شاليط يعترف في التحقيق معه: خطفوني بسبب إهمالي

التحقيقات أفقدته المكانة الرفيعة التي حظي بها

TT

دل كشف بعض مواد التحقيق في الجيش الإسرائيلي، على أن الجندي جلعاد شاليط الذي أسرته حركة حماس سنة 2006، وأطلق سراحه قبل سنة ونصف السنة، اعترف بأن إهماله التعليمات وحرصه على حياته هما اللذان تسببا في خطفه بسهولة إلى قطاع غزة.

وقال الصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت، إن وقائع التحقيق العسكري الذي خضع له الجندي جلعاد شاليط بعدما أطلقت حماس سراحه واستعاد حريته، كشفت عن «أخطاء كثيرة كانت لو تجنبها كافية لنجاته من الأسر» وإن أخطاء شاليط أسهمت بشكل كبير وقوعه في الأسر، من دون التطرق للتخطيط المحكم للعملية والجدية والصرامة العسكرية التي تمتع بها الخاطفون». وإن هذه التحقيقات وضعت «اتهامات قاسية ولاذعة لشاليط، تفقده المكانة الرفيعة التي حظي بها كابن للجميع، فلم يعد «رمزا وطنيا لإسرائيل».

وقد انفرد بن كاسبيت بالاطلاع على ملف التحقيق فنشر تقريرا حوله في صحيفة «جيروزاليم بوست»، التي تصدر في القدس الغربية باللغة الإنجليزية، استهله بالقول إنه ينأى بنفسه عن إصدار الإحكام تجاه سلوك «ابن الجميع»، لكنه لا يستطيع إلا أن يلخص ما قرأه بالقول إن شاليط ارتكب أخطاء لا ترحم خلال عملية اختطافه. وإنه اعترف بذلك بكل وضوح خلال التحقيق الذي خضع له، فقال إنه «يعرف أنه لم يقم بواجبه كجندي ولا بالحد الأدنى المطلوب لتجنب الأسر».

وحسب رواية بن كاسبيت، فإن شاليط كان غارقا بالنوم عند العملية، في 25 يونيو (حزيران) من سنة 2006. ففي الساعة الرابعة و35 دقيقة من فجر ذلك اليوم، غلب النعاس شاليط فنام داخل دبابته في حين كان واجبه يفرض عليه أن يظل مستيقظا، خصوصا أن المخابرات الداخلية «شين بيت» كانت حذرته قبل ذلك وخلال اجتماع من احتمال تسلل مقاتلين من حماس لاختطاف جنود. واعترف شاليط، حسب بن كاسبيت، بذلك قائلا: «لم أكن أصغي، كان القائد الذي أثق به هو الذي يصغي لهذه التحذيرات». وحين تعرضت دبابته «ميركافا 3» لصاروخ فلسطيني نهض جلعاد شاليط مرعوبا من نومه. وسلاحه الفردي كان مركونا إلى جانبه، ولم يكن يرتدي خوذته ولا سترته المضادة للرصاص. وبعد ثوان قليلة على الانفجار انتبه شاليط إلى أن شريكيه في الدبابة، الضابط حنان باراك والرقيب بافل سليتزكر، (اللذين قتلا في الكمين)، يخرجان بسرعة من الدبابة وبدلا من الالتحاق بهما، فاجأه الحدث وشله. ففضل البقاء في الآلية. وقد أنقذ هذا القرار حياته. وكما قال في التحقيق: «الخارج كان خطرا والداخل كان محميا».

وبحسب كاسبيت كان بوسع الجندي الشاب فتح النار، حتى من دون الاضطرار إلى تعريض نفسه للخطر، فقط كصفارة إنذار وطلبا للنجدة من القوات المتمركزة عل مسافة 200 متر من دبابته. ولكنه بدلا من ذلك وبعد أن فهم أن رفيقيه قتلا وسمع صوت ارتطام جسديهما بالأرض على مقربة من «ميركافا»، أخذ في «الصلاة لينتهي كل شيء بسرعة». فمن الخارج ألقى المقاتلان الفلسطينيان قنابل يدوية في برج الدبابة، لم تصب شظاياها شاليط إلا بجروح طفيفة، فاستبد به الهلع وانتظر دقائق قليلة حتى تبدد دخان القنابل ليقرر الخروج من مخبئه من دون سلاحه. ويضيف بن كاسبيت: «فقط لو امتشق جلعاد شاليط رشاشه وراقب مهاجمه وهو يتسلق آليته وأطلق النار عليه لكان بوسعه قتله بسهولة أو لكان المهاجم الفلسطيني الثاني انسحب إلى الخلف. لكنه لم يفعل وتحول إلى أسير من دون أن يقاوم ومن دون أن يستعمل أي سلاح من الأسلحة الكثيرة التي بحوزته في الدبابة والتي تمنحه «تفوقا عاليا على مهاجميه».

ويضيف بن كاسبيت، أن شاليط بعد أسره بدا متعاونا مع خاطفيه اللذين توجها بسرعة نحو المعبر الذي يفصلهما عن قطاع غزة. وبدلا من أن يعيق سرعتهما لكسب دقائق ثمينة تصل خلالها تعزيزات إسرائيلية بدأ ببساطة «يركض معهما صوب المعبر.. وقد طلب منه المهاجمان حث الخطى وقد استعجل في تنفيذ ما طلباه منه». وهكذا بدأ أسره الذي دام 1941 يوما.

ويشكك كاسبيت في مؤهلات شاليط، فيقول: «ربما لم يكن من المناسب ضم شاليط إلى وحدة مدرعات فمن المحتمل أنه لم يكن ببساطة مؤهلا لذلك. فحين أصيبت دبابته صدم شاليط وفقد كل قدرة على الحركة. وانجلت نقاط ضعفه كشاب عاطفي وضعيف». ويختم مقالته: «لا توجد بطولة في هذه القصة، فهي قصة إنسانية حزينة ومؤثرة في نفس الوقت».