لاجئو الخارج ونازحو الداخل توحدهم المعاناة والأمل

نصفهم من الأطفال.. والمساعدات لا تكفي عشرهم

TT

تداعى السوريون لإطلاق عبارة «لاجئون.. والشرف والكرامة عنواننا»، كشعار لجمعتهم 108 في عمر الثورة السورية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وتأتي هذه التسمية بعدما ضنكت الدول المجاورة بالسوريين الفارين من المعارك في بلادهم، إذ يطالب مسؤولون ونواب في الأردن ولبنان والعراق وتركيا بضرورة إيجاد حل لأزمة اللاجئين في ظل غياب أي إشارات على أي تحلحل في الملف السوري.

وبين اللجوء والنزوح تشرد ربع الشعب السوري، ولم يعودوا يذوقون طعم الاستقرار في ظل افتقادهم الغداء والدواء، والمسكن والملبس، والجهات الداعمة التي تفعل ما تقول. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في دول الجوار ما يقارب المليون، يتوزعون بشكل أساسي بين الأردن ولبنان وتركيا وكردستان العراق. وبحسب إدارة الطوارئ التابعة لرئاسة الوزراء التركية، بلغ عدد اللاجئين السوريين الوافدين لتركيا نحو 188 ألفا و529 لاجئا، وإذا كان هناك من يعتبر هؤلاء «لاجئي الخمس نجوم» مقارنة مع مواطنيهم في لبنان والأردن والداخل، فليس الحادث الأخير الذي أدى إلى ترحيل 600 لاجئ غداة قمع الشرطة العسكرية التركية تظاهرات في مخيم احتجاجا على سوء الظروف المعيشية، إلا صورة تعكس الوضع الإنساني المتردي الذي يعيشه هؤلاء.

أما في لبنان، حيث يتباين العدد بين جهة وأخرى، لا سيما أنه لم يتم اتخاذ قرار بجمعهم في مخيمات باستثناء تلك التي أنشئت في البقاع، فيتوزع الـ700 ألف لاجئ، وفقا لوزارة الشؤون اللبنانية، بين منطقة الشمال والبقاع.

أما عن الداخل السوري، فقد أفادت ريم السالم، مسؤولة في المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بأن عدد المهجرين قسرا بلغ نحو 4 ملايين، مضيفة أن الأرقام السابقة لبرنامج المساعدة الإنسانية لسوريا «لم تعد تعكس الوضع المتغير بسرعة»، ومؤكدة أن «الأمم المتحدة تعمل مع شركائها على إعادة النظر في الأرقام والأجوبة الواجب تقديمها قبل نهاية السنة».

وتخفيفا للعبء على الدول المحيطة بسوريا، اقترح مؤخرا رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان إقامة مخيمات للأعداد الإضافية من اللاجئين السوريين داخل الأراضي السورية بعيدة عن مناطق الاشتباكات، وتكون محمية من قوات تابعة للأمم المتحدة، أو أن يصار إلى توزيعهم على دول «شقيقة وصديقة» من خلال مؤتمر دولي يعنى بعددهم وكيفية توزيع الأعداد الإضافية منهم.

وفي هذا الإطار، فقد أكد أديب الشيشكلي، المنسق العام لوحدة الدعم الإغاثي والإنساني في الائتلاف الوطني لقوى الثورة، أن الأطفال من هم دون الـ11 سنة، يشكلون 50 في المائة من عدد اللاجئين، ويعانون من مشكلات عدة، وأهمها نقص المواد الغذائية الأساسية كالحليب والأدوية، إضافة إلى حرمانهم من التعليم للسنة الثانية على التوالي.

ويقول الشيشكلي لـ«الشرق الأوسط»: «يعتبر وضع اللاجئين في تركيا هو الأفضل مقارنة مع أوضاع اللاجئين في لبنان والأردن والداخل السوري، نظرا إلى توزيعهم في مخيمات، الأمر الذي يجعل تأمين متطلباتهم يتم بشكل أفضل، إضافة لإحصائهم بشكل دقيق»، مضيفا «فيما يبقى الوضع السياسي في لبنان هو الذي يتحكم في مصير هؤلاء الذين يقيم عدد كبير منهم لدى عائلات لبنانية أو يستأجرون بيوتا، فيما عدد كبير آخر يقف غير قادر على تأمين مأوى ومأكل».

وفي ظل إعلان برنامج الأغذية العالمي عن أن المعارك تعوق وصول المساعدات إلى النازحين في الداخل السوري، لفت الشيشكلي إلى أن المشكلة والمعاناة الأكبر تكمن في وضع المواطنين السوريين الذين لا يزالون يصارعون من أجل البقاء في الداخل السوري، في ظل الافتقاد إلى مسكن وعمل وغذاء وأي مدخول مادي. ويشير الشيشكلي إلى أن المساعدات التي تحصل عليها وحدة الدعم التي يرأسها لا تؤمن أكثر من 15 في المائة من حاجيات النازحين في كل البلدان، لا سيما أن الدول المانحة التي سبق لها أن أعلنت أنها ستقدم مليارا ونصف المليار كمساعدات لا تقوم بواجبها.

ووفقا للمستشار الإعلامي في رئاسة إدارة الطوارئ والكوارث التركية مصطفى أيدوغدو، فإن تدفق اللاجئين السوريين على المخيمات بتركيا يتفاوت من يوم لآخر حسب شدة القصف والقتال داخل الأراضي السورية، فأحيانا لا يلتحق أي لاجئ بالمخيمات، وفي أحيان أخرى يدخلها خمسون ألف لاجئ في يوم واحد.

وعن المشاكل التي تعانيها تركيا مع ازدياد تدفق اللاجئين السوريين، يفيد مسؤول بوزارة الخارجية التركية بأن أكثر ما يثقل كاهل تركيا هو المصاريف الخاصة بتوفير الرعاية للاجئين السوريين في جميع المجالات من مأوى وتعليم وخدمات صحية، واصفا كل مخيم بأنه مدينة متكاملة. وأشار إلى تجهيز المخيمات بكل ما تحتاجه أي مدينة من كهرباء وماء وغيرها من المرافق التي يحتاجها اللاجئون للعيش داخلها، مما يستنزف مصاريف كبيرة لا تستطيع تركيا وحدها تحملها. ويؤكد المسؤول التركي أن المساعدات، رغم النداء الذي وجهته تركيا للمجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، تبقى قليلة مقارنة بما يتطلبه الوضع.

وتطرق المسؤول التركي إلى تزايد عدد المواليد الجدد، إذ تجاوز عدد الرضع حديثي الولادة في المخيمات 2800 رضيع، في وقت لا تجد فيه الحكومة التركية أعدادا كافية من الأطباء الناطقين بالعربية للعمل في المخيمات، مما يضطرها لاستيفادهم من الخارج. وتنطبق هذه المشكلة على قطاع التعليم وتوفير المدرسين المناسبين.