حزب المؤتمر التونسي يختار رئيس ديوان المرزوقي أمينا عاما له

عماد الدايمي لـ«الشرق الأوسط»: المؤتمر سيظل حليفا استراتيجيا للنهضة

TT

حسم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب الرئيس المنصف المرزوقي) أمره بخصوص أمانته العامة باختيار عماد الدايمي، رئيس ديوان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أمينا عاما له خلفا للمحامي محمد عبو الذي استقال من الحزب ليؤسس بدوره حزبا جديدا من رصيد المؤتمر.

وحزب «المؤتمر» أحد شريكين علمانيين لحركة النهضة الإسلامية في الائتلاف الثلاثي الحكومي في تونس. وقال الحزب في بيان مقتضب نشره على صفحته الرسمية في «فيس بوك» إن مجلسه الوطني الثالث الذي انعقد يومي السبت والأحد بمركز ولاية سوسة (وسط شرق) قام بـ«تزكية عماد الدايمي كأمين عام جديد».

ويعتبر كثيرون أن الأمين العام الجديد من الشخصيات الوفاقية داخل حزبه، ويبدو أن هذه الخاصية هي التي رشحته لتولي المنصب من بين عدد من المرشحين بينهم وزراء في الحكومة، مثل سليم بن حميدان، وسهام بادي، وعبد الوهاب معطر.

وقال الدايمي لـ«الشرق الأوسط» في أول تصريح بعد تزكيته لقيادة الحزب، إن تثبيت هوية الحزب وإقرار برنامج سياسي واضح وإعادة هيكلة وتنظيم حزب المؤتمر استعدادا للمحطات الانتخابية المقبلة، مثلت وستمثل القضايا الرئيسة التي سيبحث لها الحزب عن حلول وتصورات.

وأضاف أن حزب المؤتمر سيظل حليفا استراتيجيا لحركة النهضة التي قادت الائتلاف الثلاثي الحاكم منذ انتخابات المجلس التأسيسي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وقال إن حزب المؤتمر «ليس عدوا للنهضة ولن يكون يوما تابعا لها»، واعتبر أن قاعدة التعامل تتم مع شريكي المؤتمر في الحكم بشكل نزيه بعيدا عن منطق الشك المزمن والتخوين غير مبرر.

واعتبر الدايمي أن حزب المؤتمر سيكون بحاجة إلى هيكلة فاعلة تعيده إلى واجهة الأحداث السياسية من جديد، وقال «إننا سنكون بحاجة إلى أكثر من مائتي مرشح للانتخابات البرلمانية (تجرى قبل نهاية السنة الجارية) ولآلاف المرشحين للانتخابات البلدية. وهذا الأمر يتطلب الحسم في كثير الملفات من بينها مسائل الانخراط في الحزب ومقاييس وشروط الترشح للمناصب المختلفة».

وبشأن التصدعات الكثيرة التي عرفها حزب المؤتمر ما تمخض إلى حد الآن عن أربعة أحزاب تقودها وجوه من الحزب نفسه، قال الدايمي إن «الخلل ليس على مستوى الرؤى السياسية والمبادئ والأطروحات التي تقود الحزب بل إن الخلل يعود إلى مسائل تنظيمية وليست سياسية وهو ما خلف انشقاقا بين القيادات السياسية». وختم بالقول إن ما يلفت الانتباه في تلك الأحزاب التي خرجت من صلب حزب المؤتمر أنها «بقيت وفية لنفس المنهج الأخلاقي وقد تعود كلها إلى أحضان حزب المؤتمر خدمة لنفس الأفكار والمبادئ».

وأمام الدايمي، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال، ثلاث مهام كبرى في هذه المرحلة العاصفة من تاريخ حزبه، وهي تحديد هوية الحزب ومرجعيته، وبرنامج الحزب في الفترة المقبلة التي تشهد إرهاصات ميلاد دستور جديد لمائة عام مقبلة، وانتخابات مصيرية، ستحدد بوصلة تونس في المستقبل، إضافة لإعادة بناء حزب المؤتمر بعد الجراحات العميقة التي أصابته في الفترة الماضية.

وفي تصريحات منفصلة قال الدايمي أمس إن حزبه يتعرض إلى حملة إعلامية شرسة بسبب مخاوف من أن يستعيد مكانته إثر استكماله من إعادة بناء مؤسساته.

وبعد أن كان مصنفا ثانيا إثر الفوز المفاجئ في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 وحصوله على 29 مقعدا خلف حركة النهضة الإسلامية بات الحزب الآن يصارع للحفاظ على نصف مقاعده.

وسبق أن انشق 12 نائبا عن الحزب العام الماضي ليؤسسوا حزبا جديدا تحت اسم حركة وفاء التي يرأسها المحامي عبد الرؤوف العيادي.

ومع تعيين الدايمي أمينا عاما للحزب ظهرت تعليقات كثيرة حول أسلمة الحزب، فإلى جانب الدايمي، هناك شخصيات أخرى لها خلفيات إسلامية، من بينهم إحدى بنات المرزوقي، ووزير أملاك الدولة، سليم بن حميدان، ووزيرة المرأة، سهام بادي، التي نشطت هي الأخرى في صلب، الاتحاد العام التونسي للطلبة، وتعد من ذوي الخلفيات الإسلامية رغم أنها غير محجبة. ولم يتنكر الديمي لخلفيته الإسلامية، لكنه نفى أن يكون انضم لحزب حركة النهضة في أي فترة تاريخية سابقة، وأوضح بأنه من مؤسسي حزب المؤتمر، ولم ينتم سابقا للنهضة.

وقضى الدايمي ما يزيد عن 19 سنة في المنفى وتحديدا في فرنسا، على أثر حل الاتحاد العام التونسي للطلبة، الذي كان معظمه من الإسلاميين، وملاحقة عناصره، ومن بينهم عماد الدايمي، الذي بدأ نشاطه السياسي، منذ كان طالبا في المعهد، ثم بالجامعة حيث درس بكلية العلوم بتونس، وشارك في معظم أنشطة الاتحاد العام التونسي للطلبة، حيث انضم إليه في الثمانينات، وتم حله سنة 1991 لكنه بدأ يعود بقوة للساحة الجامعية بعد الثورة. وقد تعرض الدايمي للملاحقة والسجن لمدة 5 أشهر.

اشتد الحصار على عناصر الاتحاد سنة 1991 دون غيره من التنظيمات النقابية الطلابية المرضي عنها في ذلك الحين، واضطر الدايمي للهجرة في سنة 1991، ولكن دون وجهة معينة، فقد عاش ظروفا قاسية في السنغال، وموريتانيا، وليبيا، زادت من قساوتها الحياة من دون جواز سفر، حيث احتجز جواز سفره في إحدى السفارات التونسية بسبب انتمائه للاتحاد العام التونسي للطلبة، المحسوب على التيار الإسلامي في ذروة الحملة الاستئصالية التي طالت حركة النهضة وكل ما يمت إليها بصلة.

وفي سنة 1996 وصل عماد الدايمي، إلى فرنسا وظل بها حتى نجاح ثورة 17 ديسمبر/ 14 يناير التي أطاحت بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. وانضم في 2001 لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية في باريس التي اتخذها الرئيس محمد منصف المرزوقي مقرا لمنفاه الاختياري قبل الثورة.

وفي فرنسا واصل الرجل دراسته الجامعية في «التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحلية المندمجة» وساهم في تكوين عدة جمعيات من بينها، المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين، كما أسس موقع المؤتمر على شبكة الإنترنت وعدة مواقع أخرى. وفي 18 يناير (كانون الثاني) 2011 عاد إلى تونس.