مصادر في الأزهر: مظاهرات «الإخوان» هدفها الضغط لتمرير «قانون الصكوك»

قالت لـ «الشرق الأوسط»: الجماعة تحشد للفوز برئاسة الجامعة وإسقاط رجال الطيب

TT

قال مصدر مسؤول بمشيخة الأزهر الشريف في مصر، إن «مظاهرات طلاب (الإخوان) في الحرم الجامعي الأزهري عقب حادثة التسمم الجماعي، جاءت للضغط على الأزهر من أجل تمرير قانون الصكوك الذي تنظره هيئة كبار العلماء حاليا»، مضيفا أن «جماعة الإخوان المسلمين تمارس ضغوطا، بشكل مباشر، على الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، للموافقة على مشروع القانون الذي أحاله الرئيس محمد مرسي إلى هيئة كبار العلماء، وفق نص الدستور المصري، لإبداء الرأي الشرعي في بنوده، على غير رضا مجلس الشورى (الذي يستحوذ عليه نواب «الإخوان») الذي قرر عدم إحالته إلى الأزهر الشريف وأرسله للرئيس مرسي».

ويرجح أن يصطدم مشروع قانون الصكوك الذي يناقشه الأزهر حاليا بجماعة الإخوان، خاصة بعد تجاهل مجلس الشورى عرضه على هيئة كبار العلماء بالأزهر، فقد واجه مشروع القانون في المرة الأولى رفضا من وزير المالية السابق ممتاز السعيد وأيده فيه الأزهر، وقررت الحكومة الإطاحة بالسعيد وتعيين وزير مالية ينتمي إلى جماعة الإخوان، ونجحت بالفعل في تمرير القانون والموافقة عليه تشريعيا رغما عن تحفظات نواب التيار السلفي عليه.

وأضاف المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مظاهرات طلاب الأزهر التي طالبت أيضا بإسقاط الإمام الأكبر الدكتور الطيب، هدفت لإسقاط أحد أبرز معاوني الدكتور الطيب وهو رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامة العبد»، معتبرا أن الزج باسم الدكتور الطيب في حادثة التسمم نوع من الحرب النفسية من «الإخوان» ضد شيخ الأزهر لأسباب سياسية بعد فشل محاولاتهم في إقالته.

وقال المصدر المسؤول إن «اللجنة التي تم تشكيلها من علماء الفقه والشريعة وخبراء اقتصاد إسلامي لمناقشة قانون الصكوك، كانت تمارس عملها في أثناء المظاهرات التي طالت حتى مقر مكتب شيخ الأزهر بالمشيخة، كنوع من التأثير على أعضائها بالإسراع في إقرار الصكوك»، لكنه أكد في الوقت نفسه أن «هيئة كبار العلماء، التي يرأسها شيخ الأزهر، سترفع تقريرها بملاحظاتها بالرأي الشرعي في مشروع قانون الصكوك بكل دقة دون التأثير عليها من أحد، للرئيس مرسي لاتخاذ ما يراه مناسبا».

وتختص هيئة كبار العلماء، بحسب الدستور الجديد، بانتخاب شيخ الأزهر، من بين أعضائها، عند خلو منصبه، وترشيح مفتي الديار المصرية، والبت في المسائل الدينية ذات الطابع الخلافي، والقضايا الاجتماعية التي تواجه العالم الإسلامي بعد أن يقدم مجمع البحوث الإسلامية رأيه فيها.

ويرى مراقبون أن الحملة النفسية التي شنها «الإخوان» على شخصية الطيب منذ اعتلائهم سدة الحكم، مردها تصفية حسابات قديمة بين الشيخ الطيب و«الإخوان» منذ أن كان رئيسا لجامعة الأزهر وموقفه من طلاب «الإخوان» في القضية المعروفة إعلاميا بـ«ميليشيات طلاب (الإخوان)» التي زجت بعدد من قياداتها في السجن من بينهم خيرت الشاطر ناب المرشد، وأنهم - أي «الإخوان» - استغلوا حادث تسمم الطلاب للإطاحة بالطيب، وهو ما أكده عبد الغني هندي، المنسق العام للحركة الشعبية لاستقلال الأزهر، قائلا إن «(الإخوان) استخدموا أحداث المدينة الجامعية لتحقيق أغراض، وإن المظاهرات التي حدثت أمام مكتب الإمام الأكبر صادرة بتعليمات من مكتب إرشاد الجماعة، وإن هناك قيادات طلابية إخوانية تطاولت على قامة شيخ الأزهر».

