الضفة تودع 3 من أبنائها على وقع مواجهات مستمرة

أبو مازن يحمل إسرائيل مسؤولية مقتل شابين «وما يجري اليوم وغدا وبعد غد» .. واتهمها بإثارة الفوضى

TT

حذرت الرئاسة الفلسطينية من عواقب التصعيد الإسرائيلي الأخير في الضفة الغربية، قائلة إنه أمر لا يمكن السكوت عنه، بينما بدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إجراء اتصالات مع جهات دولية لحثها على الضغط على إسرائيل بعد قتلها متظاهرين في طولكرم (شمال الضفة الغربية) كانوا يحتجون على وفاة أسير فلسطيني قضى بمرض السرطان.

وقال أبو مازن: «إن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن التصعيد في الأرض الفلسطينية، باستعمالها القوة القاتلة ضد المتظاهرين». وأضاف في مداخلة أمام المجلس الثوري، المنعقد في مقر الرئاسة برام الله أمس: «يبدو أن إسرائيل تسعى إلى بلبلة الأجواء وإثارة الفوضى في الأرض الفلسطينية، نحن نرى كيف أن مظاهرات سلمية تنتج شهيدين، وقبلها شهيد وقبلها شهداء، وبعدها يعلم الله ماذا يجري». وتابع القول: «هذه التصرفات تعني أن إسرائيل تريد تصعيد الوضع الأمني في الأرض الفلسطينية، لأنها لو كانت حريصة على الأمن والعلاقات لما استعملت القوة القاتلة ضد المتظاهرين».

وأردف: «بالأمس، تحدثنا بشكل مفصل ومرير عن الشهداء الأسرى، وحملنا إسرائيل المسؤولية عن هذه التصرفات، ليس فقط الإجراءات التي اتخذت لمنعهم من الذهاب إلى العلاج، لكن الاحتفاظ بهؤلاء الأسرى دون وجه حق إلى يومنا هذا، ومساء أمس سقط شهيدان آخران في مدينة طولكرم، وبالتالي فإن إسرائيل هي التي تتحمل المسؤولية أولا وأخيرا، ليس فقط عما يجري اليوم، إنما عما يجري غدا وبعد غد».

ومضى يقول: «يبدو أنهم يريدون أن تصل الأمور إلى هذا الحد، يريدون أن يتملصوا من التزاماتهم المكتوبة والموقع عليها، وأن يعكسوا التيار بالاتجاه الذي يريدون.. هذا بالتأكيد ما يريدونه لأننا منذ البداية نقول إننا حريصون على الأمن، حريصون على الاستقرار واستتباب الأمور، ومع ذلك فإن إسرائيل في كل مناسبة تستعمل هذه القوة القاتلة ضد المتظاهرين الشباب السلميين، والمظاهرات السلمية تقمع بقوة السلاح، وهذا لم يعد مقبولا على الإطلاق.. نحن نحملهم كل المسؤولية في ما جرى ويجري اليوم وغدا وبعد غد».

وجاء حديث أبو مازن على وقع توتر كبير يسود الضفة الغربية التي أمضت يومها أمس في توديع 3 فلسطينيين في جنازتين كبيرتين ومهيبتين في طولكرم والخليل، قبل أن تتفجر مواجهات عنيفة في معظم مدن الضفة. فقد شيعت طولكرم الشابين عامر نصار (17 عاما)، وناجي بلبيسي (18 عاما)، اللذين كانا صديقين منذ الطفولة، وقتلا أثناء مواجهات مع الجيش الإسرائيلي عند حاجز عناب العسكري شرق المدينة، بينما شيعت الخليل جثمان الأسير اللواء ميسرة أبو حمدية، (64 عاما)، الذي توفي في أسره بمرض السرطان جراء الإهمال الطبي الإسرائيلي له.

وأعلن وزير شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، أمس، نتائج التشريح الأولي الذي جرى لجثمان أبو حمدية في معهد الطب العدلي بأبو ديس بمشاركة أطباء من الأردن، قائلا إنه تعرض لإهمال طبي متعمد منذ سنوات طويلة. وأضاف قراقع: «إن النتائج تشير إلى أن مرض السرطان منتشر في كافة أنحاء جسد الأسير ميسرة دون استثناء بما فيها الأعضاء الداخلية وقد وصل إلى العظم، وإن العمر الزمني لهذا المرض سنوات».

وتابع: «إن إدارة وأطباء السجون لم يقدموا العلاج السليم والصحيح للأسير ميسرة منذ أن بدأ يشكو من آلام في جسمه منذ عام 2003. وإن كافة الأدوية التي أعطيت له ليست أكثر من مسكنات حتى قبل استشهاده».

واتهم قراقع أطباء السجون بالمشاركة في الجريمة، وقال: «إنهم غير مؤتمنين على حياة الأسرى ويخالفون القواعد المهنية والأخلاقية في أداء عملهم كأطباء، ومعظمهم من المتدربين ويخضعون لسيطرة وإشراف أجهزة الأمن الإسرائيلي وليس لوزارة الصحة».

إلى ذلك، قالت الرئاسة الفلسطينية إن إمعان الحكومة الإسرائيلية في هذا التصعيد لا يمكن السكوت عنه. وحمل الناطق باسمها نبيل أبو ردينة «الحكومة الإسرائيلية، مسؤوليته وتداعياته الخطيرة على الجهود الأميركية والدولية لاستئناف المفاوضات». وتابع في بيان «إن هذا التصعيد يؤكد أن هذه الحكومة اليمينية لا تنظر للواقع إلا من خلال القوة الغاشمة، ومن خلال سياسة الاستيطان والتهويد والتوسع التي تدمر كل فرص السلام ومبدأ حل الدولتين الذي يلقى إجماعا دوليا».

كما أدان رئيس الوزراء سلام فياض، إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين سلميا. وقال في بيان: «إن مثل هذه الجرائم التي تمارس يوميا ضد شعبنا تستوجب، في ما يتجاوز الإدانة من المجتمع الدولي، تدخلا فوريا لإلزام إسرائيل وقف هذه الاعتداءات الخطيرة على أبناء شعبنا، وتوفير الحماية لهم من جبروت الاحتلال وإرهاب مستوطنيه».