مدلسي يعلن استعداد الجزائر قيادة وساطة بين البحرين وإيران

جدد موقف بلاده مما يجري في سوريا

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لدى استقباله وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في الجزائر أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن مراد مدلسي، وزير الخارجية الجزائري، أمس، أن بلاده مستعدة لقيادة وساطة بين إيران والبحرين لمصلحة البلدين، وجدد موقف الجزائر مما يجري في سوريا، لافتا إلى أن تحفظ بلاده على منح الائتلاف المعارض مقعد سوريا في الجامعة العربية «نابع من مبادئها والتزاماتها».

وقال مدلسي، في مؤتمر صحافي مشترك مع الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني في العاصمة الجزائر أمس، إنه سيبلغ رسالة البحرين إلى إيران، موضحا أن الجزائر ستعمل على تلطيف الأجواء بين البلدين خدمة لمصالحهما.

من جهته، أكد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن البحرين تنظر إلى الجزائر كبلد شقيق، ومن هذا المنطلق فهي لن تعارض أي مبادرة يقوم بها هذا البلد.

وتوترت العلاقات بين البحرين وإيران على خلفية اتهام المنامة لطهران بدعم الاضطرابات في البلاد، المستمرة منذ أكثر من عامين.

وكان وزير الخارجية البحريني وصل أول من أمس إلى الجزائر بدعوة من نظيره الجزائري لتفعيل اللجنة المشتركة الجزائرية - البحرينية، التي لم تجتمع سوى مرة واحدة منذ سنوات، ومن المقرر أن تجتمع بالمنامة قبل نهاية السنة.

كما استقبله في وقت لاحق أمس الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

وعلى صعيد آخر، أعرب مدلسي خلال المؤتمر الصحافي عن أمله أن تجد قضية السجناء الجزائريين بالعراق طريقها إلى الحل من خلال تدخل الرئيس العراقي، معترفا لأول مرة بأن وضع الدبلوماسيين الجزائريين الذي اختطفتهم جماعة التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا من قنصلية الجزائر بجاو شمال مالي مطلع أبريل (نيسان) 2012 - صعب جدا. وجدد مدلسي، تأكيد موقف الجزائر مما يجري في سوريا، لافتا إلى أن تحفظ بلاده على منح الائتلاف المعارض مقعد سوريا في الجامعة العربية «نابع من مبادئها والتزاماتها».

كما أكد أن الجزائر «تتعامل مع الدول وليس مع جهات أخرى»، في إشارة إلى الائتلاف السوري المعارض، لافتا إلى أنه في حال تولي المعارضة الحكم في سوريا فسيكون لها موقف آخر مثلما حدث مع ليبيا.

وقال مدلسي إن «الجزائر تتبع سياسة عدم التدخل، واتخذت موقفها استنادا إلى ميثاق الجامعة العربية الذي لا يجيز منح مقعد دولة إلى هيئة ليست دولة».

وبدوره، قال وزير الخارجية البحريني إن الظروف الحالية في سوريا «لا توحي» بنجاح الحل السياسي، رغم تأكيد كل الأطراف على قبول «نهج الحوار».

وقال: «الحل القائم على الحوار هو الحل الأمثل (...) والحل السياسي هو أحسن خبر يمكن أن نسمعه»، وتابع: «نهج الحوار هو الحل الحقيقي.. هذا الكلام سمعناه من كل الأطراف في سوريا.. سمعناه من الائتلاف الوطني وسمعناه أيضا من الحكومة، لكن الظروف لا توحي بهذا الشيء».

وكان مدلسي اعتبر، في مقابلة مع إذاعة محلية، أن القرارات التي يتخذها جزء من السوريين وحده لن تدوم طويلا، وأشار خلال المقابلة إلى أنه «يعود للسوريين أن يقرروا، وأي قرار يصدر عن جزء منهم حصرا - لا بل أي قرار يصدر عن جزء من السوريين يكون متأثرا بضغوط خارجية - قد تكون حياته قصيرة جدا»، ولم يوضح الوزير ما يقصد بـ«الضغوط الخارجية».

الجدير بالذكر أنه في أثناء قمة الدوحة في 25 مارس (آذار)، منحت الجامعة العربية الائتلاف الوطني السوري المعارض مقعد سوريا فيها، رغم تحفظات الجزائر والعراق.

وكان مقعد سوريا شاغرا منذ تعليق الجامعة العربية عضوية نظام الرئيس السوري بشار الأسد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، تنديدا بالقمع الدامي للانتفاضة الشعبية، التي تحولت لاحقا إلى نزاع مسلح.

وقلل وزير الخارجية الجزائري من حظوظ نجاح مهمة الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي. وقال في تصريحه للإذاعة الجزائرية: «لا نعتقد أن لها (مهمة الإبراهيمي) فرصة للنجاح.. ونحن نأمل أن تنجح»، وتابع: «الإبراهيمي نفسه أكد عند تكليفه أن المهمة معقدة، ولا أعتقد أن الأوضاع تحسنت منذ ذلك الوقت».

وأكد مدلسي، خلال المقابلة الإذاعية، أن الحملة الإعلامية المغربية ضد الجزائر «تتناقض» وإرادة الجزائر والمغرب في «المضي قدما».

وقال: «إنها مسألة (الحملة الإعلامية ضد الجزائر) ناقشناها مع أشقائنا المغاربة بكل رزانة، فنحن نسجل بالفعل أن المناخ المترتب على هذه الإعلانات الإعلامية، لا سيما عندما تنشرها وكالة أنباء تابعة لدولة، يتناقض والإرادة السياسية لكل من الجزائر والمغرب في المضي قدما».

وشدد مدلسي على أن قضية فتح الحدود الجزائرية - المغربية، قضية «ثنائية» وأنه «يتعين علينا (جزائريون ومغاربة) البحث عن حل لها في إطار ثنائي».

وأعرب عن «الأمل بإحراز تقدم» في ملف الصحراء الغربية بمناسبة المهمة الجديدة التي يقوم بها الموفد الخاص للأمم المتحدة كريستوفر روس.

أما بشأن قمة الاتحاد المغاربي العربي التي كان مقررا عقدها الخريف الماضي، فقال مدلسي إن ظروف نجاحها ليست متوافرة، مشيرا خصوصا إلى إقامة مؤسسات داخلية بعد الإطاحة بنظامي تونس وليبيا، وهما عضوان في المنظمة إلى جانب المغرب والجزائر وموريتانيا.

وشدد على الوضع في المغرب العربي، مؤكدا «أولوية أمنية يجب تسويتها قبل كل شيء» وأعلن بالمناسبة انعقاد اجتماع وزراء داخلية الاتحاد المغاربي هذا الشهر في الرباط بعد الاجتماع الذي عقد في العاصمة الجزائرية سنة 2012.

وحول الأوضاع في ليبيا، قال مدلسي إن «الجزائر قدمت عروضا ملموسة وعملية لدعم تشكيل الجيش والشرطة الليبيين، ولا شك في أن هذه العروض ستتجسد ميدانيا» خلال الأسابيع المقبلة.

وأضاف مدلسي أن «الجزائر قدمت عروضا ملموسة لتمكين ليبيا إن رغبت في ذلك، للإسهام في تكوين من هم ينتظرون اليوم، أي الشبان الذين خرجوا من الأزمة وهم مسلحون في الغالب، وينتظرون إمكانية الاندماج في مسار مؤسساتي ليبي من خلال الجيش أو الشرطة».