وزيرة مغربية تنتقد سياسة الحكومات السابقة تجاه الأشخاص المعاقين

تعهدت بإصدار قانون يحمي حقوقهم.. والعاطلون منهم يشترطون وظائف حكومية

TT

انتقدت بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والتنمية الاجتماعية في الحكومة المغربية، سياسات الحكومات السابقة تجاه الأشخاص المعاقين، وقالت إنها لم تراكم إنجازات كبيرة لفائدتهم، وإن ما تحقق لا يرقى إلى المستوى المطلوب.

وكان بحث ميداني أجري عام 2005، كشف أن عدد المعاقين في المغرب هو مليون و530 ألف معاق، أي أنهم يشكلون نسبة 5.12 في المائة من مجموع السكان. وتعد الأمراض المكتسبة بعد الولادة الأسباب الأولى للإعاقة بنسبة 38.4 في المائة، تليها حوادث المرور والشغل 24.4 في المائة، والمشكلات التي تظهر خلال الحمل أو في ظروف الولادة بنسبة 22.8 في المائة، ثم الأمراض الناجمة عن الشيخوخة بنسبة 14.4 في المائة.

وفي هذا السياق، أعلنت الحقاوي أن الوزارة ستجري بحثا جديدا منتصف العام المقبل حول الأشخاص المعاقين بشراكة مع مندوبية التخطيط، لتوفير المعطيات الناقصة في البحث الأول، كما تعتزم وضع سياسة عمومية خاصة بهذه الفئة في أفق أن تصبح قضية المعاقين شأنا حكوميا يلقى الاهتمام من مختلف القطاعات الوزارية، أسوة بما تحقق على مستوى إدراج النوع الاجتماعي في السياسات العامة.

وقالت الحقاوي التي كانت تتحدث أمس (الجمعة) في لقاء صحافي خصص لتقديم حصيلة ما تحقق لفائدة هذه الشريحة من المجتمع بمناسبة اليوم الوطني للمعاقين، 30 مارس (آذار)، إن مبادرات الحكومات السابقة انشغلت بموضوع توظيف هذه الفئة على حساب قضايا أخرى مهمة تتعلق بالمشكلات التي يعاني منها المعاقون.

يذكر أن أعضاء جمعيات العاطلين المعاقين، وعلى رأسهم المكفوفون، ظلوا لسنوات عدة ينظمون احتجاجات يومية للمطالبة بالحصول على وظائف حكومية، وكانت احتجاجاتهم عنيفة، إذ كانوا يهددون بالانتحار، عن طريق سكب الوقود على أنفسهم في الشارع، واقتحموا أكثر من مرة مقرات الوزارات، ضمنها مقر وزارة التضامن في عهد الوزيرة السابقة نزهة الصقلي، التي عانت الأمرين معهم، وكلما تم توظيف مجموعة منهم ظهرت مجموعة أخرى تتخذ من الاحتجاج العنيف وسيلة للتوظيف. ولقي أحد المكفوفين مصرعه أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2011، بعد سقوطه من مصعد أثناء اقتحام الوزارة، قبل مغادرة الصقلي للوزارة وتشكيل الحكومة الجديدة بأيام قليلة.

بدورها، لم تسلم الحقاوي من ملاحقتهم لها، واشتراطهم الحصول على وظيفة في القطاعات الحكومية مقابل التخلي عن احتجاجاتهم العنيفة، لكن القانون الذي أصدره عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، والذي يمنع التوظيف المباشر، وينص على اجتياز الاختبارات يسري على المعاقين أيضا من أصحاب الشهادات الجامعية، إذ تخصص لهم نسبة 7 في المائة من الوظائف. وقالت الحقاوي في هذا الصدد إن وزارتها خصصت نسبة 10 في المائة من الوظائف لفائدة المعاقين، وأضافت أن هناك مشاورات مع وزارة التعليم والبلديات لتخصص بدورها نسبة 7 في المائة من الوظائف للمعاقين أسوة بالقطاعات الأخرى، لأن عدد الوظائف المحصل عليها لفائدة هؤلاء الأشخاص يبقى قليلا بشكل عام. بيد أن المسؤولة الحكومية نبهت إلى أن الوزارة تقترح على المعاقين تمويل مشاريع خاصة بهم، إلا أن جميعهم يرفضون ويتشبثون بالحصول على وظيفة حكومية.

وتعهدت الحقاوي بحماية حقوق المعاقين، وقالت إن لدى وزارتها مشروع قانون جاهزا بهذا الشأن يتطلب التشاور بشأنه مع القطاعات الوزارية المعنية قبل إحالته على مجلس الحكومة، مشيرة إلى أن مشروع قانون كان قد أحيل على الحكومة عام 2010، إلا أنه رفض، لأن صيغته القانونية لم تكن مقبولة، كما أن هاجس المطالب كان يطغى عليه، بالإضافة إلى أنه كان يقترح إنشاء صندوق خاص بالمعاقين، الأمر الذي رفضته وزارة المالية، مشيرة إلى أن صندوق التماسك الاجتماعي الذي أنشأته الحكومة الحالية سيخصص دعما ماليا لفائدة المعاقين، لكن ليس بشكل مطلق، بل فقط للفئة التي تعاني من عجز تام عن الحركة، وتشكل عالة على أسرها.

وفي مجال توزيع المعينات التقنية والأجهزة التعويضية (الكراسي المتحركة وغيرها) على المعاقين قالت الوزيرة إن 34 ألفا و88 شخصا استفادوا من هذه الأجهزة العام الماضي، مشيرة إلى أن اقتناء ومن ثم توزيع هذه الأجهزة كان يتم في السابق بشكل اعتباطي ومرتجل، لكن، ومنذ قدومها إلى الوزارة، أصبحت العملية تخضع لنظام الصفقات العمومية، الأمر الذي ساهم في تقليص الكلفة 3 مرات أقل من السابق.

وفي السياق ذاته، سيتم افتتاح 6 مراكز لتقريب الخدمات للمعاقين في مختلف المدن، بعد أن كانوا مضطرين للقدوم إلى الرباط للحصول عليها.

وخلال العام الماضي أيضا، تم التكفل بتعليم 15 ألفا و79 طفلا معاقا على الرغم من أن هذا المجال لا يدخل ضمن اختصاص الوزارة، على حد قول الحقاوي.