الهباش: اتفاق المقدسات لا يحمل أي مضامين سياسية ويؤكد اتفاق فك الارتباط

مصدر يقول إن التوقيع كان بطلب أردني

TT

نادرا ما تصل طائرة أردنية خاصة إلى مقر الرئاسة الفلسطينية إلا إذا كانت تقل العاهل الأردني أو أي مسؤول أردني كبير. ولكن، أول من أمس، حطت طائرة أردنية على مهبط مقر الرئاسة في رام الله، وكان الهدف نقل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إلى عمان ثم إعادته إلى رام الله بعد إنجاز المهمة التي نقل من أجلها. حصل ذلك من قبل مرة واحدة عندما هدد الرئيس بحل السلطة، فوصلت طائرة عسكرية أردنية على عجل من أجل مباحثات مصيرية.

وكانت الخطوة الأردنية هذه مرتبطة بتوقيع اتفاق يفوض الأردن في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس الشرقية المحتلة، التي تنادي بها السلطة عاصمة للدولة الفلسطينية. وأثارت هذه «العجالة» في التوقيع، تساؤلات شتى حول أهمية هذا الاتفاق وتوقيته وتبعاته القانونية والسياسية، خصوصا بعد حصول فلسطين على دولة غير عضو في الأمم المتحدة، ولأنها تحول اتفاقا شفويا سابقا إلى اتفاق مكتوب للمرة الأولى.

وقال وزير الأوقاف الفلسطيني، محمود الهباش، إن الاتفاق كان دينيا صرفا ولا يحمل أي إبعاد سياسية مطلقا، داعيا إلى عدم تحميل الأمور أكثر ما تحتمل.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاق أكد شيئا كان قائما منذ سنوات. منذ عام 1967 منذ احتلت إسرائيل القدس، احتفظ الأردن بمسؤوليته عن الأوقاف الإسلامية والمقدسات، وعندما (قرر الملك الراحل الحسين بن طلال) فك الارتباط (في عام 1988)، ظل (هذا الأمر) قائما، وبموافقة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثل الشعب الفلسطيني، والاتفاق اليوم يؤكد ذات المضامين وذات الإبعاد. لم تغير شيئا ولم تضف شيئا جديدا».

وحول أسباب وضعها بشكل مكتوب وتوقيعها على نحو مفاجئ ومتسرع ودون إعلان مسبق، قال الهباش: «إن الاتفاق كتب من أجل تشكيل غطاء قانوني للطرفين وحتى يتمكن الطرفان من التحرك معا، وبشكل مشترك، لحماية القدس عبر المؤسسات الدولية». وحسب الهباش، فإنها بالتالي مقدمة لتحرك أردني - فلسطيني على مستوى أعلى لحماية المقدسات في القدس.

وردا على سؤال لماذا الآن بعدما تحولت فلسطين إلى دولة قادرة على التحرك، أوضح الهباش: «للأردن وضع مختلف، نحن لا نتحرك في ظروف طبيعية مواتية، صحيح الدولة اعترف بها العالم، لكنها لم تتجسد على الأرض، ولا نريد أن نعطي ذرائع للاحتلال بالتنكر للحق الفلسطيني مثلما يتنكر للدولة». وتابع القول: «الاتفاقية أكدت أمرا مهما جدا، (وهو) أن السيادة فلسطينية على كل إقليم الدولة، بما يشمل القدس والمقدسات».

ولم يجد الهباش تناقضا بين «مبايعة» الملك الأردني مجددا على المقدسات والقول إن السيادة فلسطينية كذلك، وقال: «الاتفاق ضمنيا يؤكد روح ما اتفق عليه عام 1988 باستمرار الإشراف الأردني على القدس، حتى تحرير فلسطين وإقامة دولة فلسطين لترد هذه الأمانة إلى الدولة الفلسطينية».

وجرت مراسم الاتفاق الذي وقع عليه الهباش ووزير الأوقاف الأردني محمد نوح القضاة في قصر الحمر، يوم الأحد بعدما غادر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عمان إلى رام الله على متن نفس الطائرة التي أقلته إلى عمان.

وأثار ذلك «الاستعجال» جدلا في الشارع الفلسطيني، لكن الهباش قال إن الاتفاق كان مسبقا وليس مستعجلا وإن الطائرة كانت مجرد وسيلة نقل.

وأضاف أن «الأمور مرتبة مسبقا، وكنا بين خيارين الجو أو البر فاخترنا الجو».

ووقع اتفاق الدفاع عن القدس والمقدسات بين «جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس»، و«فخامة الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية». وجاء فيه أنه «بناء على دور الشريف الحسين بن علي في حماية ورعاية الأماكن المقدسة في القدس وإعمارها منذ عام 1924. واستمرار هذا الدور بشكل متصل في ملك المملكة الأردنية الهاشمية من سلالة الشريف الحسين بن علي حتى اليوم، وذلك انطلاقا من البيعة التي بموجبها انعقدت الوصاية على الأماكن المقدسة للشريف الحسين بن علي، التي تأكدت بمبايعته في 11 مارس (آذار) سنة 1924 من قبل أهل القدس وفلسطين، وقد آلت الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين؛ بما في ذلك بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية التي تخضع للقانون الأردني رقم 27 لسنة 1958».

وأفاد الاتفاق بـ«إن رعاية ملك المملكة الأردنية الهاشمية المستمرة للأماكن المقدسة في القدس، تجعله أقدر على العمل للدفاع عن المقدسات الإسلامية وصيانة المسجد الأقصى». وأكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والقانوني الوحيد للشعب الفلسطيني، وكذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وأن ذلك يتجسد في إقامة دولة فلسطين التي يشمل إقليمها الأرض الواقع فيها المسجد الأقصى المبارك (الحرم القدسي الشريف).

وقال أبو مازن، أمس، إن اتفاق حماية المقدسات مع الأردن، تكفل بالتنسيق المشترك بين الجانبين دون المساس بالسيادة الفلسطينية. وأضاف خلال قيامه بزرع أشجار زيتون بمناسبة ذكرى يوم الأرض الفلسطينية: «منذ عام 1988، اتفقنا على أن مسؤولية الأوقاف الإسلامية تتبع الأردن، وهي في الأصل كذلك، وإن الأردن سيستمر في تحمل مسؤولياته وهو مستمر في ذلك إلى الآن، والسيادة لنا على كامل الأرض الفلسطينية، وهذا لا نقاش فيه».

وكان أبو مازن نفسه هو الذي وقع اتفاقية فك الارتباط مع الأردن في عام 1988، وقال عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، لـ«الشرق الأوسط»، إن أبو مازن أعاد تأكيد مضامين هذا الاتفاق بطلب من الأردن.

والتزمت إسرائيل وحماس وفصائل فلسطينية الصمت تجاه الاتفاق. ولم تعقب الفصائل، بما فيها حماس، على الاتفاق، رغم معارضتهم الدائمة لتحركات ومواقف أبو مازن. وتسعى حماس للتقارب مع الأردن بعد خلافات استمرت سنوات. ويعتقد أن الحرص على عدم تخريب العلاقات مع الأردن كان سببا في عدم انتقاد الاتفاقية من قبل حماس أو غيرها من الفصائل.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا على علم مسبق بالاتفاق.