اتفاق بين التحالفين الشيعي والكردي في العراق على الحد من تدهور العلاقات

الجدل حول تنفيذ عمليات إعدام يؤجل إعلان أسماء وفد متظاهري الأنبار مع الحكومة

TT

بعد تصاعد حدة الخلافات بين الساسة العراقيين قبل أيام من إجراء انتخابات مجالس المحافظات العراقية، تسير جهود على أصعدة عدة لتهدئة التوتر.

وأعلن وفد التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان العراقي) أنه تم الاتفاق مع القيادة الكردية في أربيل على تشكيل لجنة مشتركة بين الجانبين لاستكمال الحوار الذي بدا بينهما إثر الزيارة التي قام بها إلى إقليم كردستان وفد رفيع المستوى من التحالف الوطني. وشارك في الوفد المقبل من بغداد كل من خالد العطية رئيس الكتلة النيابية لائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، وهادي العامري رئيس منظمة بدر ووزير النقل وطارق نجم عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة للتباحث مع القيادة الكردية حول تحسين العلاقات بين البلدين بعد الأزمة السياسية التي شبه عطلت عمل الحكومة.

وقال بيان صادر عن مكتب رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري إن «الجعفري بحث مع الوفد المبعوث إلى إقليم كردستان برئاسة خالد العطية نتائج الحوارات مع رئيس الإقليم مسعود بارزاني وقادة القوى الكردستانية»، مبينا أن «أعضاء الوفد أكدوا أنّ الزيارة كانت إيجابية». وأضاف البيان أنه «جرى الاتفاق على ضرورة تشكيل لجنة مشتركة من التحالفين بهدف استكمال الحوار وفق الأسس الدستورية واستحضار الروح الإيجابية بما يخدم العملية السياسية».

من جهته قال رئيس الوفد العطية في مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه الجعفري، إنه «جرى خلال اللقاءات التأكيد على أهمية العلاقة التاريخية الاستراتيجية التي تجمع بين التحالف الوطني والإخوة في كردستان». وشدد العطية على «ضرورة تعزيز العلاقة بما يخدم مصلحة العملية السياسية وجميع مُكونات الشعب العراقي وتوثيق أواصر الأخوة والمحبّة بين جميع هذه المُكوِّنات»، موضحا أنه «جرى الاتفاق خلال هذه اللقاءات على مواصلة الحوار الصريح والجاد حول مختلف القضايا العالقة وإيجاد الحلول المناسبة لها». وأشار العطية إلى أن «جميع الذين حضروا هذه اللقاءات وفي مقدّمتهم رئيس الإقليم ومن جانبنا أيضا أكدوا على إيجاد الآليات الفعّالة لإنجاح هذا الحوار والخروج من خلاله بالنتائج المطلوبة لحل المشكلات كافة». ولفت إلى أن الغاية الأساسية من الزيارة «هي فتح باب الحوار، وكسر الجليد الذي أحاط بالعلاقة بين الطرفين». وتابع «انتهينا إلى هذه الرؤية والنتيجة، وهي إنَّ الحوار يجب أن يُستكمَل، ويستمر، ويجب أن تشكّل لجنة مشتركة من الطرفين تفتح الملفات جميعها، وقبل هذا تضع الأسس والمبادئ لحوار مُثمر ومُنتج في نهاية الأمر». وأوضح أنه «في طبيعة الحال جرى ضمنا استعراض الأوضاع السياسية، والظروف القلقة، والصعبة المُحيطة بالمنطقة، والاتفاق على أنَّ العراق يجب أن يخرج سليما ومعافى». ويأتي تشكيل هذا الوفد من التحالف الوطني عشية إعلان القيادة الكردية على أنها على وشك إرسال رسالة خاصة وصريحة إلى التحالف الوطني لبحث المشكلات العالقة بين الطرفين.

وانطلاقا من تركيبة الوفد الشيعي فإنه يضم قيادات لها علاقات قديمة مع الأكراد مثل خالد العطية الذي كان يشغل منصب النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي في الدورة البرلمانية الماضية ويرأس الآن كتلة دولة القانون في البرلمان وهادي العامري أمين عام منظمة بدر التي كانت جزءا من المجلس الأعلى الإسلامي وأعلنت قبل عام انشقاقها عنه ودخلت انتخابات المجالس المحلية مع دولة القانون. كما يضم الوفد طارق نجم عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي والذي شغل لسنوات مدير مكتب المالكي قبل أن يعزل من المكتب لأسباب قيل إنها مرضية في وقتها. والشخصيات الثلاث المكونة للوفد كلها قريبة من رئيس الوزراء المالكي حيث لم يمثل فيه الصدريون بزعامة مقتدى الصدر أو المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم. لكن عضو البرلمان العراقي عن كتلة الحكيم فرات الشرع أبلغ «الشرق الأوسط» أن «المؤشرات الأولية تشير إلى أن هذا الوفد يمكن أن يكون مختلفا عما سبقه من وفود نظرا لطبيعة المشكلات وضرورة التوصل إلى حلول لمعالجتها». وأضاف الشرع أن «من المهم الآن التوصل إلى نتائج وأن وفد التحالف الوطني مرضي عنه من قبل جميع أطراف التحالف وأنه ذهب إلى إقليم كردستان لكي يؤسس إلى خطوة صحيحة باتجاه الحل وهو ما يبدو أن كل الأطراف باتت تسعى إليه بقوة». وأوضح أن «هناك خلافات قديمة بين الطرفين تتعلق بقانون النفط والغاز والموازنة واتفاقية أربيل والشراكة وأن المهم الآن أن هذه الأمور يجب أن تخضع للحوار وفقا للدستور». من جهته قال المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي مؤيد الطيب لـ«الشرق الأوسط» إن «المباحثات التي أجريت في أربيل أولية وإن المتوقع أن تجتمع القيادة الكردية لتقرر الخطوة اللاحقة». وأضاف الطيب أن «الجو العام للمباحثات إيجابي ولكن هذا لم يعد كافيا لأن المطلوب هو بحث أسس الخلاف». وما إذا كان الدستور يشكل قاعدة للحل قال الطيب إن «المشكلة أن الجميع يعلنون تمسكهم بالدستور وإنهم يريدون حلا وفقا له وهو أمر لا يزال في حدود الكلام لأن الالتزام بالدستور يجب أن يكون واقعيا وليس لفظيا».

