جنوح القوى الثورية في الاحتجاجات يثير حفيظة المصريين

«الملابس الداخلية» صيحة جديدة لـ«شباب 6 أبريل»

TT

«طريقة صادمة مش كده (أليس كذلك)؟.. خدشت حياءك؟.. معلش (نأسف).. (لكن) المفروض إن الدم اللي (الذي) سال والضرب والتعذيب كان يخدش حياءك أكثر».. بهذه الكلمات دافعت حركة «شباب 6 أبريل» عن آخر صيحاتها في الاحتجاجات بمصر التي استيقظت أمس على أنباء مسيرة رفعت «الملابس الداخلية» نظمتها الحركة إلى منزل اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية.

ونظمت حركة شباب 6 أبريل في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس مسيرة إلى منزل اللواء إبراهيم مستخدمة طريقة جديدة للتعبير عن غضبها من استمرار ما وصفته بـ«النهج القديم للوزارة في التعذيب»، ورفع المحتجون «ملابس داخلية»، قائلين إن استخدام الملابس الداخلية جاء لتشبيه وزارة الداخلية بـ«سيدة سيئة السمعة تقوم بخدمة كل نظام».

واختار شباب الثورة المصرية قبل عامين يوم 25 يناير (كانون الثاني) وهو عيد الشرطة لبدء تحركهم، احتجاجا على «الممارسات القمعية لوزارة الداخلية»، وطالبوا حينها بإقالة اللواء حبيب العادلي قبل أن تتسع رقعة المظاهرات وتطيح بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. وقال شهود عيان إن قوات الأمن فضت مسيرة حركة 6 أبريل أمام منزل وزير الداخلية مستخدمة قنابل الغاز وطلقات الخرطوش، كما أعلنت الداخلية أمس عن اعتقالها أربعة من نشطاء الحركة شاركوا في المسيرة.

وللمرة الأولى منذ شهور تجاوز فرقاء المشهد السياسي في البلاد خلافاتهم واجتمعوا على إدانة سلوك نشطاء 6 أبريل، لكن حدة التعليقات الموجهة للحركة على استخدام الملابس الداخلية تفاوتت بين وصفها بـ«السقوط الأخلاقي»، أو اعتبارها «بعيدة عن عادات المصريين»، كما أثار الأمر حفيظة المصريين على نطاق واسع.

لكن الحركة التي ولدت من رحم إضراب عام بمدينة المحلة العمالية في دلتا مصر قبل خمس سنوات، تقول إنه كان من الأولى بمنتقديها أن يخجلوا من استمرار التعذيب في معتقلات نظام جاء عبر ثورة، واستمرار قتل المتظاهرين في الميادين والشوارع.

واستخدمت حركة شباب 6 أبريل قبل أسبوع نبات «البرسيم» الذي يستخدم لإطعام الماشية في البلاد، في مسيرة احتجاجية أمام منزل الرئيس محمد مرسي، كما اعتادوا وصف أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس مرسي بـ«الخرفان».

وأظهر تقرير للطب الشرعي مقتل شاب ينتمي لـ«التيار الشعبي» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي تحت التعذيب. ويقول أصدقاء الشاب الذي يدعى محمد الجندي إنه اعتقل وتعرض لضرب مبرح في معسكرات للأمن المركزي، وهو ما تنكره وزارة الداخلية التي قالت إن تقريرا أوليا للطب الشرعي أفاد بأن الناشط مات نتيجة حادث سير، وهو ما أذاعه أيضا وزير العدل المستشار أحمد مكي وثبت خطؤه في ما بعد.

وقالت وزارة الداخلية تعليقا على مسيرة «الملابس الداخلية» أمس إنه «من حق شباب 6 أبريل أن يختلفوا مع وزير الداخلية محمد إبراهيم، لكنه لا يزال وزير داخلية مصر». وحذرت الوزارة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» مما سمته «محاولة المساس بالوزير أو حتى بالعقار (المقيم فيه)»، كما أشارت الصفحة إلى أن التظاهر السلمي لا يكون في منتصف الليل عند المنازل، كما وصفت المشاركين في المسيرة بـ«البلطجية».

من جانبه، طالب مراد علي، المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، شباب 6 إبريل بمراجعة أنفسهم وتحديد منهجهم، قائلا إن «ما فعلوه بالأمس من رفع للملابس الداخلية أمام منزل وزير الداخلية انهيار أخلاقي يفوق في سوئه ما فعلوه الأسبوع الماضي من محاولة إهانة الرئيس بنثر البرسيم أمام منزله».

ووجه متابعون لـ«حركة 6 أبريل» على صفحتها الرسمية على الـ«فيس بوك» انتقادات لاذعة، واعتبروا أن شباب الحركة باتوا أكثر جنوحا في التعبير عن رأيهم. لكن الناشط السياسي والمدون محمد عادل، أحد مؤسسي الحركة، قال ردا على الانتقادات إن الحركة «خاطبت الداخلية ورئاسة الجمهورية وجماعة الإخوان المسلمون باللغة التي يستطيعون فهمها». وطالب عادل في تصريحات له أمس قيادات جماعة الإخوان بألا يتحدثوا عن الأخلاق في وقت «تستعمل فيه الجماعة والرئيس مرسي أدوات غير أخلاقية في العمل السياسي»، بحسب وصفه.

لكن انتقادات مسيرة «الملابس الداخلية» خرجت أيضا من معسكر القوى المدنية المعارضة، فمن جانبه قال الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب الاجتماعي الديمقراطي، إن «الشعب المصري حساس للغاية، واستخدام الملابس الداخلية في المظاهرات يؤدي إلى خسارة الرأي العام»، واصفا المسيرة بـ«الخادشة للحياء».

وانتقد أيمن أبو العلا، القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني التي يقودها الدكتور محمد البرادعي، أسلوب مظاهرات شباب 6 أبريل، رافضا استخدام «الملابس الداخلية»، قائلا إن «هذه الوسائل تغضب الشارع ولا تغضب الوزير أو الحكومة، بل تصعب من مهمة القوى الثورية في تغيير الحكومة الحالية».