يومان من المفاوضات النووية بين إيران و5+1 يختتمان بـ«فجوة» و«مواقف متباعدة»

لا اتفاق على عقد اجتماع آخر.. وجليلي يتمسك بحق طهران في التخصيب إلى 20%

منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون وكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي في مؤتمرين صحافيين منفصلين في ألماتا أمس أعلنا خلالهما إخفاق المفاوضات (أ.ب) و(رويترز)
TT

تباعدت المواقف وزادت الفجوة اتساعا بين الغرب والجمهورية الإسلامية بعد مفاوضات استغرقت يومين في مدينة ألماتا بكازاخستان للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين حول الملف النووي الإيراني الذي يخشى الغرب من أهدافه العسكرية رغم نفي إيران الدائم لذلك.

وبعد اختتام المحادثات التي قادها من الجانب الإيراني سعيد جليلي كبير المفاوضين الإيرانيين وكاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عقد الجانبان مؤتمرين صحافيين منفصلين أعلنا خلالهما إخفاق المحادثات وعدم التوصل إلى نتيجة، وتحدث جليلي عن «فجوة» بين الطرفين وعنف الغرب داعيا إياه بلهجة حازمة إلى «تبنى سلوك مناسب في المستقبل».

وبدورها اعتبرت أشتون أن «التباعد لا يزال كبيرا» بين مواقف إيران والدول الكبرى في شأن البرنامج النووي لطهران.

وقال جليلي، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، للصحافيين في ألماتا بعد اختتام المباحثات إن هناك فجوة وقدرا من التباعد بين مواقف القوى العالمية وإيران. وأضاف في مؤتمره الصحافي «اقترحنا خطتنا للعمل ولم يكن الطرف الآخر مستعدا وطلب بعض الوقت لبحث الفكرة»، مضيفا أن الأمر الآن بيد القوى الكبرى لإظهار الرغبة في اتخاذ خطوات لبناء الثقة.

ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية عن جليلي قوله إن «إيران لها حق مشروع في تخصيب اليورانيوم سواء إلى 5 في المائة أو إلى 20 في المائة»، وأكد أن «إيران تعتبر أن تخصيب اليورانيوم هو حق واضح لها».

وتابع «يجب تعديل السلوك العدائي لبناء الثقة مع إيران»، معتبرا أن «الأمر الآن بيد القوى العالمية لإظهار الرغبة في اتخاذ خطوات مناسبة لبناء الثقة».

وتابع أن «البعض في السياسة يتخذ دور المدافع عن الكيان الصهيوني». ونصح الدول الغربية «بما فيها أميركا بعدم اتخاذ مواقف عدائية تجاه الشعب الإيراني».

من جهتها، أعلنت أشتون التي تدير مفاوضات مجموعة 5+1 (الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي وألمانيا) مع إيران أن «التباعد لا يزال كبيرا» بين مواقف الطرفين. وقالت إنه بعد يومين من «المفاوضات الطويلة والمكثفة، من الواضح أن مواقف الطرفين لا تزال متباعدة جدا». وأضافت أن الدول الأعضاء في مجموعة 5+1 وإيران لم تتوافق على موعد ومكان الاجتماع المقبل، وتابعت «توافقنا إذن على أن يعود جميع الأطراف إلى عواصمهم لتقييم المرحلة التي بلغتها عملية» التفاوض. وقالت أشتون أيضا «سأظل على اتصال بجليلي لتحديد مسار التحرك المقبل». وخلال الاجتماع السابق في ألماتا مع نهاية فبراير (شباط)، قدمت القوى الكبرى عرضا يلحظ «تعليق» قيام إيران بتخصيب اليورانيوم حتى نسبة عشرين في المائة وليس «وقفه».

كما طالبت الدول الست إيران بإغلاق موقع فوردو للتخصيب، الوحيد الذي لا يمكن ضربه عسكريا، وإرسال مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى الخارج.

وعرضت في المقابل تخفيف بعض العقوبات المفروضة على إيران على صعيد تجارة الذهب وفي قطاع البتروكيميائيات.

وفرضت الأمم المتحدة على الجمهورية الإسلامية مجموعة من العقوبات عززها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جانب واحد بحظر مصرفي ونفطي.

لكن إيران طالبت برفع العقوبات عن قطاع النفط وتحويلاتها المالية التي أضرت كثيرا باقتصادها، ومع بدء الجولة التفاوضية الجديدة شددت على الاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم وقدمت «اقتراحا مفصلا» يبدو أنه لم يقنع الدول الكبرى. وانطلقت الجولة الثانية للمحادثات بين إيران ومجموعة (5+1) الجمعة وشملت أربع جلسات.

وقال مصدر قريب من المحادثات إن إيران قدمت تفاصيل إضافية خلال الجولة الثانية حول مقترحاتها بشأن القيام بخطوات مشتركة، بحسب قناة «العالم» الإيرانية. وأضاف أنه تقرر أن يقوم مندوبو مجموعة 5+1 باستشارة قادتهم للرد على الجانب الإيراني.

وقبل بدء جولة أمس عقدت أشتون وجليلي لقاء ثنائيا في فندق في ألماتا حيث تجري المفاوضات. وقال مسؤول إيراني «لقد تطرقا بالتفاصيل إلى وضع المفاوضات الأخيرة وآخر وجهات نظر الطرفين»، وأضاف «لقد تبادلا أيضا وجهات النظر حول طريقة المضي قدما في المفاوضات».

والتقى الوفد الإيراني أيضا على حدة دبلوماسيين فرنسيين وصينيين قبل الجلسة الأولى التي انتهت بعد ثلاث ساعات من ظهر أمس. وقال دبلوماسي غربي إن المفاوضات ستستأنف بعد الظهر بعد تعليقها للغداء والصلاة.

وفي غضون ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس إن إيران والدول الست الكبرى أخفقت في التوصل إلى حل وسط في المفاوضات لكنها كانت «خطوة للأمام». وقال ريابكوف للصحافيين في ختام المحادثات «بالتأكيد كانت هذه المحادثات خطوة للأمام»، لكنه استدرك إلى القول «لم نتمكن من التوصل إلى حل وسط هذه المرة». وتابع ريابكوف بأنه من المبكر تحديد موعد أو مكان لمزيد من المحادثات.

وبدوره، أقر مسؤول أميركي رفيع بفشل المفاوضات إلا أنه قال إنها لم تنهر. ونقلت وكالة «رويترز» عن المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه في ختام المحادثات أمس «لم يتم إحراز تقدم كبير لكن أيضا لم يحدث انهيار للمفاوضات». ومضى المسؤول يقول إن القوى الكبرى تعتزم مواصلة الجهود الدبلوماسية لحل النزاع. وقال المسؤول إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت جولة جديدة من المحادثات ستعقد قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الجمهورية الإسلامية في يونيو (حزيران).

ويقول محللون إن الاستعدادات للانتخابات، من المرجح أن تزيد من صعوبة عملية اتخاذ القرار في طهران وتجعل تقديم تنازلات أمرا أصعب في النزاع المستمر منذ عشر سنوات بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وعندما سئل المسؤول الأميركي عما إذا كان اجتماع آخر سيعقد قبل الانتخابات الإيرانية، فقال: «لا نعرف. لا أستبعد ذلك».