المستوطنون يطالبون بمحاكمة صحافية إسرائيلية ايدت قذف الحجارة

قائد الجيش الإسرائيلي: قذف الحجارة عمل إرهابي

TT

تقدمت قيادة مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بشكوى إلى الشرطة الإسرائيلية ضد الصحافية عميرة هس، تطالب باعتقالها ومحاكمتها بتهمة التحريض على قتل المستوطنين وأطفالهم. كما توجهت إلى هيئة تحرير صحيفة «هآرتس» بطلب طردها من العمل.

وجاءت هذه الشكوى في أعقاب نشر الصحافية هس مقالا في صحيفة «هآرتس»، أول من أمس، تحلل فيه قيام الفتية الفلسطينيين بقذف المستوطنين وجنود الاحتلال بالحجارة. وقد ناشد المستوطنون ألوف المواطنين اليهود أن يتقدموا بشكاوى مشابهة في الشرطة، حتى تضطر إلى معاقبة هذه الصحافية.

وتلقى المستوطنون دعما لموقفهم من قائد قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في الضفة، العميد حجاي مردخاي، الذي اعتبر قذف الحجارة «عملا إرهابيا بامتياز» ورفض التعامل معه بتساهل.

وكانت هس، مراسلة «هآرتس» في الضفة الغربية، قد كتبت مقالا في أعقاب قيام قوات الاحتلال بمحاكمة الشاب الفلسطيني وائل العرجة بتهمة إلقاء الحجارة على سيارة مستوطنين، في شهر سبتمبر (أيلول) 2011 قرب الخليل، مما تسبب في تدهور سيارتهم ومقتل الأب وإصابة طفلته بجراح خطيرة. فطلبت النيابة الحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين. وقد جاء في مقال هس أن «إلقاء الحجارة حق وواجب لكل فرد في العالم تحت الحكم الأجنبي.. إلقاء الحجارة تبسيط وكناية عن المقاومة».

وقالت: «إن قوات الاحتلال تتعامل بقسوة شديدة وبمقاييس غير عادلة مع قاذفي الحجارة، وتسمح لنفسها باعتقال أطفال في سن ثمانية أعوام بتهمة إلقاء الحجارة. ويتعرض هؤلاء الأطفال للضرب والتعذيب في المعتقلات الإسرائيلية، ويتفنن الجنود أبناء 19 سنة والضباط حتى جيل 45 سنة في تعذيب هؤلاء الأطفال والتنكيل بهم. وهم يفعلون ذلك ليس فقط بلا رحمة، بل من دون أن يأخذوا في الاعتبار ظروف قذف الحجارة ومعاناة الأولاد الذين قذفوها؛ فقد يكون هؤلاء غاضبين على ممارسات الاحتلال ضد شعبهم بشكل جماعي أو ضد أحد أفراد عائلاتهم. فهناك معاناة يومية، بل معاناة ساعة بساعة. وهناك ملل لدى الناس، ويأس وألم وقنوط. والهدف من قذف الحجارة ليس القتل، بل توصيل رسالة إلى الجيش الذي يحتل بلادهم والمستوطنين الذين يحتلون أرضهم، بأنهم لم يعودوا يتحملون الاحتلال وشروره، وأنهم لن يسكتوا على اللامبالاة في المجتمع اليهودي لمعاناتهم؛ فالإسرائيليون يبدون كالعميان إزاء ما تراه عيونهم يوميا من معاناة الفلسطينيين من جراء القمع الاحتلالي، والفلسطينيون يريدون أن يزعزعوا أركان المجتمع الإسرائيلي لعله يصحو».

يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي وضعت لنفسها هدفا بأن تنشر جوا إرهابيا يردع الأطفال الفلسطينيين عن قذف الحجارة منذ أواسط السنة الماضية. وشنت حملة شرسة ضد الأطفال القصر، وأقدمت على اعتقال العشرات منهم في محافظات الضفة الغربية والقدس.

وحسب تقرير رسمي في وزارة الأسرى في السلطة الفلسطينية، أنه منذ بداية عام 2013 تم اعتقال مائتين وسبعة أطفال، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و17 عاما، أكثر من سبعين منهم اعتقلوا بذريعة رشقهم الحجارة باتجاه سيارات المستوطنين، مشيرا إلى أنه «لا يزال يقبع في سجون الاحتلال (235 طفلا) حتى اليوم».

وورد في التقرير أن ما يزيد على 1518 طفلا استشهدوا منذ بداية انتفاضة الأقصى في نهاية عام 2000 ولغاية 31 مارس (آذار) 2013، وبين أن أكثر من 6000 طفل أصيبوا بجروح مختلفة نتيجة الاعتداءات عليهم من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين منذ بداية انتفاضة الأقصى في عام 2000.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد أصدرت تقريرا قبل شهر ونيف حذرت فيه من أن «الأطفال الفلسطينيين المعتقلين وفق النظام العسكري الإسرائيلي يتعرضون لسوء معاملة منتشر ومنتظم وممنهج».

وأوصت المنظمة، في تقرير لها ورد في 22 صفحة، بأن تتخذ تدابير كفيلة بأن تجري معاملة الأطفال الفلسطينيين المحتجزين لدى السلطات العسكرية الإسرائيلية بما يتماشى مع اتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المعايير الدولية. واعتمدت الوثيقة على تحليل الإطار القانوني وعلى شهادات من الأطفال أنفسهم عن انتهاكات الحقوق التي تعرضوا لها أثناء الاحتجاز، مشيرة إلى أن هناك، على ما يبدو، نمطا من سوء المعاملة يجري اتباعه أثناء اعتقال الأطفال ونقلهم واستجوابهم.

وتضمنت الوثيقة سلسلة من التوصيات الرامية إلى تحسين حماية الأطفال بما يتوافق مع المعايير الدولية، مثل حظر عصب العينين والحبس الانفرادي للأطفال.

أوصت الوثيقة أيضا بأن لا يتم اعتقال الأطفال في الليل، ما لم توجد دواع قصوى لذلك، وأوصت بضرورة وجود محام أو أحد أفراد أسرة الطفل أثناء استجواب الأطفال المشتبه بهم.