مصادر عراقية: تنسيق بين «القاعدة» في العراق و«جبهة النصرة» في سوريا

مسؤولان أكدا أن التنظيمين يتشاركان في معسكرات تدريب بمنطقة الجزيرة الحدودية

TT

تعرضت الحافلات التي كانت تقل الجنود السوريين الجرحى العائدين إلى بلادهم من العراق، لهجوم شنه متطرفون بالقرب من مدينة عكاشات الحدودية. واعتبر مسؤولو الاستخبارات في المنطقة هجوم الرابع من مارس (آذار)، الذي راح ضحيته 48 جنديا، دليلا على التحالف المتنامي بين الجماعات المتطرفة في كلا البلدين: «القاعدة» في العراق و«جبهة النصرة» في سوريا، حيث تعتبر الأخيرة القوة الأكثر كفاءة في القتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وصنفتها الولايات المتحدة «منظمة إرهابية».

ويقول مسؤولون في الاستخبارات العراقية، إن التعاون الجديد قد يسهم في عودة التمرد في بلادهم. وأشاروا في تصريحات لوكالة «أسوشييتد برس» إلى وقوع نحو 20 عملية إرهابية ما بين تفجير سيارات مفخخة وهجمات انتحارية، عشية الذكرى العاشرة للغزو الأميركي للعراق الشهر الماضي، أسفرت عن مقتل 65 شخصا، غالبيتهم في بغداد.

ويعمل هذا التحالف على رعاية «جبهة النصرة» التي برزت كأحد فروع «القاعدة» في منتصف عام 2012 لقتال نظام الأسد ضمن عدة جماعات مسلحة في سوريا. وأشار اثنان من مسؤولي الاستخبارات العراقية، طلبا عدم ذكر اسميهما، إلى أن التعاون الذي انعكس في الهجوم على الجنود السوريين الجرحى دفع حكومتهم إلى مطالبة الحكومة الأميركية بشن غارات بطائرات من دون طيار ضد المقاتلين. وأكد مسؤول أميركي الطلب العراقي، لكنه أوضح أن الولايات المتحدة أجلت الرد حتى تتقدم القيادة العراقية بطلب رسمي، وهو ما لم يحدث بعد.

ولم يجد العراق مصدرا آخر للمساعدة، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، اللواء محمد العسكري، إن بغداد طلبت في صفقة السلاح التي أبرمتها مؤخرا مع روسيا طائرات وأسلحة ثقيلة للسيطرة على منطقة الحدود السورية - العراقية، حيث تنتشر المجموعات المسلحة.

وأوضح المسؤولان في الاستخبارات العراقية أن المجموعات المسلحة تتشارك في معسكرات التدريب والمعدات اللوجيستية والمعلومات الاستخباراتية والأسلحة، حيث تعاظمت قوتهم حول المنطقة الحدودية السورية - العراقية، وبشكل خاص تلك المنطقة الواسعة التي يطلق عليها «الجزيرة»، التي يحاولون تحويلها إلى ملاذ حدودي يمكنهم الاستفادة منه، واستغلالها كقاعدة عمليات على جانبي الحدود.

وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي: «نبدي قلقا بالغا إزاء الموقف الأمني في العراق»، مشيرا إلى أن القوات البرية العراقية والقوات الجوية المحدودة لم تتمكنا من القضاء على الجماعات المسلحة في المنطقة الحدودية. وأضاف: «تحولت المنطقة إلى ملاذ للخلايا الإرهابية».

بدوره، قال مسؤول أردني يعمل في مكافحة الإرهاب إن تنظيم القاعدة في العراق يساعد «جبهة النصرة» بكل الوسائل الممكنة من أسلحة ومقاتلين وتدريب.

ويقول أحد المحللين الأمنيين في منطقة الشرق الأوسط، إن الهجوم على الجنود السوريين الجرحى في العراق يبرز كدليل واضح على التعاون، وقال المحلل الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية القضية: «هذا تعاون عملياتي، ونقل للأسلحة والخطط والأفكار، وما يسمونه الهجمات الانتحارية المعقدة».

وتزايد التعاون مع «القاعدة» عندما سيطرت «جبهة النصرة» على معبرين حدوديين بين سوريا والعراق وتحرير منطقة يمكن للمقاتلين العمل فيها، بحسب مسؤولين في الاستخبارات العراقية. وكان الثوار السوريون قد استولوا على معبر ربيعة - اليعربية في مارس ومعبر القائم في سبتمبر (أيلول)، بحسب تقرير حول «جبهة النصرة» أجرته مؤسسة كويليام. ولا يزال معبر وليد - التنف، الواقع على الحدود السورية - الأردنية - العراقية خاضعا لسيطرة القوات السورية.

وقد أكد الموسوي وجاسم الحلبوسي عضو المجلس المحلي في محافظة الأنبار العراقية، أن المجموعتين كانتا تستخدمان «أوكارا» في المنطقة. وقال مسؤول مكافحة الإرهاب الأردني، طالبا عدم ذكر اسمه، إن «القاعدة» في العراق تقدم الخبرة والمساعدات اللوجيستية إلى «جبهة النصرة». وأضاف: «يتعلم مقاتلو (جبهة النصرة) خلال التدريبات كيفية إطلاق الصواريخ، واستخدام الأسلحة الآلية، والمناورات في المناطق الصحراوية، وتقديم إمدادات الأسلحة إلى المقاتلين في الميدان». وقال: «إن التدريب يجري في معسكرات مؤقتة بمناطق وعرة على الحدود السورية - العراقية»، وبعد انتهاء التدريبات عادة ما يتم تفكيك المعسكر حتى لا يتركوا آثارا خلفهم.

وبحسب مسؤولين عراقيين، فإن «جبهة النصرة» تساعد، بدورها، «القاعدة» في التوسع في غرب العراق وشن هجمات واسعة النطاق.