البيت الأبيض يستقبل 4 قادة من المنطقة والمباحثات تشمل الأزمة السورية

الأسد يحذر من «تأثير الدومينو» في حال سقوط نظامه

مقاتل يرمي قنبلة يدوية على قوات نظامية في مدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

بعد سلسلة الانتقادات اللاذعة التي وُجهت لواشنطن بسبب إهمالها لملفات الشرق الأوسط، تتجه الإدارة الأميركية لتقسيم ملفات هذه المنطقة الحساسة بين الخارجية الأميركية والبيت الأبيض، على أن يتولى ملف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وزير الخارجية جون كيري، بينما سيتولى الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصيا ملف الأزمة السورية.

ويرى مراقبون أن أوباما يحاول اتباع منهج جديد فيما يخص مساعدة الثورة السورية في سعيها لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وتاليا إعادة الاستقرار إلى المنطقة التي باتت على شفير الانزلاق نحو الفوضى، وسط غياب الحلول السياسية للأزمة والاستنزاف البشري في سوريا. ويسعى أوباما لإمساك خيوط الحل والاستماع لمقترحات قادة شرق أوسطيين، ورسم الخطط معهم، بشكل ثنائي، في عاصمة بلاده، بعيدا عن الضغط الإعلامي والأجواء المشحونة بالتوتر التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط.

ويصف الدكتور رضوان زيادة المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن توزيع الملفات الشرق متوسطية بين الخارجية الأميركية والبيت الأبيض بـ«الطبيعي ضمن الوضع الراهن»، معللا ذلك بالقول: «ليس هناك أي تطورات في الملف الفلسطيني، مما يعني عدم وجود قرارات تحتاج لأن يوافق عليها النظام. أما في الحالة السورية، فهناك خطط لتسليح المعارضة، وهناك خطط لضربات عسكرية، وبالتالي فالأمر مرهون بموافقة القائد العام للجيش والقوات المسلحة، الذي هو رئيس الجمهورية».

ويبدو جدول مواعيد الرئيس الأميركي في النصف الثاني من هذا الشهر مزدحما باللقاءات مع القادة العرب؛ إذ يستقبل أوباما في 16 أبريل (نيسان) الحالي ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ومن ثم يلتقي بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في 23، وفي 26 أبريل سيجتمع بالعاهل الأردني عبد الله الثاني في البيت الأبيض، على أن يستقبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أرودغان في 16 مايو (أيار) المقبل.

وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» عن هذه الزيارات وغيرها، قال مصدر في البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما وجه، مع بداية رئاسته الثانية، دعوات لعدد من قادة دول المنطقة لزيارة واشنطن، وحسب جدول الرئيس أوباما وجدول كل قائد، تحدد الزيارة.

وقال المصدر إن أوباما ربما سيزور دولا أفريقية في الصيف، لكن لا يوجد في جدوله زيارة قريبة للشرق الأوسط مرة أخرى بعد جولة الشهر الماضي، لهذا يتوقع أن يزور واشنطن قادة آخرون من الشرق الأوسط.

في الوقت نفسه، قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن القادة الذين سيزورون واشنطن خلال الأسابيع القليلة القادمة لن يفعلوا ذلك فقط بسبب سوريا، ولكن هناك علاقات قوية تربط الولايات المتحدة بهذه الدول، ولا بد أن كل زيارة ستشمل سوريا، لكن ستكون هناك العلاقات الثنائية مع كل دولة، والوضع العام في المنطقة. وقال: «ليست فقط عن سوريا، ولكن تشمل سوريا». وأضاف أن هناك مواضيع أخرى، مثل «زيارة الرئيس مؤخرا إلى الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، والتطورات العامة لربيع العرب».

كما أعلن البيت الأبيض، أمس، أيضا أن الوضع في سوريا سيتصدر جدول أعمال محادثات بين أوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 11 أبريل بالمكتب البيضاوي.

وفي سياق متصل، قالت مصادر أميركية إن البنتاغون رفع إلى وزير الدفاع تشاك هاغل وأوباما خطة لضرب طائرات الجيش السوري وهي على الأرض، وأيضا عن طريق صواريخ «باتريوت» عندما تقترب من الحدود مع تركيا.

وقالت المصادر إن كيري، الذي يزور المنطقة للمرة الثالثة في أقل من شهر، يحمل أفكارا عن الخطة، لكنه لن يلتزم بها لأن الرئيس أوباما لم يوقع عليها بعد. وتفيد التسريبات الصادرة عن البيت الأبيض بأن «حالة التردد» التي ظلت مصاحبة لسياسية أوباما باتجاه الملف السوري طوال السنتين الماضيتين بدأت بالتلاشي، في ظل المعطيات الجديدة على الأرض، سواء من ناحية سيطرة المعارضة السورية على مزيد من المساحات، أو من ناحية ميل مزيد من السوريين نحو «الأصولية»، بعد الشعور بخذلان المجتمع الدولي، أو من ناحية منع «الشرق الأوسط» برمته من الانزلاق في حرب «الكل ضد الكل»، التي باتت تلوح في الأفق.

ففي خطاب حمل لهجة الوعيد والتهديد، حذر الأسد، بالأمس، مما وصفه بـ«تأثير الدومينو» في حال سقوط نظامه، مؤكدا أن عدم الاستقرار سيستمر في دول الجوار «لسنوات، وربما عقود طويلة».

وأضاف الأسد في مقابلة مع قناة «أولوصال» وصحيفة «ايدنليك» بثتها صفحة المكتب الإعلامي في الرئاسة السورية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «الكل يعرف أنه إذا حصل في سوريا اضطراب وصل إلى مرحلة التقسيم أو سيطرة القوى الإرهابية في سوريا أو كلا الحالتين، فلا بد أن ينتقل هذا الوضع مباشرة إلى الدول المجاورة أولا، وبعدها بـ(تأثير الدومينو) إلى دول ربما بعيدة في الشرق الأوسط».

ويشير المعارض السوري إلى طرفين يضغطان على واشنطن لتبوء دور أكثر ريادية في الملف السوري؛ فمن ناحية هناك أصوات أميركية تجهر بـ«تقصير أوباما»، وفشل «مكتب مكافحة الإبادة الجماعية»، برئاسة سامانثا باور، في منع حصول كوارث إنسانية في سوريا، وهناك أيضا حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين الذين باتوا يخشون على «أمن المنطقة» بالعموم، في ظل تغيير التركيبة السكانية لبلادهم، مع وفود مزيد من اللاجئين السوريين لبلادهم.

ومن المتوقع أن يلتقي أوباما برئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب، إن بقي في منصبه، ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو، ورئيس هيئة الأركان اللواء سليم إدريس، في العاصمة البريطانية لندن، في منتصف شهر يونيو المقبل على هامش قمة الـ«8».