اتحادان نقابيان مغربيان يدعوان إلى مسيرات ضد حكومة ابن كيران

حزب معارض يدعو إلى جبهة اجتماعية ضد الحكومة

TT

دعا اتحادان نقابيان مغربيان مقربان من اليسار إلى تنظيم مسيرة مشتركة، اليوم (الأحد)، في الرباط، للاحتجاج على سياسة حكومة عبد الإله ابن كيران، التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي. وفي سياق متصل، دعا حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض النقابات إلى تشكيل جبهة اجتماعية لمواجهة السياسات الحكومية.

وسيرفع الاتحادان النقابيان، وهما «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل» و«الفيدرالية الديمقراطية للشغل»، في هذه المسيرة المشتركة، لائحة بـ5 مطالب، في مقدمتها تنظيم حوار اجتماعي ثلاثي يشارك فيه ممثلو أرباب العمل من القطاع الخاص والحكومة والنقابات، ثم تنفيذ الحكومة لجميع التزاماتها في إطار اتفاقية أبريل (نيسان)2011، التي وقعتها الحكومة المغربية السابقة برئاسة عباس الفاسي مع النقابات في خضم احتجاجات «الربيع العربي»، والمطلب الثالث تراجع الحكومة الحالية عن قرار الخصم من أجور الموظفين الذين يخوضون إضرابات، وهو قرار اتخذته الحكومة مطلع العام الماضي، إضافة إلى مطلب متكرر بشأن احترام الحريات النقابية، وإعادة المفصولين لأسباب نقابية، وإلغاء بند من القانون الجنائي ترى النقابات أنه يستعمل للحد من الحرية النقابية، ثم المطالبة بفتح حوارات قطاعية.

وهذه هي المرة الثانية التي يقرر فيها الاتحادان النقابيان تنظيم مظاهرة مشتركة، وكانت المرة الأولى في مايو (أيار) من العام الماضي. وتأتي هذه «الخطوات الوحدوية» بعد 10 سنوات من الخصام والقطيعة بين الاتحادين النقابيين منذ انفصال الكونفدرالية الديمقراطية للشغل عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في عام 2003، الذي أدى إلى انشقاق النقابيين الموالين للحزب، الذين أسسوا الفيدرالية الديمقراطية للشغل.

وقالت مصادر نقابية إن هذا التنسيق ربما يشكل اللبنات الأولى لتوحيد النقابتين، خصوصا أن سبب انفصالهما الرئيسي كان مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي في حكومة إدريس جطو، بعد انتخابات 2003. واليوم بعد أن عاد الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة، أصبح التقارب ممكنا بين الاتحادين النقابيين.

بيد أن أعضاء قياديين في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يعتبرون أن توحيد الاتحادين النقابيين «لا يزال بعيدا»، ويفضلون حاليا الحديث عن «تنسيق وتعاون».

وقال أحد القياديين في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إن اختلاف الاتحادين النقابيين حول «قضايا كبيرة» لا يزال يشكل عائقا أمام الحديث عن الوحدة. ومضى يقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كلنا نطمح إلى الوحدة النقابية هدفا أسمى، لكن هناك قضايا أساسية تفرقنا، وعلى رأسها الموقف من مشروع قانون تنظيم النقابات ومشروع قانون تنظيم الإضراب الذي تطرحه الحكومة، إذ إن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تعارض هذين القانونين بشدة، في حين تدافع الفيدرالية الديمقراطية للشغل عنهما».

وأضاف المصدر نفسه: «سبب دفاع الفيدرالية الديمقراطية للشغل عن قانون النقابات وقانون الإضراب يرجع إلى أن المشروعين تمت صياغتهما خلال ولاية الحكومة الماضية، حيث كان يتولى جمال أغماني من الاتحاد الاشتراكي حقيبة وزارة الشغل (العمل)». وزاد المصدر قائلا: «فرقتنا مشاركة الحزب في السلطة في 2003، ولا تزال آثار هذه المشاركة تفرقنا حتى الآن».