من جانبها، قالت مصادر داخل الأزهر، تحدثت معها «الشرق الأوسط» أمس، إن تصاعد النبرة الثورية للأزهر مؤخرا، خاصة في قانون الصكوك وزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والتقارب مع التيار السلفي، عكس محاولات استعادة دوره القيادي، وهو ما من شأنه تقليص الدور الدعوي لـ«الإخوان»، وإن الخلاف بين الأزهر و«الإخوان»، رغم بقائه في أمور محددة مثل الصكوك مؤخرا وقبلها الجمعية التأسيسية للدستور، فإنه في حقيقة الأمر يمتد إلى أن الأزهر في طليعة القوى المناوئة للحكم الإخواني، لا سيما أن الكثير من قياداته، وعلى رأسها الدكتور الطيب، يرون أن الدولة يجب أن يبقى طابعها مدنيا.

وسبق أن اتهمت قيادات في مشيخة الأزهر، «الإخوان» بممارسة الضغط الشعبي من أجل الدفع بالدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المقيم بقطر، في منصب شيخ الأزهر. وينص الدستور المصري على أن اختيار منصب شيخ الأزهر يكون من هيئة كبار العلماء وعددهم 24، من بينهم القرضاوي.

وقالت المصادر إن «جماعة الإخوان سوف تحتشد للفوز بمنصب رئيس جامعة الأزهر الجديد، وسوف تطرح بقوة مرشحين ينتمون إلى الجماعة في القاهرة والمحافظات». ولم يستبعد المصدر أن تكون معركة رئاسة جامعة الأزهر قوية، خاصة مع إصرار علماء الأزهر على عدم الزج باسم المؤسسة الدينية الأولى في العالم الإسلامي التي يعود تاريخها لألف عام، في صراعات سياسية وفكرية بعيدا عن منهجها الوسطي المعتدل.

وأقال المجلس الأعلى للأزهر، أول من أمس، رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامة العبد على خلفية حالات التسمم التي تعرض لها طلاب المدينة الجامعية التابعة للأزهر.

ويؤكد مراقبون، أن جماعة الإخوان سوف تدفع بقوة الدكتور عبد الرحمن البر أستاذ علم الحديث بكلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر بالمنصورة، والمعروف إعلاميا بمفتي جماعة الإخوان المسلمين وعضو مكتب إرشاد الجماعة، في منصب رئيس الجامعة، خاصة بعد فشلها في الدفع به لمنصب مفتي الديار المصرية عند خلوه في شهر فبراير (شباط) الماضي.

وهذا الطرح هو ما أشار إليه الدكتور أحمد عارف، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين أمس، قائلا إن «الجماعة يحق لها الدفع بأي مرشح لمنصب رئيس جامعة الأزهر، وإنه من حق الدكتور عبد الرحمن البر الترشح للمنصب رئيسا لجامعة الأزهر». بينما أكدت مصادر مطلعة داخل جماعة الإخوان وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، أمس، أن «قيادات داخل الجماعة كثفت اتصالاتها مع الرئيس مرسي لترشيح البر، لتولي رئاسة جامعة الأزهر بدلا من العبد قبل قيام المجلس الأعلى للأزهر بإقالته».

وفي السياق ذاته، بدأت لجنة وضع قواعد انتخابات رئيس جامعة الأزهر أول اجتماعاتها أمس، وسوف تقوم اللجنة باقتراح ومناقشة إجراءات انتخاب رئيس الجامعة لأول مرة بجامعة الأزهر وفق الدستور المصري، حيث كان في السابق يعين رئيس جامعة الأزهر من جانب رئيس الدولة مباشرة، بعد الرجوع إلى شيخ الأزهر فقط كي يزكي اسما واحدا ثم ينظر الرئيس في تعيينه.