أمير قطر يستقبل كرزاي لبحث السلام

6 مليارات دولار تكلفة انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان

TT

أجرى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمس، مباحثات مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، الذي يزور الدوحة لبحث فتح مكتب تمثيل لطالبان في قطر في إطار مفاوضات السلام. وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية إن كرزاي والشيخ حمد بحثا العلاقات الثنائية «كما تم استعراض عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك».

ولم تشر الوكالة إلى مسألة تمثيل طالبان في قطر التي هي في صلب زيارة الرئيس الأفغاني الذي وصل إلى الدوحة أول من أمس على رأس وفد رفيع المستوى من حكومته، وغادرها بعد ظهر أمس، بحسب الوكالة. وقال المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية «تحدثنا بالطبع عن عملية السلام وفتح مكتب طالبان في قطر». وفي وقت سابق هذا العام رفض رئيس الجمهورية الأفغانية فكرة فتح مكتب لطالبان في قطر خشية استبعاد حكومته من المباحثات بين الولايات المتحدة والمتمردين، لكنه غير موقفه لاحقا. وكرر المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية أن مكتب طالبان «لا يمكن أن يكون إلا عنوانا تجلس فيه المعارضة المسلحة وتتحدث مع الحكومة. يجب ألا يستخدم لأمر آخر».

ورفضت حركة طالبان باستمرار الحوار مع كرزاي، معتبرة أنه «دمية» أميركية. وكررت مؤخرا رفضها. وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «فتح مكتب تمثيل لطالبان في قطر لا علاقة له بكرزاي. إنها مسألة تهم (فقط) طالبان والحكومة القطرية». وأضاف «ممثلونا الموجودون أصلا في قطر لن يلتقوا به ولن يتحدثوا إليه». وقال المتحدث باسم الخارجية الأفغانية جنان موسى زاي في الآونة الأخيرة إن المفاوضات لن تبدأ إلا إذا أنهى طالبان «كل علاقاتهم مع (القاعدة) وتخلوا عن الإرهاب». وقاطعت حركة طالبان المباحثات التمهيدية بين الولايات المتحدة وقطر في مارس (آذار) 2012، بسبب عدم قدرة أي طرف على تلبية مطالب الطرف الآخر. لكن قبل عامين من انسحاب معظم قوات الحلف الأطلسي التي تستند إليها الحكومة الأفغانية أصبح إبرام اتفاق سلام أمرا واجبا لمنع تأجج النزاع مجددا في أفغانستان التي أمضت أكثر من ثلاثة عقود في الحروب والفوضى. وقال جنان موسى زاي إن المجلس الأعلى للسلام الأفغاني المنبثق من الحكومة الأفغانية سيدافع عن موقف كابل.

ويعتقد أن البحث عن تسوية بين طالبان والحكومة الأفغانية هو السبيل الوحيد لتفادي دورة جديدة دامية شبيهة بالحرب الأهلية الدموية جدا التي شهدتها البلاد بين 1992 و1996. وكان كرزاي ونظيره الباكستاني، آصف علي زرداري، قالا الشهر الماضي إنهما سيعملان بهدف التوصل لاتفاق سلام بين بلديهما في غضون ستة أشهر.

وبالتزامن مع بدء الزيارة، أفادت تقارير بمقتل طفلين وتسعة ممن يشتبه في انتمائهم لطالبان في غارة جوية شنتها القوات الأجنبية بالقرب من مدينة غازني جنوب شرقي البلاد. وبينما يعمل كرزاي على بحث فرص السلام مع طالبان، تواصل واشنطن اعدادها للانسحاب من افغانستان، وأفاد تقرير اخباري أمس ان انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، حيث ينتشر 68 ألف جندي أميركي, سيكلف ما بين 5 و6 مليارات دولار (بين 3.9 و4.6 مليار يورو) . وقال الجنرال ستيفن شابيرو المكلف عملية الانسحاب الأميركي، في رد خطي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الانسحاب تطور طبيعي للحرب. والانسحاب من أفغانستان واحد من أكبر التحديات في تاريخ عمليات النقل العسكري لجهة الحجم والتعقيد». ولا تزال 100 ألف حاوية و25 ألف آلية عسكرية، مقابل 50 ألفا في 2012 لدى بدء الانسحاب في أفغانستان، بحسب الجنرال شابيرو.

وسيتم سحب القسم الأكبر من هذا العتاد, باستثناء جزء سلم لقوات الأمن الأفغانية, في نهاية 2014؛ التاريخ المحدد لسحب عتاد ومعدات قوة «إيساف» التابعة لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، التي تقودها الولايات المتحدة.

وقال شابيرو إن تكلفة هذه العمليات، التي تتراوح «من 5 إلى 6 مليارات» منذ بدايتها (2012) وحتى نهايتها, هي «موضع مراجعة مستمرة». وفي يناير (كانون الثاني) 2012، قدر ضابط كبير أميركي قيمة المعدات الأميركية في أفغانستان بـ«أكثر من 30 مليار دولار». وصعوبة الانسحاب من أفغانستان هي أن هذا البلد لا يملك أي منفذ مباشر على البحر. ولفترة طويلة, كانت غالبية معدات الحلف الأطلسي تنقل عبر ميناء كراتشي (جنوب باكستان)، ثم بواسطة شحنات إلى أفغانستان. وهذا الطريق البري الذي لم يكن آمنا في السنوات الماضية، بسبب هجمات طالبان على جانبي الحدود، التي قطعت بسبب العلاقات الدبلوماسية المتوترة بين باكستان والولايات المتحدة، أعيد فتحها في منتصف فبراير (شباط). وقال شابيرو: «هدفنا هو الاستفادة إلى أقصى درجة (من الطريق الباكستاني) لكننا نستخدم كل الوسائل المتوافرة (بحرا وبرا وجوا) لإتمام انسحابنا على أكمل وجه».