تأييد الغنوشي لعقوبة الإعدام يثير حفيظة المجتمع المدني في تونس

مع تواتر جرائم الاغتصاب والقتل تجد المنظمات الحقوقية صعوبة في إقناع التونسيين بإلغاء العقوبة

TT

أيد الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة تنفيذ عقوبة الإعدام ضد كل من يرتكب جريمة الاغتصاب في خلاف حاد مع منظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني التي تنادي منذ أكثر من ست سنوات بإلغاء تلك العقوبة. وقال الغنوشي في حوار أجرته معه قناة «فرانس24» بالعربية إن «ارتكاب جريمة اغتصاب شنيعة ضد طفلة لا يتجاوز عمرها الثلاث سنوات يعتبر إعداما لكامل أسرة الطفلة وللبلاد على وجه العموم».

وشهدت تونس جريمة اغتصاب بشعة كانت ضحيتها طفلة لا يتجاوز عمرها ثلاثة أعوام تعرضت للاعتداء الجنسي والعنف من قبل حارس روضة للأطفال في مدينة المرسي شمال العاصمة.

وطالب الغنوشي بوجوب تطبيق أقصى العقوبات ضد مرتكبي مثل تلك الجنايات واعتبر الإعدام في هذه الحالة جائزا قائلا «هو قانون طبيعي فالنفس بالنفس»، وأردف الغنوشي في تصريحه «من يهدد حياة غيره فهو يهدد حياته».

وبشأن إقرار إلغاء عقوبة الإعدام أو الإبقاء عليها، قال لطفي عزوز المدير التنفيذي لفرع منظمة العفو الدولية بتونس لـ«الشرق الأوسط» إن «عقوبة الإعدام لا تحقق العدالة في صورة تنفيذها، وهي كذلك لا تردع المجرم عن ارتكاب الجريمة، وإنما تمثل في الكثير من الحالات عائقا أمام عملية الإصلاح» على حد تعبيره. واعتبر عزوز أن الحل لا يمكن أن يكون من خلال عقوبة الإعدام التي تحرم الأشخاص من حقهم في الحياة.

ونصت القوانين التونسية على عقوبة الإعدام في أكثر من أربعين حالة، إلا أن ذلك لم يخفض من وتيرة الجرائم ولا بشاعتها على حد كلام ناشطين في منظمات حقوقية. وعرفت تونس منذ يوم 14 يناير (كانون الثاني) 2007 تشكيل الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام وساندت تلك الدعوة سبع منظمات تونسية وقدمت للبرلمان التونسي مشروع قانون لإلغاء عقوبة الإعدام لم يعرض على النقاش منذ ذاك التاريخ. ولم تنفذ تونس منذ سنة 1991 وعلى أثر مصادقتها على الاتفاقية الدولية لمناهضة الإعدام على أي تونسي صدر ضده حكم قضائي بالإعدام وهو ما اعتبر خطوة إيجابية في اتجاه تلك العقوبة التي ترى فيها منظمات حقوقية عقوبة غير إنسانية.

من ناحيته أشار عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن موقف الحقوقيين من عقوبة الإعدام لا يرتبط بقضايا ظرفية ومن واجب جميع الأطراف البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب تلك النوعية من الجرائم، في إشارة إلى جرائم الاغتصاب التي تكررت وتيرتها في المجتمع التونسي خلال الفترة الأخيرة.

وتجد المنظمات الحقوقية صعوبات ذات طابع فكري وعقائدي في إقناع شق من المجتمع التونسي بجدوى إلغاء عقوبة الإعدام في ظل تواتر جرائم اغتصاب وقتل مجاني من حين إلى آخر.

وتتشبث التيارات الدينية بالنص القرآني وتطالب بتطبيق مبدأ القصاص في حالة ارتكاب جرائم قتل عن قصد وترى أن إلغاء عقوبة الإعدام يتنافى مع النص الديني الصريح.

وفي هذا الشأن صرحت فطوم الأسود (نائبة بالمجلس التأسيسي - البرلمان - عن حركة النهضة) لوسائل إعلام محلية بأن جملة الجرائم التي جدت في تونس مؤخرا (اغتصاب طفلة لا يزيد عمرها عن ثلاث سنوات واغتصاب امرأة حامل كانت بصحبة زوجها) تدعم الموقف الرافض لإلغاء عقوبة الإعدام. وقالت إن المسألة تجاوزت الحقوقيين والسياسيين وباتت مطلب الشارع التونسي، وهذا الأمر على حد قولها أضعف موقف الكثير من المطالبين بإلغاء العقوبة. وأضافت أن بعض أعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان) كانوا مترددين حول مسألة الإبقاء أو إلغاء عقوبة الإعدام، ولكن طبيعة الجرائم التي ارتكبت خلال الأيام الماضية جعلت الكثير منهم يعدلون مواقفهم ويطالبون بتطبيق عقوبة الإعدام في مثل تلك الجرائم.