الرئيس الفرنسي: المغرب استبق «الربيع العربي» واقتراحه للصحراء جدي

هولاند يضع شروطا لتسليح المعارضة السورية وينتقد «انقساماتها وملاسناتها»

TT

تطرق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى معظم القضايا العربية والإقليمية في ندوة صحافية حاشدة، عقدها في ختام زيارته إلى المغرب، وأرضى هولاند مضيفيه المغاربة الذين خصصوا له استقبالا استثنائيا عندما قال إن المغرب «لم يعرف الربيع العربي لأنه استبقه».

وفي الشأن السوري ربط الرئيس الفرنسي بين تسليح المعارضة السورية واستجابتها إلى شروط، أولها توحيد المعارضة السورية والاعتراف بها، والثاني ضمان عدم وقوع الأسلحة في أيادي جماعات قد تستعملها فيما بعد ضد المصالح الأوروبية.

وأكد فرنسوا هولاند، خلال الندوة الصحافية التي عقدها في الرباط الليلة قبل الماضية، أن الاتحاد الأوروبي سيمدد الحظر المفروض على سوريا حتى مايو (أيار) المقبل. وقال: «إن قرار تمديد الحظر حتى مايو سيتم اتخاذه على المستوى الأوروبي؛ لأن هناك شروطا يجب أن تتحقق قبل رفعه». وأضاف أن الشرط الأول هو أن تكون المعارضة موحدة. وزاد قائلا: «عملنا من أجل الاعتراف بهذه المعارضة، لكن في الفترة الأخيرة كان هناك عدد من الانقسامات والملاسنات والنقاشات».

وأضاف: «أما الشرط الثاني الذي نطرحه، وهو أمر ضروري، ففي حالة رفع الحظر لا يمكن أن نسمح بتسليم أسلحة إلى جماعات نتخوف أن تستعملها فيما بعد، بما في ذلك ضد مصالحنا. لهذا نحن حاليا نعمل على أن تنتظم المعارضة السورية ويتم الاعتراف بها، وأيضا من أجل أن يتم خلال هذه الفترة الضغط على المستوى السياسي من أجل».

وقال هولاند: «نحن نتمنى حلا سياسيا في سوريا، ونبحث عنه منذ شهور؛ فهناك مائة ألف قتيل منذ سنتين. ونعمل كل ما يلزم من أجل أن يفهم النظام السوري أن عليه ترك المكان. ونحاول إقناع الروس من أجل تدعيم هذا الانتقال السياسي. بالموازاة مع ذلك لدينا على المستوى السياسي الدليل على أن النظام يسحق الشعب بالأسلحة، وقلنا بأن وضعية انعدام التوازن هذه لا تحتمل».

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن التطورات في منطقة غرب أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط شكلت أبرز المواضيع التي تباحثها مع المسؤولين المغاربة.

وأضاف أن هدف الزيارة أيضا، على مستوى التعاون الاقتصادي، هو إبراز المصلحة المشتركة لرجال الأعمال من البلدين في «التوطين المشترك» للمشاريع، والتعاون من أجل غزو الأسواق الأفريقية.

وقال هولاند إنه بحث مع المسؤولين المغاربة، خاصة مع سعد الدين العثماني وزير الخارجية، أزمة الساحل وما سيتبع العملية العسكرية الفرنسية في مالي، والتدخل الحالي لمجلس الأمن عبر عملية حفظ السلام في مالي، بالإضافة إلى التذكير بالأهمية التي توليها فرنسا للمنطقة المتوسطية كإطار للتعاون عالي المستوى بين أوروبا والبلدان المغاربية، وتأكيده على رغبة فرنسا في إيجاد حل تفاوضي للقضية العالقة للصحراء، واعتبر أن الاقتراح المغربي بشأن الصحراء يشكل عرضا يتميز بالجدية والمصداقية.

وفي رده على سؤال حول الربط بين نزاع في الصحراء وأزمة الساحل، أشار الرئيس الفرنسي إلى أن «عدم الاستقرار في منطقة الساحل يهدد بخطر تفاقم النزاعات العالقة في المنطقة، التي قد تغذي سلسلة عدم الاستقرار والإرهاب». وقال: «سيأتي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة قريبا إلى المنطقة، وإلى المغرب، من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن والبحث عن حل تفاوضي لنزاع الصحراء. وأعتقد بالفعل، مع كل ما يحدث في الساحل، أنه يجب علينا العمل بمزيد من الإصرار والاستعجال لحل قضية الصحراء التي تعتبر الآن مفتوحة، مع كل الآلام التي نعرفها، والتي يعانيها السكان منذ أكثر من 30 سنة».

وحول التحولات السياسية التي يعرفها المغرب، قال الرئيس الفرنسي إن الأمر يتعلق بمسلسل ذي نفس طويل انطلق قبل عشر سنوات، واستمر في التطور والتقدم في هدوء واستقرار بفضل بعد نظر العاهل المغربي الملك محمد السادس، ولأن الأحزاب المغربية كانت على مستوى مسؤولياتها.

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن المغرب «لم يعرف الربيع العربي لأنه استبقه». وقال إنه قطع أشواطا في مجال إرساء التعددية وحرية التعبير. وعبر عن أمله في تسريع وتيرة الإصلاحات في المغرب ليعزز مكانته كنموذج وكمثال يحتذى في هذا المجال.

ولم تغب عن الندوة الصحافية ظلال الأزمة السياسية في فرنسا، التي فجرها الكشف عن حسابات سرية وأعمال خارج القانون لكل من وزيره في المالية جيروم كاهوزاك ومدير صندوق حملته الانتخابية جان جاك أوجيه.

وفي رده عن سؤال حول ما إذا كان يعتزم إجراء تعديل حكومي بعد فضيحة وزير المالية، نفى هولاند أي تأثير لفضيحة جيروم كاهوزاك على سير الحكومة. وأشار إلى أن الأمر يتعلق بقضية فردية لا دخل للحكومة فيها، وأن الوزير كاهوزاك تمت إقالته منذ انطلاق البحث القضائي في قضية توفره على حساب سري في الخارج وتهربه من الضرائب. وقال: «ما حدث شكل لنا صدمة قوية، رجل في الحكومة يكذب ليس فقط على رئيس الدولة والوزير الأول، بل على البرلمان، وفي موضوع حساب غير مصرح به. لقد شكل صدمة قوية. والأمر يتطلب قرارات سبق وأعلنت عن بعضها».

وأضاف هولاند أنه عازم على الذهاب أبعد ما يكون في هذه القضية، والتطبيق الصارم للقوانين الموجودة، وإصدار قوانين جديدة إذا ما تطلب الأمر ذلك، مشيرا إلى أنه حان الوقت لوضع حد لسلسلة الفضائح التي عرفتها فرنسا والتي تتابعت في السنوات الأخيرة. وقال: «قانونيا نحتاج مواصلة تخليق الحياة السياسية، وكذلك الحياة الاقتصادية وتعزيز استقلال القضاء».

وفي أول رد فعل على قضية مدير صندوق حملته الانتخابية جان جاك أوجيه، الذي تم الكشف عن كونه مساهما في شركتين لديهما حسابات مصرفية حرة في جزر الكايمان، قال هولاند إنه ليس على علم بهذه الحسابات، وإن على إدارة الضرائب أن تتخذ الإجراءات اللازمة إذا كانت هذه الحسابات خارج القانون.

وأضاف أنه حرص على أن تكون حسابات حملته الانتخابية نظيفة، وعلى خضوعها لمراقبة المؤسسات المختصة ومطابقتها للقانون.