أول إطلاق لصحف يومية خاصة في بورما منذ نصف قرن

منذ حل الحكم العسكري نفسه ألغيت الرقابة وأفرج عن الصحافيين المسجونين وبثت نشاطات المعارضة على الصفحات الأولى

بورمي يقرأ النسخة الجديدة من صحيفة «ذا فويس» في محل بأحد شوارع مدينة رانجون أمس (أ. ف. ب)
TT

بينما حصلت 16 صحيفة يومية على ترخيص تمكنت أربع منها فحسب من الصدور، حيث تعرف البورميون أمس إلى أولى صحفهم الخاصة اليومية في بلاد بدأت الإصلاحات السياسية فيها تعيد رسم أطر قطاع الإعلام تدريجيا.

ووصلت «ذا فويس ديلي» النسخة اليومية لإحدى أكبر مجلات البلاد، و«ذا غولدن فريش لاند ديلي»، «ذا يونيو (حزيران)ن ديلي» (مقربة من حزب الأكثرية) و«ذا ستاندارد تايم ديلي» إلى أكشاك الصحف صباح أمس لتلبية عطش السكان للمعلومات بعد تحريرها من قيود الرقابة.

وقالت بائعة الصحف في رانغون فيو فيو: «الناس سعداء بقراءة الصحف اليومية للمرة الأولى». وتابعت: «نفدت أعداد (ذا فويس ديلي) سريعا».

وقال أونغ سو مسؤول «ذا فويس ديلي» «أردنا أن نكون جزءا من هذه المرحلة التاريخية».

لكن بين الضعف اللوجيستي وقلة خبرة فرق التحرير وسوء تجهيز المطابع كان التحدي هائلا. وقال أونغ: «كنا نستعد منذ ست سنوات لإصدار اليومية» موضحا أن «تحدينا الأكبر هو الموارد البشرية وعلينا التغلب عليه».

وتعذر على الصحف الـ12 المتبقية الصدور في الموعد على غرار «دي – ويف» وهي صحيفة حزب المعارضة أونغ سان سو تشي التي تأمل صدورها في يوليو (تموز) .

ويتساءل الكثيرون حول قابلية الاستمرار في حال تنافس عدد كبير من الصحف التي تباع مقابل 200 كيات (أقل من 20 يوروسنت) في أحد أكثر بلاد العالم فقرا.

وقال بائع الصحف كالار لاي لوكالة الصحافة الفرنسية: «أمر جيد أن يكون هناك عدد كبير من الصحف، لكننا نخشى ألا تتمكن من الاستمرار على المدى الطويل». «فالسكان لا يملكون المال لشرائها جميعا».

وقال ثيها ساو من أسبوعية «أوبن نيوز» «علينا الانتظار لنرى كيف سيستقبلها الناس». وتابع: «لا يمكن للحكومة أن تساعد القطاع الخاص لأنها منشغلة في تحويل وسائل إعلام الدولة إلى خدمات عامة».

وأعلنت الحكومة قبل أشهر عن إصلاح الصحف الرسمية اليومية التي تعتبر ناطقة بلسان النظام وتباع بنصف أسعار الصحف الخاصة.

بالتالي عمدت صحيفة «نيو لايت أوف ميانمار» الناطقة بالإنجليزية والتي تشكل نموذج صحافة من زمن آخر إلى نفض الغبار عنها في العامين الفائتين وأطلقت استدراج عروض من أجل شريك خاص محل ياو أجنبي لتصبح صحيفة عادية.

وأممت السلطة العسكرية الصحف اليومية قبل نصف قرن. وحتى أمس كانت جميع المنشورات الخاصة أسبوعية وكانت تكتفي بموقعها على الإنترنت لتلبية الطلب على المعلومات.

لكن منذ حل الحكم العسكري نفسه في مارس (آذار) 2011 توسعت إصلاحات الحكومة الجديدة لتشمل الإعلام. وألغيت الرقابة في أغسطس (آب) وأفرج عن الصحافيين المسجونين. كما بدأت مواضيع كانت محظورة على غرار نشاطات المعارضة أونغ سان سو تشي ترد على صفحات الصحف الأولى.

واختارت «غولدن فرش لاند» صورة للسجينة السياسية السابقة التي باتت نائبا للصفحة الأولى في عددها الأول.

لكن على الرغم من هذه التطورات التي اعتبرتها منظمة مراسلون بلا حدود «ثورة ورق» ما زالت البلاد تعتبر في الرتبة 151 من 179 في تصنيف العام 2013 لحرية الإعلام والجمعيات، على الرغم من ارتفاعها 18 درجة.

وما زالت النصوص القانونية التي يفترض أن تستبدل القوانين السابقة القامعة طور النقاش، من بين تلك قانون صاغته السلطات من دون استشارة أحد وأثار احتجاجات عارمة من طرف ممتهني الصحافة.

من جهة أخرى أعلنت الصحف الحكومية في بورما أمس أن حصيلة ضحايا أعمال العنف بين البوذيين والمسلمين التي اندلعت قبل ‏10 أيام في البلاد ارتفعت إلى ‏34‏ قتيلا‏.‏ وذكرت صحيفة «نيو لايت أوف ميانمار» أن أكثر من 1300 منزل أحرقت ما أدى إلى تشريد أكثر من 11 ألف شخص. وأضافت الصحيفة أن 68 شخصا اعتقلوا لتورطهم في عشرات الحوادث العرقية في 51 بلدة. ولقي 40 شخصا من القتلى مصرعهم عندما اندلعت أعمال العنف في 20 مارس بعد شجار بين تاجر مسلم وزبائن في محل للذهب بمدينة ميكتيلا بوسط البلاد. ونفت الحكومة البورمية بشدة اتهامات مسؤول بالأمم المتحدة بضلوع الدولة وقوات الأمن في بعض أعمال العنف المناهضة للمسلمين.

وعلى صعيد آخر ذكرت تقارير إعلامية أمس أن حكومة ميانمار (بورما) قررت زيادة أجور أكثر من مليوني موظف في الدولة بمقدار 20 ألف كيات (2.‏24 دولار) شهريا بما يعادل 20% من إجمالي الراتب الشهري للموظف.

وذكرت الصحف الحكومية الصادرة أمس أن الرئيس الميانماري تين شين أعلن عن الزيادة خلال كلمة له بثها تلفزيون الدولة مساء أمس ونشرتها الصحف الحكومية أمس. يتزامن الإعلان مع بدء العام المالي الجديد لميانمار في أول أبريل (نيسان) الحالي. وقال تين شين: «في مشروع موازنة عام 2013 / 2014 طلبت تخصيص 385 مليار كيات لزيادة الأجور ومرتبات التقاعد للعاملين في الدولة ووافق البرلمان على الطلب».

يذكر أن هناك نحو 2.‏1 مليون موظف دائم في الحكومة يحصل الموظف منهم على 100 ألف كيات شهريا في المتوسط، إلى جانب 740 ألف عامل يعملون بنظام اليومية ويحصلون على أقل من 20 ألف كيات شهريا. كما يوجد نحو 760 ألف شخص يحصلون على مرتب تقاعد شهري وسيستفيدون من الزيادة الجديدة.