حادث تسمم بجامعة الأزهر يثير جدلا سياسيا في مصر

مرسي يزور المصابين ويعد بالمحاسبة.. والنائب العام فتح تحقيقا في الواقعة

TT

تحول حادث تسمم نحو 600 طالب في جامعة الأزهر بمصر أمس إلى سجال سياسي مرة أخرى حول المطالبات بتغيير كل القيادات الأزهرية بمن فيهم شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، رغم نص الدستور الجديد على أن «شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل».

وخرج المئات من طلاب جامعة الأزهر أمس في مسيرات احتجاجية، اقتحموا خلالها مقر «مشيخة الأزهر» بالقاهرة، وحطموا بوابتها الرئيسة، كما قطعوا الطريق الرئيس أمامها، مطالبين بإقالة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ورئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد.

وكان المئات من طلاب جامعة الأزهر قد أصيبوا أمس بحالة تسمم غذائي بعد تناولهم وجبة الغداء في المدينة الجامعية. وقال الدكتور عبد الرحمن السقا رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي إن الحالات عبارة عن إصابات بنزلات معوية وقيء وإسهال، وتم التعامل معها جميعا بعد تشخيص حالتهم بتسمم غذائي بسيط ومتوسط، نافيا وجود أي حالات وفاة.

وبينما دعا الدكتور أحمد الطيب المجلس الأعلى للأزهر لاجتماع طارئ اليوم (الأربعاء) لبحث ما تم اتخاذه حيال حادث إصابة طلاب المدينة الجامعية بالتسمم الغذائي، وسرعة اتخاذ القرارات اللازمة، التي ربما تكون منها إقالة رئيس الجامعة أسامة العبد، اتهمت قوى سياسية جماعة الإخوان المسلمين باستغلال الحادث للإطاحة بالشيخ الطيب نفسه عبر الدفع بأنصارها من طلاب الإخوان المسلمين بالجامعة للاحتجاج أمام مشيخة الأزهر للمطالبة بعزله.

وكان جدل كبير شهدته مصر قبل أشهر بسبب بقاء شيخ الأزهر في منصبه، واتهامات قوى إسلامية له بأنه محسوب على النظام السابق، قبل أن يحسم الدستور الجديد الأمر بالنص على عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل، وفسر ذلك حينها بأنها «صفقة» من أجل تمرير الدستور.

ويشكو طلاب المدن الجامعية التابعة لجامعة الأزهر منذ فترة من تردي مستوى الخدمات بها، وناشد الطلاب خلال احتجاجهم أمس ضرورة تحسين الأوضاع بالمدينة، خاصة أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه، حيث تكرر أكثر من مرة خلال العام الأخير فقط.

وقال بيان لشيخ الأزهر إن الدكتور أحمد الطيب أصدر توجيهاته بسرعة التحقيق العاجل، كما تم الاتصال بالمستشفيات للاطمئنان على صحة أبنائه الطلاب، وأمر بمحاسبة المقصرين. وقال مصدر مسؤول إن الاتصالات التي أجراها شيخ الأزهر أوضحت أن معظم الطلاب المصابين خرجوا من المستشفى، وأنه تمت إحالة المسؤولين عن التغذية بالمدينة الجامعية للتحقيقات ووقفهم عن العمل لحين إعلان نتائج الفحص واختبار الأغذية. من جانبه، قام رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي أمس بزيارة لطلاب جامعة الأزهر المصابين في مستشفى التأمين الصحي للاطمئنان عليهم، وطالب بتقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية اللازمة. كما تابع رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل حالات الطلاب، وقال في بيان مقتضب إنه «كلف الجهات المعنية ببدء التحقيق الفوري لمعرفة أسباب هذا الحادث ومحاسبة المسؤولين».

وبينما قرر رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامة العبد إيقاف كل من مدير المدينة الجامعية ومدير التغذية عن العمل وإحالتهما للنيابة العامة للتحقيق، شكل النائب العام المستشار طلعت عبد الله فريقا خاصا من نيابة شرق القاهرة للتحقيق في الحادث. وقال المستشار مصطفى دويدار المتحدث باسم النيابة إن فريق النيابة انتقل لسماع أقوال المصابين في المستشفيات، مشيرا إلى أن النيابة كلفت الجهات المختصة بسحب عينات عشوائية من الطعام وأمرت بسرعة إجراء التحريات حول الواقعة لتحديد المسؤولية الجنائية في الحادث. وفي إطار ردود الفعل السياسية، شهدت جلسة مجلس الشورى (البرلمان) أمس حالة من الغضب بسبب الحادث، وطالب بعض النواب بمساءلة شيخ الأزهر، وإقالة الحكومة باعتبارها مسؤولة عن حالة الإهمال التي تفشت في جميع أركان الدولة. وقال الدكتور عصام العريان ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين إن «شيخ الأزهر هو المسؤول سياسيا عن الحادث»، كما دعا إلى تغيير القيادات الجامعية، قائلا: «استمرار نفس قيادات جامعة ازهر في مواقعها منذ سنوات والإصرار على ترشيح نفس النوعيات من الذين لم يتحملوا مسؤولية اخطاء السابقة سيؤدي إلى تكرار الكوارث». لكن نادر بكار، المتحدث الرسمي باسم حزب النور (السلفي)، رفض «الزج باسم شيخ الأزهر في الموضوع»، لافتا إلى أن ذلك من قبيل «الانتهازية السياسية وتعمد توجيه اغتيال معنوي على مواقف شيخ الأزهر الأخيرة». وأضاف بكار، في تصريح لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية: «أصحاب هذه الدعوات يعلمون أن شيخ الأزهر لا علاقة له بالموضوع، وأن المسؤول الرئيسي هو رئيس الجامعة».

واستنكر مصطفى النجار، رئيس حزب العدل محاولة المساس بشيخ الأزهر والمطالبة بإقالته، وقال في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع «تويتر»: «أرفض بشدة المساس بشيخ الأزهر أو الإساءة إليه أو المطالبة بإقالته»، معلنا تأييده لمطالب طلاب جامعة الأزهر في محاسبة المسؤولين عن مأساة التسمم.

بدوره، طالب التيار الشعبي، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، بإقالة حكومة هشام قنديل، باعتبار أن الحادث استمرار لمسلسل الانتهاك الكامل لحقوق الطلاب الآدمية داخل جامعة الأزهر.

وفي السياق ذاته، شهدت العاصمة المصرية أمس أكثر من وقفة احتجاجية، حيث تظاهر عدد من العاملين أمام وزارة المالية محاولين اقتحامها للمطالبة بتثبيتهم. كما اقتحم العشرات من شباب الخريجين وأصحاب المستودعات مقر وزارة التموين، اعتراضا على ارتفاع أسعار أسطوانات البوتاجاز التي تم إقرارها من جانب وزارة التموين أول من أمس.

وشهدت حركة قطارات الوجه البحري أزمة أمس بسبب قيام عدد من عمال «الشركة المصرية لصيانة وتجديد خطوط السكة الحديد» بقطع قضبان السكك الحديدية للمطالبة بتثبيت وصرف حوافزهم المتأخرة.