات من الرسوم الجمركية، كما خفضت رسوم المرفأ».

وأشار دبوسي إلى أنّ «العبارة الأولى» انطلقت منذ أيام قليلة باتجاه العقبة والثانية ستتوجه اليوم إلى مصر على أن تنطلق الرحلة الثالثة باتجاه مرفأ «دبا» في السعودية، واصفا الحركة بالـ«جيدة جيدا»، ولافتا إلى أنّ اجتماعا سيعقد خلال الأيام المقبلة لغرف التجارة والمصدرين والمستوردين في كل المناطق كي يتم العمل على تفعيل خط الاستيراد أيضا، وعدم الاكتفاء بالتصدير، الأمر الذي سيساهم أيضا في تخفيض تكلفة النقل، ومن ثم تنشيط الحركة، نتيجة مضاربة متوقعة من قبل الوكالات.

وفيما يتعلق بإمكانية فتح خط جديد من مرفأ لبناني آخر، قال دبوسي، لغاية الآن التركيز على طرابلس، مع العلم أنّ مرفأ بيروت كان قد بدأ العمل عليه منذ فترة، لكن رسومه التي تبلغ 300 دولار أميركي، تؤثر سلبا على نشاط الحركة فيه، بينما، تم العمل على جعل الرسم الذي يدفع في مرفأ طرابلس رمزي بنحو 30 دولارا.

مع العلم أن خط الاستيراد من سوريا باتجاه لبنان، لم يتأثّر بهذه الإجراءات، والوضع نفسه ينسحب على تصدير المنتوجات إلى الداخل السوري، حيث يتم منع الشاحنات من الانتقال إلى أي دولة أخرى، عبر «خط الترانزيت»، في حين تجتاح المنتوجات الزراعية السورية الأسواق اللبنانية ضاربة بعرض الحائط أسعار المحلية منها، وذلك بعيدا عن أي ضوابط أو إجراءات.

وكشف الحويك، أنّ السلطات السورية كانت قد وضعت أخيرا حظرا على دخول الموز والليمون إلى أراضيها، محاولة بذلك المقايضة بين الموز وتسهيل وصول المازوت إليها، والأمر لا يزال عالقا ولم يتم التوصل إلى حل بشأنه لغاية اليوم.

وكان رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسن صالح، قد أعلن في بيان له، أنّه «ونتيجة الانعكاسات السلبية التي أصابت حركة تصدير المنتجات الزراعية ولا سيما الحمضيات والموز من لبنان عموما والجنوب والشمال والبقاع خصوصا جراء تفاقم الأزمة السورية وصعوبة نقل هذه المنتجات برا عبر سوريا إلى باقي الدول العربية، بادرت غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب، وبالتنسيق مع وزارتي الزارعة والأشغال العامة والنقل ومع الزملاء في غرفتي التجارة والصناعة والزراعة في الشمال وزحلة، إلى اللجوء نحو اعتماد خطط بديلة للحفاظ على ديمومة انسياب حركة تصدير المنتجات الزراعية اللبنانية في اتجاه الأسواق العربية والإقليمية تجربة أولى عبر فتح خط بحري بين لبنان وميناء العقبة لنقل الشاحنات بحرا على أن تسلك بعدها خطوطها البرية بشكل اعتيادي».

وكان الحويك قد دعا السلطات اللبنانية إلى «التحرك سريعا لفك أسر الشاحنات المحتجزة على المصنع وتأمينها بواسطة البحر إلى مقصدها، والسعي مع السلطات الأردنية والسورية إلى تأمين عودة الشاحنات اللبنانية المحتجزة عند معبر النصيب»، كما دعا مؤسسة «إيدال» إلى تحمّل تكاليف خط العبّارات الجديد لنقل الشاحنات الذي يصل مرفأ طرابلس بميناء العقبة.

وحمّل السلطات اللبنانية لا سيما وزارة الزراعة «مسؤولية نتائج إقفال الحدود مع سوريا إن لناحية الترانزيت أو لناحية منع تصدير المنتجات اللبنانية إلى سوريا، في وقت تجتاح المنتجات الزراعية السورية الأسواق اللبنانية محدثة مجازر على صعيد المنتجين اللبنانيين».

ودعا الحويك المدير العام للزراعة لويس لحود إلى «اتخاذ إجراءات رقابية صارمة على استيراد المنتجات الزراعية ووقف إغراق الأسواق لا سيما بالفريز والبندورة والخيار والجنارك وأنواع الخضار المختلفة بعدما كانت وزارة الزراعة أباحت الاستيراد بشكل عشوائي من دون أي ضوابط أو إجراءات أو قيود غير جمركية.. ومن دون أن تتخذ وزارة الزراعة أي إجراءات حمائية غير جمركية لحماية الإنتاج المحلي ومنع الإغراق أسوة بما يحصل في دول العالم».