عقبات تحول دون تقدم «الحر» شمالا في درعا

الأسلحة تتدفق لتحويلها إلى منطقة آمنة

TT

في تطور ميداني جديد على الجبهة الجنوبية، تمكنت الكتيبة «49» التابعة للجيش النظامي في محافظة درعا من كسر الحصار المفروض عليها من قبل الجيش السوري الحر منذ 9 أيام والانسحاب بكامل العتاد، ودونما أي خسائر، نحو اللواء 12 الواقع بمدينة ازرع.

وتدلل حادثة «إعادة التموضع» للكتيبة على مدى التضخيم الإعلامي الذي يرافق العمليات القتالية في جبهة الجنوب؛ إذ اعتبرت وسائل الإعلام «الانسحاب» وكأنه «نصر»، بينما ذهبت وسائل أخرى لاعتبار «إعادة التموضع» «مقدمة للوصول إلى دمشق»، مع العلم بأن ازرع تبعد عن دمشق بأكثر من 80 كيلومترا.

ويصاحب إعلان الانتصارات على الجبهة الجنوبية حديث متكرر عن أسلحة نوعية، من دول عربية وبرضا أميركي، بغية جعل المحافظة السورية منطقة عازلة يلجأ إليها المدنيون الفارون من العمليات القتالية والعسكريون المنشقون عن الجيش النظامي على حد سواء.

وفي حين رفض وزير الإعلام الأردني الإدلاء بأي تصريح حيال تدفق «الأسلحة النوعية» باتجاه درعا سعيا لجعلها منطقة آمنة، أكدت مصادر أردنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن قوات أميركية وأردنية وبمشاركة بريطانية وفرنسية تقوم حاليا بتدريب سوريين أنهوا خدمتهم العسكرية الإلزامية بهدف الزج بهم في معارك الجبهة الجنوبية.

وأضافت المصادر التي اشترطت عدم ذكر اسمها أن التركيز ينصب على عناصر من ذوي الثقل العشائري في منطقة الجنوب من أجل المساعدة في السيطرة على مساحات كبيرة من المناطق المحاذية للحدود السورية - الأردنية التي يصل طولها إلى 370 كيلومترا.

وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في عددها الصادر أمس أن وتيرة تدريب السوريين، الذي بدء العمل به منتصف العام الماضي، بدأت تتسارع بعد المكاسب التي يحققها الجيش الحر في الجنوب، بما في ذلك «الاستحواذ على مساحات بالقرب من مرتفعات الجولان».

وعلى الرغم من أن الجدول الزمني لاستكمال فترة التدريب كان يقتضي بتخرج أول دفعة، التي قالت الصحيفة إنها ستكون 3000 ضابط، في نهاية يونيو (حزيران) المقبل، فإن الرغبة في إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية لتصبح ملاذا آمنا لآلاف المنشقين عن الجيش والمدنيين، سرعت من وتيرة هذه العملية.

وتبدو محاولة تحويل درعا من ساحة للصراع بين القوات الموالية للأسد والقوات المعارضة له إلى منطقة آمنة يعود إليها نحو نصف مليون سوري لاجئ إلى الأردن، أمرا غير واقعي في الوقت الراهن، وذلك استنادا إلى المعطيات العسكرية الواردة من ضباط الجيش الحر في المحافظة.

ويقول الناشط الميداني قيصر حبيب إن «الجيش الحر بات يسيطر على شريط حدودي يمتد بطول 40 كيلومترا وبعمق 10 - 25 كيلومترا ابتداء من بلدة جلين شرقا وصولا إلى منطقة عابدين غربا»، ويضيف الناشط أن «السيطرة تعني غياب عناصر الجيش النظامي واستحواذ (الحر) على المخافر الحدودية». ويؤكد الناشط أن «مفتاح التحرير لمنطقة وادي اليرموك، وهو الفاصل الطبيعي بين الأردن وسوريا، كان يوم اقتحام لواء (المعتز بالله) لسرية زيزون، الواقعة في منتصف الشريط الحدودي».

