تقرير: مصر أكبر دول العالم تصدرا للاحتجاجات

حركة غاضبون تنظم 44 احتجاجا يوميا

TT

على غرار الحركات السياسية التي يضج بها المشهد السياسي في مصر؛ تظهر حركة أخرى عنوانها «غاضبون»، أعضاؤها غير منتمين سياسيا أو حزبيا، يخرجون للاحتجاج 44 مرة يوميا، بمعدل 1.8 احتجاج كل ساعة، وفق تقرير غير رسمي، بما يجعل مصر أعلى دول العالم في معدلات الاحتجاج، في سابقة لم يعرفها الشارع المصري من قبل تاريخيا أو جغرافيا.

الحركة تعبر عن غضب ملايين المصريين في «اللحظة الراهنة»، حيث ينتشر أعضاؤها في «جغرافيا الاحتجاج» بين الميادين والشوارع، وفي المقاهي وفي وسائل المواصلات، وفي الفضاء الإلكتروني المنتفض دوما منذ الثورة.

«غاضبون» كثيرون يجذبهم الشارع للاحتجاج الفئوي أو اعتراضا على فشل سياسات الحكومة في توفير مطالبهم، مثل نقص الوقود، وارتفاع سعر أسطوانات الغاز، والشكوى المتكررة من انقطاع الكهرباء، وتردي الأوضاع الوظيفية وانتهاك حقوق العمال، والفساد والمحسوبية، وغياب الأمن وانتشار البلطجة، والتنديد بانتهاكات الداخلية والعنف ضد المتظاهرين، إلى جانب الاحتجاج على السلطة الحاكمة والمطالبة برحيلها وإقالة مسؤولين.

فبينما حركت الحكومة المصرية أول من أمس سعر أسطوانات الغاز من 4 جنيهات إلى 8 جنيهات، كان ذلك كفيل بإشعال الغضب بين موزعي الأسطوانات الذين قرروا التوقف عن تسلم حصصهم من المصانع، بينما خرج بعضهم برفقة مواطنين للاعتصام وإغلاق الشوارع والتهديد بالتصعيد.

وهو ما دعا ربة منزل للقول باستياء: «هذا الارتفاع في سعر الأسطوانات سوف يتسبب في أزمة محققة لنا، لأنه سوف يتسبب في استغلال تجار السوق السوداء والبلطجية للأزمة ويرفعون سعر الأسطوانة إلى 50 جنيها أو أكثر.. فأين لنا بهذه الأموال؟».

مشاهد غضب مماثلة يمكن لمسها في محطات الوقود، فبينما تأخذ سيارة أجرة مكانها وسط طوابير السيارات المتكدسة بحثا عن السولار، يقول سائقها الأربعيني محمود بغضب: «أنتظر ساعات طويلة لملء سيارتي بالوقود، وكثير من المحطات تغلق أبوابها أمام السائقين وأصحاب السيارات لعدم توافر السولار، ورغم ذلك الوضع الذي لا يطاق يشير المسؤولون في تصريحاتهم الوردية إلى وجود فائض به». محمود، كان أحد المحتجين مع زملائه قبل أيام عندما قطعوا عددا من المحاور والطرق الرئيسية بالقاهرة، للمطالبة بتوفير السولار والبنزين. مبررا ذلك بقوله: «صبرنا نفد».

«غاضبون» آخرون يمكن ملاحظتهم وهم ينتشرون بين المحافظات المختلفة، فقبل أيام قام مواطن سيناوي باللطم على وجهه بمجلس الشورى اعتراضا على حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد وما يتعرض له يوميا من وقائع شروع في قتل. أما غاضب آخر بصعيد البلاد فأغلق فمه بقفل حديدي بعدما مرره عبر شفتيه اعتراضا على إزالة «كشك» كان يمتلكه. بينما تكررت في قرى الدلتا واقعة القصاص من البلطجية عبر تعليقهم على أعمدة الإنارة.

ويشير تقرير صدر قبل يومين عن المركز التنموي الدولي (مؤسسة أهلية) إلى حالة الغضب التي تمر بها مصر، برصده 1354 احتجاجا خلال شهر مارس (آذار) الماضي، في سابقة لم يحققها الشارع المصري حتى في فجر ثورة 25 يناير. ويرصد التقرير ارتفاع حدة العنف الاحتجاجي، مثل قطع الطريق وغلق أقسام الشرطة وغلق الهيئات والمصالح وتحطيم المنشآت وإضرام النار فيها.

حركة «غاضبون» يشير إليها التقرير ذاته برصده وجود أكثر من 40 فئة من فئات الشارع المصري المتنوعة تخرج للاحتجاج يتصدرهم المواطن غير المنتمي سياسيا. إلى جانب دخول فئات جديدة، حيث علت مطالب العاملين بالقطاع الأمني خريطة احتجاجات الشهر الفائت، كما يظهر الإعلاميون دفعا عن حرية الإعلام ورفض الاعتداء المستمر على الإعلاميين والصحافيين وتورط السلطة في قمع الحريات وأولها حرية الرأي والتعبير.

وأمام هذه المشاهد، وارتفاع سقف الاحتجاج الفئوي، يعيش المواطنون «الغاضبون» على أمل درء أسباب الغضب، ويترقبون ما سوف يتحقق من وعود إصلاحية يرددها الرئيس محمد مرسي وحكومته. بيد أن التقرير السابق يتوقع المزيد من الاحتجاج والمزيد من العنف خاصة وسط مطالب وانتهاكات يشهدا الشارع.