وفي سياق آخر، شرعت قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في إجراء مشاورات مع 4 اتحادات نقابية بهدف إنشاء «كتلة للحركات الاجتماعية في المغرب في مواجهة صعود القوى المحافظة»، على حد قول إدريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي. وتشمل هذه المشاورات الفيدرالية الديمقراطية للشغل (التابعة للحزب) والكونفدرالية الديمقراطية للشغل (مقربة من اليسار) والاتحاد العام للشغالين بالمغرب (تابعة لحزب الاستقلال المشارك في الحكومة) والاتحاد المغربي للشغل (اتحاد عمالي مستقل). واستثني من هذه المشاورات «الاتحاد الوطني للشغل»، وهو اتحاد نقابي مقرب من الإسلاميين.

وفي سياق إطار تحرك النقابات على واجهة أخرى، قال مصدر في «الاتحاد المغربي للشغل» (اتحاد نقابي مستقل)، إنهم سلموا وزارة الخارجية المغربية مذكرة حول مشكلات يواجهها عاملات وعمال مغاربة يعملون في شركات إسبانية في مدينتي سبتة ومليلية، اللتين يطالب بهما المغرب في شمال البلاد.

وأوضح المصدر أن يوسف العمراني الوزير في وزارة الخارجية كان قد التقى ممثلي هؤلاء العمال أمام وزارة الخارجية، أثناء وقفة احتجاجية.

وكان مئات العمال المغاربة يعملون في شركات إسبانية شاركوا في الوقفة الاحتجاجية، استنكارا لما قالوا إنه «تمييز وعنصرية» يتعرضون له مقارنة مع زملائهم العمال الإسبانيين. وقال عبد الواحد بودن، وهو نقابي متحدث باسم فرع «الاتحاد المغربي للشغل» في الناظور شمال المغرب: «منذ نحو 18 شهرا ونحن نراسل الجهات المسؤولة في المغرب وإسبانيا بشأن مسألة التمييز، لكن لم نتلقّ أي رد».

وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن المشاركين في الوقفة الاحتجاجية عمال وعاملات مغاربة يعملون في سبتة ومليلية بطريقة شرعية، ولديهم رخص عمل قانونية ويقدر عددهم بنحو 6 آلاف شخص. وقال بودن: «هؤلاء العمال يطالبون بالتمتع بحقوقهم مثل الإسبان، لأنهم يسددون جميع الواجبات المهنية لصندوق التقاعد، لكنهم يتقاضون نصف التعويضات التي يتقاضاها العمال الإسبان، ونحن في الاتحاد المغربي للشغل نقول إن هذا تمييز بين المغاربة والإسبان»، وتابع: «الحكومتان المحليتان في سبتة ومليلية تفرضان على العمال المغاربة أن يجددوا رخصة العمل سنويا، في حين كانت هذه الرخصة صالحة في السابق لمدة تزيد عن 5 سنوات»، مشيرا إلى أن كل تجديد يؤدي عنه 600 يورو، وتصدر الرخصة باسم الشركة وليس باسم العاملة أو العامل، كما هو الشأن بالنسبة للعمال الإسبان».

ومن جانبه، قال عبد الغني طوليس، وهو نقابي في الاتحاد المغربي للشغل: «هؤلاء العاملون والعاملات الحدوديون حاملو رخص العمل في مليلية وسبتة هم الذين ساهموا بسواعدهم في بناء المدينتين»، وأضاف: «في الماضي كانوا يتمتعون بحقوقهم، لكنهم الآن تعرضوا إلى الإهمال، على سبيل المثال العمال الإسبان يجددون الرخصة بمبلغ 18 يورو فقط، عكس المغربي الذي يجددها بمبلغ 600 يورو، وليس له الحق في التقاعد».