وبينما يسعى التحالف الوطني إلى تهدئة الأوضاع مع التحالف الكردستاني، تبقى هناك الأزمة مع المتظاهرين في عدة محافظات عراقية على رأسها الأنبار. وفي وقت أكد فيه عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون عزة الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة والتحالف الوطني بمجمله على وشك الانتهاء من أسماء الوفد الذي سيبدأ مفاوضاته مع متظاهري الأنبار» فإنه وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مقرب من لجان التنسيق الشعبية في الأنبار أن «هناك خلافات حاليا بشأن الصيغة والكيفية التي يجب أن يتم من خلالها التفاوض مع الحكومة». وأضاف المصدر أن «هناك أكثر من سبب لإرجاء إعلان الأسماء في المقدمة منها ما أثير مؤخرا بشأن قيام السلطات الحكومية بتنفيذ حملة إعدامات وهو أمر ترك آثارا سلبية على مدى جدية الحكومة في التعاطي مع مطالب المتظاهرين والأمر الآخر هناك خلافات بين أطراف داخل الساحة بشأن أسلوب التمثيل ومن يتصدى وسقف المطالب حيث إن هناك من يريد الوصول إلى نتائج بينما هناك من يريد المفاوضات لأجل المفاوضات لكي يقول إن الحكومة غير جادة». ولكن الشابندر وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أكد أن «التحالف الوطني وليس المالكي فقط كرئيس للوزراء من هذا التحالف جاد في أمر التفاوض لوجود قناعة أن هناك مطالب مشروعة لا بد أن تتم تلبيتها». وكشف الشابندر أن «التعجيل بالمفاوضات أمر مهم لأن هناك فرزا قد حصل بين نوعين من المتظاهرين وبموجب هذا الفرز فإن من سوف تلبى مطالبه سيعود إلى بيته وعمله من يبقى فإنه من جماعة القاعدة وأنصارها وهؤلاء لا يمكن أن يغادروا إلا بالقوة». ويذكر أن لجان التنسيق الشعبية في الرمادي والفلوجة أطلقت على مظاهرات الجمعة اليوم تسمية «لا نفاوض» في الفلوجة و«حملة الإعدام وحقيقة النظام» في الرمادي. وبينما نفى حسن السنيد القيادي البارز في ائتلاف دولة القانون ورئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية صدور أي أحكام بالإعدام أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك عدم مصداقية لدى السلطة فيما تقول وما تفعل». وكان السنيد قد أكد في مؤتمر صحافي أمس الخميس أن «القضاء أبلغنا أنه ليس هناك أي حكم بالإعدام صدر بناء على معلومات أو دلالة المخبر السري فقط، مؤكدا أن المخبر السري هو أمر دلالي ولا يصلح أساسا لإصدار الأحكام خاصة ما يتعلق منها بالإعدام».

وأضاف أن «تنفيذ القوانين والدستور أمر لا بد منه وعقوبة الإعدام جزء من القانون العراقي وأن الأحكام التي تصدر تعتمد على طبيعة سير الحكم من الاستئناف والتميز في أكثر من مرحلة وصولا إلى إصدار الحكم القطعي». لكن المطلك أكد أن «هناك من خرج على الفضائيات من رجال القضاء ومن السياسيين حتى من التحالف الوطني وأكدوا وجود حالات تعذيب وانتزاع اعترافات بالقوة وهي أمور باتت طبيعية عبر المعلومات التي يدلي بها المخبر السري». وأضاف المطلك أن «ما يقوله وزير العدل غير ما يقوله السنيد وبالتالي احترنا فيمن نصدق السنيد أم الوزير». وأوضح أن «هناك الكثير من الحالات التي تصنف على أنها إرهاب بينما هي ليست كذلك وأن هناك تناقضا في عمل المسؤولين الأمر الذي يجعل دائرة الشك تتسع وكل هذا على حساب المواطنين والأبرياء الذين يساقون إلى السجون»، مؤكدا «إننا لسنا ضد تنفيذ أحكام إعدام بحق المجرمين ولكنه في ظل عدم وجود مصداقية فمن يقول إن هذا مجرم وهذا بريء».