واستنادا إلى معلومات أدلى بها الضباط لـ«الشرق الأوسط»، تنقسم المحافظة، عسكريا، إلى أربع مناطق: شرقية وغربية ووسطى وشمالية.

يتمدد الجيش الحر في المنطقة الغربية ويسعى للتواصل مع المناطق المحررة في محافظة القنيطرة، خصوصا في ظل وجود «خط إمداد للسلاح» في وادي اليرموك، التي تشمل قرى مثل عقربا وعمراوة وقراقوش، على الطرف الأردني، وجملة والشجرة والعلان والسامرية، على الطرف السوري.

أما المنطقة الوسطى، التي يقع فيها مركز المدينة، فيشير حبيب إلى أن المعارك تدور حاليا في حي الكرك، المشرف على اللواء «132» ويتبع تلفرقة «5»، أما أكبر تجمع للنظام فيقع في محيط موقع البانوراما وكتيبة المدفعية «285»، الكتيبة المسؤولة عن قصف مدن داعل ونوى ودرعا البلد والنعيمة وأم المآذن وصيدا وتل شهاب.

وفي المنطقة الشرقية، يعدد حبيب القطع العسكرية التي لا تزال تحت سيطرة النظام، فيقول إنها «اللواء 12 بالقرب من بلدة رخم، واللواء 52 جنب مدينة الحراك، وتم سحب حواجز المدينة، والفوج 175 في ازرع».

واعتمادا على هذه المعطيات، يبدو الطريق نحو الشمال أصعب مما يبدو عليه إعلاميا خصوصا في ظل انعدام الحراك الثوري في بعض المناطق الشمالية كمدينة نوى التي يسيطر عليها النظام بشكل كامل. وبالإضافة إلى ذلك، يشكو بعض ضباط الجيش الحر في المحافظة من أن الولاءات لم تعد لسوريا أو الثورة الهادفة إلى إسقاط الأسد، وإنما إلى الظهور الإعلامي ومحاولة كسب ود بعض الدول الممولة، مستدلين على ذلك بأن أول راجمة صواريخ دخلت إلى درعا عن طريق الأردن لم يتم إشراكها في أية عملية إلا بعد تأمين تغطية إعلامية ضخمة لها.

من جانبها، أكدت المصادر الأردنية التي تحدثت معها «الشرق الأوسط» أن «350 طنا من قاذفات الصواريخ والرشاشات الآلية والذخائر قد تم شحنها من دولة خليجية عبر الأردن إلى سوريا، منها شحنتان نقلتا جوا إلى تركيا الأسبوع الماضي».

على صعيد متصل، تسلمت القوات الأردنية من نظيرتها الأميركية معدات تكنولوجية للسيطرة على الحدود الأردنية - السورية. وقال بيان لقيادة الجيش إنه تم إطلاق مبادرة أمن الحدود منذ مدة تم خلالها إنجاز المرحلة الأولى على الحدود الشمالية من خلال نظام متطور جدا يلبي متطلبات المرحلة ويساهم بشكل كبير في تأمين أمن وسلامة الحدود، حيث لعبت هذه المرحلة دورا بارزا في اكتشاف حالات التسلل ومنع التهريب والنقل غير المشروع وإنقاذ حياة آلاف اللاجئين السوريين من خلال توجيه قوات حرس الحدود إلى مواقع وجودهم على الحدود التي تمتد لأكثر من 370 كلم، وتقديم الخدمات الإنسانية والصحية لهم.

وحسب البيان الذي صدر أمس عن قيادة الجيش، فقد بين رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول الركن مشعل محمد الزبن خلال إطلاق المرحلة الثانية من مبادرة أمن الحدود المشتركة في مقر هيئة الاتصالات الخاصة التي تمولها الولايات المتحدة الأميركية، أن هذه المبادرة تشكل نقلة نوعية ومتقدمة في أمن الحدود وسلامتها وأنها ستسهم بشكل فاعل في الحد من عمليات التسلل والتهريب، حيث ستشمل هذه المرحلة تركيب كاميرات إضافية ورادارات وأجهزة استشعار لدعم وتعزيز قدرات نظام أمن الحدود على طول الحدود الأردنية - السورية.