بيونغ يانغ تعتزم تشغيل مفاعل نووي.. وواشنطن تنشر مدمرة

بان كي مون: التهديد النووي ليس لعبة والأزمة تجاوزت حدودها

صورة أرشيفية تعود لتاريخ 27 يونيو 2008 تبرز تدمير برج التبريد في مفاعل يونغبيون الذي أعلنت كوريا الشمالية أمس عزمها إعادة تشغيله (رويترز)
TT

انتقلت كوريا الشمالية أمس إلى مرحلة جديدة في صراع القوة مع الأسرة الدولية مع إعلان عزمها إعادة تشغيل مفاعل نووي متوقف منذ عام 2007، وذلك بعد ساعات على إعلان الولايات المتحدة نشر مدمرة قادرة على اعتراض صواريخ قرب سواحل كوريا الجنوبية.

ومنذ قيام بيونغ يانغ في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بتجربة إطلاق صاروخ اعتبرتها الأسرة الدولية تجربة لصاروخ بالستي تلتها تجربة نووية ثالثة ناجحة في فبراير (شباط)، وكوريا الشمالية تصعد لهجتها وتحديها متجاهلة الإنذارات المتكررة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وبعد إعلان مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية سارعت هذه الأخيرة إلى إعلان إلغاء العمل بالهدنة الموقعة مع سيول قبل أن تعلن أنها «في حالة حرب» مع الجنوب، وذلك بعد 60 عاما على انتهاء الحرب في شبه الجزيرة الكورية. وأمس، أعلنت كوريا الشمالية «إعادة تأهيل وتشغيل» كل المنشآت في مجمع يونغبيون النووي ومن بينها موقع لتخصيب اليورانيوم ومفاعل بقوة خمسة ميغاواط. وكان المفاعل المصدر الوحيد لإنتاج البلوتونيوم لبرنامج بيونغ يانغ للأسلحة النووية. ومن المرجح أن مخزون البلاد المتبقي من البلوتونيوم يكفي لصناعة أربع أو ثماني قنابل. يذكر أن اليورانيوم ليس أقوى من البلوتونيوم إلا أن المناجم الكورية الشمالية غنية به.

ونددت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية بالإعلان «المؤسف» ودعت الشمال إلى «احترام الاتفاقات والالتزامات التي تم التوصل إليها في الماضي». وأعلن متحدث باسم وزارة الخارجية «سنتابع الوضع عن كثب». كما أعربت الصين عن أسفها لإعلان كوريا الشمالية إعادة تشغيل مفاعل يونغبيون النووي المتوقف منذ 2007، داعية إلى ضبط النفس في ظل تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي خلال لقاء صحافي إن بلاده تبلغت «بأسف» إعلان كوريا الشمالية مضيفا «ندعو جميع الأطراف إلى لزوم الهدوء وضبط النفس».

وبدوره، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نظام بيونغ يانغ من أن «التهديدات النووية ليست لعبة». وصرح بان في مؤتمر صحافي في أندورا بأن «الأزمة الجارية تجاوزت فعلا حدودها. ينبغي البدء بعودة الهدوء، لا تحتاج جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية أن تتجه نحو مواجهة مع المجتمع الدولي. التهديدات النووية ليست لعبة». وأكد بان خشيته من تصعيد الأزمة. وقال أيضا: «إنني مقتنع أن أحدا لا ينوي مهاجمة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بسبب خلاف على نظامها النووي أو العملات الأجنبية لكنني أخشى أن يرد الآخرون بحزم على أي استفزاز عسكري».

وتزامنا مع هذه التطورات، نشرت الولايات المتحدة قرب سواحل كوريا الجنوبية مدمرة قادرة على اعتراض صواريخ، في خطوة تضاف إلى سلسلة خطوات قام بها الجيش الأميركي مؤخرا لمواجهة نظام بيونغ يانغ في تهديدات. وقال مسؤول أميركي الاثنين طالبا عدم كشف هويته إن المدمرة «يو إس إس فيتزجيرالد» التي كانت أبحرت أخيرا إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في مناورات عسكرية، تم إرسالها إلى جنوب غربي شبه الجزيرة الكورية بدل أن ترسو في مرفئها في اليابان. ووصف المسؤول هذه الخطوة بأنها «وقائية»، لافتا إلى أنها تتيح توفير «عدد أكبر من الخيارات على صعيد الصواريخ الدفاعية إذا أصبح ذلك ضروريا».

وكانت كوريا الشمالية التي باتت قوة نووية منذ قيامها بأول تجربة لها في عام 2006، وافقت في 2007 على تعليق نشاطاتها الذرية لقاء الحصول على مساعدة اقتصادية وضمانات أمنية. كما أغلقت كوريا الشمالية مفاعل يونغبيون في يوليو (تموز) 2007 بموجب اتفاق مع الدول الست، وقامت في صيف العام التالي بتفكيك برج التبريد. إلا أنها رفضت دائما السماح بعمليات تفتيش لمنشاتها وانسحبت في ديسمبر 2008 من المفاوضات مع الدول الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان والكوريتين) حول برنامجها النووي. وفي عام 2010، كشف النظام لعلماء أميركيين أنه يعمل على بناء مفاعل نووي يشمل تخصيب اليورانيوم إنما لاستخدام مدني.

كما لمح النظام في فبراير الماضي إلى نيته تعليق برامجه النووية وتجارب الصواريخ وذلك إثر اتفاق مع الولايات المتحدة للحصول على مساعدات غذائية. إلا أن الاتفاق انهار سريعا بعد محاولة فاشلة لإطلاق صاروخ في 13 أبريل (نيسان)، أيضا اشتبهت الأسرة الدولية بأنها تجربة لإطلاق صاروخ بالستي.

وتثير الإشارة إلى «إعادة تأهيل» المنشآت القلق بأن يتم تحويلها ما لم يكن الأمر قد تم فعلا إلى منشأة لتخصيب اليورانيوم على المستوى الضروري لإنتاج الأسلحة. وكان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون حذر الأحد من أن «تطوير الطاقة النووية مفتاح... لتعزيز التكنولوجيا الضرورية لإنتاج أسلحة نووية أخف وزنا ومن مستوى مختلف تماما». ويشتبه عدد كبير من المراقبين بأن الشمال يقوم بتخصيب اليورانيوم لتصنيع أسلحة في منشات سرية منذ سنوات، وأن التجربة النووية الثالثة التي قامت بها بيونغ يانغ في فبراير، إنما كانت تجربة لقنبلة من اليورانيوم.