السلطات المصرية تلاحق مزيدا من الإعلاميين وواشنطن تبدي قلقها

بلاغات جديدة ضد باسم يوسف.. وحزب الإخوان ينتقد تدخل الإدارة الأميركية.. و«الرئاسة» تنفي علاقتها بالاستدعاءات

TT

واصلت السلطات المصرية ملاحقة مزيد من الإعلاميين، بينما ازداد عدد البلاغات المقدمة ضد الإعلامي الساخر باسم يوسف. وفي أقل من 24 ساعة، انتقد اثنان من كبار المسؤولين الأميركيين سياسات القاهرة تجاه الحريات، وقال جون كيري، وزير الخارجية، إن لدى الرئيس باراك أوباما قلقا فعليا حيال المسار الذي تسلكه مصر، وذلك بعد ساعات قليلة من انتقادات مماثلة وجهتها المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند.

وردت الرئاسة المصرية، بشكل غير مباشر، على الانتقادات الأميركية، قائلة إن مصر «دولة قانون وتتمتع باستقلالية القضاء، وبالتالي فإن استدعاء النيابة لأي مواطن مصري بغض النظر عن صفته وشهرته - هو قرار من صميم اختصاص النائب العام الذي يعمل بشكل مستقل ومن دون أي تدخل من رئاسة الجمهورية»، بينما وجه حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي، هجوما شديد اللهجة على الانتقادات الأميركية.

وقرر النائب العام المصري، طلعت عبد الله، إحالة بلاغات جديدة ضد إعلاميين، من بينهم ألبرت شفيق رئيس مجلس إدارة قناة «أون تي في» الفضائية، وجابر القرموطي مقدم برنامج «مانشيت» على القناة نفسها، إلى المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، بعد اتهامهما من أحد المحامين بـ«تكدير السلم العام وإهانة القضاء». وفي هذه الأثناء، بدأ المستشار محمد خليفة، المحامي العام الأول ورئيس النيابة بالمكتب الفني للنائب العام، الاستماع لأقوال المونولوجست علاء قنديل، الذي ظهر في إحدى حلقات باسم يوسف على فضائية «سي بي سي»، في تهم منها ازدراء الإسلام.

إلى ذلك، قالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن يوسف يواجه بلاغات جديدة تستوجب التحقيق معه، بعد يومين من استجواب السلطات له بتهمة إهانة الإسلام ورئيس الدولة، حيث تم إخلاء سبيله بكفالة 15 ألف جنيه مصري (نحو 2200 دولار). ووفقا للمصادر نفسها، قررت النيابة النظر في شكاوى جديدة تتهم يوسف بـ«تعكير الصفو العام»، قائلا إن الشكوى الجديدة تتهم يوسف بـ«العمل ضد الدين الإسلامي» وبـ«التحريض على إشعال الفتنة والترويج لإحداث حرب أهلية بين المصريين». وتحدثت وسائل إعلام رسمية عن أن الحكومة هددت بإلغاء ترخيص قناة «سي بي سي». وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة وجهت إنذارا إلى القناة بإلغاء ترخيصها، لأن البرنامج الذي يقدمه يوسف أخل بضوابط العمل داخل المنطقة الإعلامية الحرة التي تعمل بها القناة وقنوات أخرى. ونقلت الوكالة عن الهيئة قولها إن «برنامج (البرنامج) الذي يقدمه يوسف يتضمن إسفافا وتطاولا وتلميحات جنسية وألفاظا نابية». وتقول إدارة القناة إنها حريصة على الالتزام بالقانون ومواثيق الشرف الإعلامي وشروط التراخيص في كل ما تبثه. يأتي هذا في وقت أعلن فيه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن لدى الرئيس باراك أوباما والإدارة الأميركية «قلقا فعليا حيال المسار الذي تسلكه مصر»، و«نحن في إدارة أوباما نتشارك قلقا فعليا حيال المسار الذي تسلكه مصر كما يبدو»، مضيفا في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكوري الجنوبي يون بيونغ - سي: «نأمل أن يكون الوقت ما زال متاحا لتغيير المسار. ولكن الاعتقالات الأخيرة وأعمال العنف في الشوارع، وواقع أن المعارضة ليست مشمولة (بالعملية السياسية)، كل هذا يشكل مبعث قلق». وجاء تعليق كيري بعد ساعات من قول فيكتوريا نولاند إن التحقيق مع باسم يوسف وأوامر بإلقاء القبض على ناشطين سياسيين، يمثل دليلا على «اتجاه مقلق من تزايد القيود المفروضة على حرية التعبير في مصر». وقالت نولاند: «لدينا قلق من أن يتم خنق حرية التعبير». ومن جانبها، قالت مؤسسة الرئاسة المصرية في أعقاب الانتقادات الأميركية، إن الرئاسة تود التذكير بأن «مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أصبحت دولة قانون وتتمتع باستقلالية القضاء، وبالتالي فإن استدعاء النيابة لأي مواطن مصري بغض النظر عن صفته وشهرته هو قرار من صميم اختصاص النائب العام الذي يعمل بشكل مستقل ومن دون أي تدخل من رئاسة الجمهورية».

وأضافت الرئاسة المصرية موضحة أنها «لم تتقدم بأي بلاغ ضد الإعلامي باسم يوسف أو أي شخص آخر، وأن النظام القانوني في مصر يتيح لأي شخص التقدم ببلاغ للنائب العام». ومن جانبه، استنكر حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، تصريحات نولاند، وقال بيان للحزب إن «تلك الجرأة الشديدة، وذلك الاستعجال غير المتحفظ، اللذين يعتريان تصريحات المتحدثة الأميركية، وإقدامها على التدخل السافر في الشأن الداخلي المصري بخصوص قضية لا تزال قيد التحقيق ويتم التعامل القانوني معها بالوسائل القانونية الشرعية - ليثير علامات استفهام كبيرة عن توجهات الإدارة الأميركية».