حلب بلا كهرباء ولا محروقات.. والمعارضة تتهم النظام بمعاقبة الثائرين

النظام يقر بتدني الخدمات ويبرر بسيطرة «المجموعات المسلحة» على طرق الإمداد

TT

«رجع بنا الزمن 30 عاما إلى الوراء». بهذه العبارات، يلخص أحمد حليمة (46 عاما) النازح من حلب إلى لبنان، ما وصل إليه الواقع الخدماتي في مدينة حلب وريفها، منذ وصول المعارك إليها قبل ثمانية أشهر. وقال إن تقنين الكهرباء ارتفع إلى مستويات كبيرة في حينه تصل مياه الشفة إلى المنازل مرة كل ثلاثة أيام، أما المحروقات فيقاتل الحلبيون للحصول عليها، بعد فقدان مادة المازوت الحيوية من المحافظة.

وأضحى هذا الواقع من المسلمات لدى طرفي النزاع في سوريا، إذ أقر النظام بتلك المشكلة التي تتفاقم في المحافظة، واعدا على لسان رئيس الوزراء وائل الحلقي، بأن تعمل القوات النظامية في الأيام المقبلة على «تأمين طرق الوصول إلى مركز المحافظة».

وتعاني حلب بشكل أساسي من مشكلتين، الأولى مرتبطة بالتغذية الكهربائية التي انعكست على مختلف قطاعات الحياة، والثانية مرتبطة بفقدان المحروقات، وخصوصا مادتي المازوت (السولار) والبنزين، مما أرجع الناس للاعتماد على بدائل كانت تستهلك قبل ثلاثين عاما. ويقول حليمة الذي نزح من ناحية «الأتارب» في ريف حلب، إن انقطاع الكهرباء والغاز، دفع بالسكان للاعتماد على الحطب للقيام بمهام الطهي والتدفئة، أما انقطاع مادتي المازوت والبنزين، فدفع سكان المنطقة لتجميد أعمالهم الزراعية، لعجزهم عن تأمين وسيلة للنقل، ووسيلة لحراثة الأراضي وريها الذي من المفترض أن يبدأ في أواخر نيسان (أبريل (نيسان)) الحالي. وينسحب هذا الواقع على مختلف مناطق ريف حلب البعيدة عن الحدود التركية. ففي منطقة الباب التي تبعد 30 كيلومترا عن مركز المحافظة، يفتقد السكان أبسط مقومات العيش. ويقول ناشط من حلب لـ«الشرق الأوسط» إن المحروقات أضحت عملة نادرة في المنطقة، و«يقاتل السكان للحصول على كميات قليلة منها». أما الكهرباء، فلا تغذي المنطقة بأكثر من 6 ساعات يوميا، فضلا عن صعوبات كبيرة تواجه السكان للحصول على الخبز والدواء.

غير أن الحال في القرى المحاذية للحدود التركية، بحسب الناشط، تبقى أقل قساوة، رغم أن المحروقات متوفرة بأسعار باهظة، تتخطى ضعفي سعرها في السوق السورية، كذلك الأدوية والمستلزمات الطبية، في حين يتشابه واقع التغذية الكهربائية مع سائر مناطق ريف حلب.

وفي مدينة حلب، تخف المعاناة إذا ما قورنت بمعاناة سكان الأرياف، بحكم ارتفاع ساعات تغذية الكهرباء عما عليه في الأرياف، في حين تتشابه المعاناة لناحية فقدان المحروقات وانقطاع مياه الشفة، مما استدعى معظم السكان لشراء صهاريج لحفظ المياه في منازلهم، رغم أن عددا كبيرا من سكان المدينة غادرها بعد وصول المعارك إليها، وعودة عدد من سكانها إلى قراهم. ويتهم سكان المنطقة النظام السوري بمعاقبتهم على ثورتهم، بقطع الخدمات والمواد الحيوية التي يحتاجون إليها. ويقول مصدر في «الجيش الحر» في ريف حلب لـ«الشرق الأوسط» إن تذرع النظام باستهداف محطات التغذية الكهربائية والطرقات التي تعتمدها شاحنات نقل المحروقات «لا تعدو كونها ذريعة»، مشيرا إلى أن بعض القرى الموالية «لا تزال المحروقات متوفرة بها، كما أن تغذية محطات الكهرباء فيها، تزيد ضعفين على المناطق الثائرة المحيطة بها».

ويشير المصدر إلى أن مركز المدينة الذي لا تزال القوات النظامية تسيطر على جزء كبير منه، «تتم تغذيته بالكهرباء بما يتخطى ضعفي الأرياف المحيطة بمدينة حلب»، مشددا على أن النظام «يعاقب الثوار بقطع الكهرباء عنهم». لكن النظام السوري الذي أقر بمعاناة سكان حلب، أرجع الأمر إلى سيطرة المقاتلين المعارضين على خطوط الإمداد. وأكد رئيس الوزراء الحلقي أن الحكومة «لن تدخر جهدا في تأمين الخدمات الأساسية لمدينة حلب»، مشيرا إلى أنها «تعمل من أجل التغلب على الصعوبات والتحديات التي تعاني منها المدينة، وخاصة تأمين طرق الوصول إلى مركزها، وهو ما ستعمل عليه قواتنا المسلحة في الأيام المقبلة».