المعارك تقف عائقا أمام وصول المساعدات إلى ملايين السوريين

«الأغذية» العالمي: تستهدف الشاحنات والمخازن وهناك مناطق لا نعرف شيئا عن وضعها

TT

لا تزال المعارك الضارية بين طرفي النزاع في سوريا تقف حاجزا أمام وصول المساعدات الغذائية إلى ملايين المواطنين الذين يرزحون تحت القصف، مفتقدين إلى أدنى متطلبات العيش في مختلف المناطق السورية، كما تحولت المخازن والشاحنات إلى هدف المقاتلين من المعارضة والموالاة. وهذا ما لفت إليه برنامج «الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة في تقريره الأخير، داعيا جميع الأطراف للسماح بمرور المساعدات الإنسانية بأمان ووصولها إلى المناطق المتنازع عليها ومناطق الصراع.

ورغم إشارة المنظمة إلى أنه في كثير من الأحيان يجري توقيف الشاحنات المتعاقدة مع البرنامج على نقاط التفتيش ويطلب منها في بعض الحالات العودة أدراجها أو أحيانا يستولى عليها، رفضت لور شدراوي المتحدثة باسم البرنامج، اتهام طرف دون آخر، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كمنظمة إنسانية، لسنا بموقع اتهام أي فريق، كما أننا لا نعتقد أننا هدف مباشر في هذه المعارك، لكن عملنا على خط النار هو الذي يعرضنا لهذا الخطر، لذا، نطلب من جميع الجهات احترام المبادئ الإنسانية والسماح بمرور شاحنات المساعدات كذلك تأمين دخول المتطوعين والموظفين وسلامة المواد الغذائية»، لافتة إلى أن التوقيف والاستهداف يتم من كل الأطراف، حتى إنه في بعض الأحيان لا نستطيع تحديد الجهة التي ينتمون إليها.

وعما إذا كان هناك تنسيق مع أي جهات داخلية لتسهيل القيام بالمهمة، أكدت شدراوي أن «الشريك الأساسي الذي نتعامل معه هو الهلال الأحمر السوري، إضافة إلى نحو 15 منظمة وجمعيات مدنية، الأمر الذي يسهل الدخول إلى 14 محافظة سورية، لكن المشكلة الأهم تكمن في تلك المناطق التي لا يزال هناك استحالة للوصول إليها منذ أشهر، كالأحياء القديمة في حمص، لا سيما الخالدية والبياضة وجورة الشياح، حيث يصعب علينا حتى معرفة وضع النازحين وإعدادهم، وأضيف إليها، أخيرا، مناطق عدة أهمها، رأس العين في الحسكة وأعزاز في حلب والغوطة الشرقية في ريف دمشق، مشيرة إلى أن الوضع الأمني المتغير بين يوم وآخر هو الذي يتحكم في تغيير مسار هذه المساعدات.

ووصل برنامج الأغذية العالمي إلى ما يقارب مليوني شخص في مارس (آذار) الماضي عبر تقديم المساعدات الغذائية إليهم في المحافظات الـ14، ولكن البرنامج في سوريا لا يزال، بحسب المفوضية، يواجه تحديات هائلة في الوصول إلى بعض المناطق في ريف دمشق، والقنيطرة ودرعا ودير الزور والرقة وكثير من المناطق في شمال البلاد وخصوصا في حلب والحسكة.

وهذا ما أعلنه منسق البرنامج الإقليمي لحالات الطوارئ للأزمة السورية مهند هادي قائلا: «في بعض الأحيان يكون علينا اتخاذ القرار الصعب بإلغاء إرسال المواد الغذائية إلى مكان ما نعلم بوجود حاجة ماسة إليها». ويصف هادي الوضع في سوريا بـ«الحرج»، خصوصا في مناطق النزاع، حيث يستطيع البرنامج الوصول ولكن بقدر محدود وحيث يعتقد أن الملايين من الناس في حاجة ماسة للغذاء، وخصوصا في شمال البلاد.

وأشار هادي إلى سقوط قذيفة «مورتر» على مستودع برنامج الأغذية العالمي في عدرا، على مشارف دمشق. وكان موظفو البرنامج غير قادرين على إنقاذ المواد الغذائية بسبب القصف المستمر وانعدام الأمن في المنطقة، مذكرا بأنه ومنذ بداية ديسمبر (كانون الأول) 2011، سجل البرنامج أكثر من 20 هجوما على مستودعات الغذاء والشاحنات والسيارات التابعة له.

لكن هادي أكد أن البرنامج لن يتراجع عن محاولة إرسال الغذاء إلى 2.5 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا في أبريل (نيسان) وناشد جميع الأطراف احترام المبادئ الإنسانية ومراعاتها وضمان المرور الآمن للموظفين والشاحنات والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية لدى شركائنا إلى المناطق التي يكون الناس فيها في حاجة ماسة إلى الغذاء.

وأشار التقرير إلى أن برنامج الأغذية العالمي وصل إلى 1.7 مليون شخص داخل سوريا في دورة التوزيع في فبراير (شباط) الماضي، لافتا إلى أن البرنامج يحتاج إلى 19 مليون دولار أميركي أسبوعيا لدعم عملياته في سوريا، التي تهدف إلى إيصال الطعام إلى 2.5 مليون شخص داخل سوريا ونحو مليون لاجئ في البلدان المجاورة.